صراع الأجنحة الحوثية في صنعاء يحرم مئات اليمنيين من أعمالهم

TT

صراع الأجنحة الحوثية في صنعاء يحرم مئات اليمنيين من أعمالهم

تسبب الصراع بين الأجنحة الحوثية على الأموال والنفوذ في حرمان المئات من اليمنيين من أعمالهم في صنعاء، حيث أقدم الجناح الذي يقوده أحمد حامد المعين مديرا لرئيس مجلس حكم الانقلاب على استحداث سوق لبيع الأسماك في ضواحي المدينة، وأمر بإغلاق واحدة من أقدم وأكبر الأسواق في قلب العاصمة تعيش مئات الأسر من عائداتها.
وتعد السوق المغلقة المعروفة بـ«البليلي» من أبرز أسواق بيع الأسماك وتسويقها في العاصمة المحتلة، حيث يقاوم السكان القرار بدعم من الجناح الآخر الذي يقوده عبد الكريم الحوثي عم زعيم الميليشيات ووزير داخليته، حيث نفذ المئات من العاملين والتجار في سوق البليلي المركزية وقفة احتجاجية كبرى أمام مكتب أحمد حامد في شارع الزبيري، كما ذهبوا إلى أمام مقر مجلس حكومة الانقلاب الحوثية للاحتجاج على القرار.
المحتجون طالبوا زعيم الميليشيات بالتدخل وإيقاف ما يتعرضون له من ظلم وتقطع ونهب لتجار الأسماك في مدخل صنعاء من طرف وزارة الثروة السمكية في حكومة الانقلاب، وأخذهم إلى شركة خاصة افتتحت سوقا جديدة ليس مرغوبا فيها بالقوة، في إشارة واضحة إلى جناح القيادي أحمد حامد الذي يتولى الإشراف على الأموال وتجارة الميليشيات وإدارة السوق السوداء لبيع المشتقات النفطية.
ورفع المحتجون لافتات كتب عليها «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»، وقالوا إن عددا من الشاحنات المحملة بالأسماك منعت من الوصول إلى سوق البليلي كما تعرض ملاكها للترويع، ووصفوا محاولات إجبارهم على الانتقال إلى السوق الجديدة التي أقيمت في منطقة الجرداء في الضواحي الجنوبية للمدينة بأنها «إجراء مخالف للقانون، ولا يستند إلى أدنى مسوغ قانوني».
وأوضحوا أن سوق البليلي افتتحت رسميا في عهد أمين العاصمة السابق أحمد الكحلاني كونه يقع في منطقة متوسطة بين أحياء المدينة، ويستوعب الكثير من الأيدي العاملة، وأن بيوتهم سوف تغلق ويحرمون من قوت يومهم إذا استمر ما وصفوه بـ«التصرف الهمجي».
وزير الداخلية في حكومة الميليشيات والذي يقود جناحا آخر في الجماعة رفض - من جهته - طلب إغلاق سوق البليلي للأسماك وتحويل الشاحنات التابعة له إلى السوق الجديدة، فيما شكل زعيم الميليشيات لجنة من مكتبه لتقصي الحقائق وفض الاشتباك بين الجناحين.
وقال متضررون لـ«الشرق الأوسط» إن وزير داخلية الجماعة رد بالرفض على طلب إغلاق السوق، وطلب التنسيق مع الجهات القضائية ووزارة الإدارة المحلية، واستخلاص أحكام نهائية بغلق السوق، ومن ثم مخاطبته بعد ذلك لتنفيذ الإغلاق.
وأكد أحد العاملين في سوق البليلي أن شاحنات نقل الأسماك لا تزال تتعرض للاختطاف من قبل النقاط الأمنية في مداخل العاصمة وتحولها بالقوة إلى سوق الجرداء التي افتتحها أحد المتنفذين بدعم من أحمد حامد ليتم حجزها هناك منذ مطلع الشهر الجاري وحتى اللحظة.
كما طالبت إحدى الشركات المتضررة بسرعة إطلاق شاحنات الأسماك المحتجزة في سوق الجرداء، وعدم تعرض النقاط الأمنية للشاحنات القادمة، وقالت إنها تحتفظ بحقها في مقاضاة المتسببين في هذه المشكلة وطلب التعويضات العادلة وجبر الضرر وفقا للقانون.
ويؤكد السكان أن إغلاق السوق لن يضر بمالكي المحلات ومستوردي الأسماك فقط، بل إن هناك الكثير ممن اعتادوا المجيء إلى السوق وجعلها مصدرا من مصادر دخلهم اليومي منذ عشراتِ السنين، ويعولون أسرا ويعتمدون على العمل في هذه المحلات أو بيع منتجاتهم الزراعية للمتسوقين، وكذلك سلسلة المطاعم المنتشرة في محيط السوق، حيث اعتمدت على تقديم وجبات الأسماك للمتسوقين الذين يفضلون الحصول على أسماك طازجة من المحلات.
ويقول السكان في صنعاء إن المتسوق إذا كان سيشتري - على سبيل المثال - بألفي ريال سمكاً من السوق الجديدة فإنه سيدفع مبلغ ثلاثة آلاف ريال أجرة التنقل، للوصول إلى هذه السوق التي تبعد مسافة كبيرة عن المدينة، بينما لا يحتاج سوى خمسمائة ريال فقط للوصول إلى سوق البليلي.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.