الكرد يستعدون إلى «منازلة» في بغداد تعمّق خلافاتهم بكردستان

صالح يتطلع لولاية ثانية «رئيساً لا مرؤوساً»

إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان العراق في أربيل (غيتي)
إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان العراق في أربيل (غيتي)
TT

الكرد يستعدون إلى «منازلة» في بغداد تعمّق خلافاتهم بكردستان

إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان العراق في أربيل (غيتي)
إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان العراق في أربيل (غيتي)

مع بداية العد التنازلي لانتخاب رئيس الجمهورية في السابع من شهر فبراير (شباط) الحالي، أعلن الرئيس العراقي برهم صالح تطلعه لولاية ثانية. وقال صالح في كلمة متلفزة أمس (الثلاثاء): «قدمتُ ترشّحي لمنصب رئيس الجمهورية بعد أن نلته في الدورة السابقة بقرار وطني مستقل». وأكد صالح أن «رئيس الجمهورية يجب أن يكونَ رمزاً لوحدة البلاد وسيادتها وحامياً للدستور، وأن يكونَ رئيساً لِكل العراقيين، رئيساً لا مرؤوساً».
وبانتظار يوم السابع من الشهر الحالي، فإن المعادلة سهلة في بغداد لمن يدخل في اليوم التالي للانتخابات قصر السلام، لكنها باتت ومنذ عام 2018 في غاية الصعوبة بإقليم كردستان. السبب هو الخلاف الذي بدأ يتعمق بين الحزبين الرئيسيين اللذين يجمع بينهما اتفاق استراتيجي (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني). هذا الخلاف بلغ الآن حد أن يكون «خلافاً بنيوياً»، مثلما يقول شوان محمد طه ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني ببغداد في حديثه لـ«الشرق الأوسط».
وطبقاً لكل الاحتمالات، فإن الحزبين الكرديين سوف يضطران ثانية إلى تكرار سيناريو 2018 حين خاضا الانتخابات بمرشحين اثنين؛ كان أحدهما برهم صالح (الرئيس الحالي) ممثلاً عن الاتحاد الوطني، وفؤاد حسين (وزير الخارجية الحالي) ممثلاً عن الديمقراطي الكردستاني. فاز صالح بالمنصب الذي كان يحتله قبله القيادي البارز في الاتحاد فؤاد معصوم الذي خلف بالمنصب زعيم حزب الاتحاد الوطني ومؤسسه الراحل جلال طالباني الذي تسلم المنصب منذ عام 2005.
وحيث إن الحزبين اضطرا عام 2018 إلى تخطي العرف بينهما القاضي بأن يكون منصب رئاسة الجمهورية من حصة الاتحاد الوطني بينما حصة الحزب الديمقراطي هي رئاسة إقليم كردستان ورئاسة حكومته، فإن محاولاتهما لترميم العلاقة بينهما لم تنفع. ولدى سؤال ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد شوان محمد طه عن المبرر الذي يجعل الزعيم الكردي مسعود بارزاني يطلق مبادرة وصفت بأنها تهدف إلى ترميم البيت الشيعي بينما يزداد البيت الكردي تمزقاً، يقول طه إن «البيت الشيعي ليس ممزقاً مثلما يشار، بل هناك اختلافات في وجهات النظر بين الأطراف الشيعية، فضلاً عن وجود المرجعية الدينية بوصفها صمام أمان بالنسبة لهم»، مبيناً أن «إطلاق المبادرة جاء بعد رغبة كثير من الجهات الشيعية والسنية في أن يطلق بارزاني تلك المبادرة لكونه يتمتع بعلاقات تاريخية مع عدد من قادة الإطار التنسيقي والهدف منها هو تقليل الفجوة بين هذه الأطراف التي خلافاتها ليست حول المناصب بل حول كيفية عمل الدولة».
وبشأن الخلافات داخل البيت الكردي، يقول طه إن «المشكلة داخل البيت الكردي تتعلق بالدرجة الأساس بالمناصب وبالذات منصب رئيس الجمهورية، حيث تعمق الخلاف بعد 2018 نظراً لعدم الوصول إلى توافق، فالاتحاد الوطني لديه إصرار على أن المنصب له، وأن المرشح الوحيد هو الدكتور برهم صالح»، موضحاً أن «الإخوة في الاتحاد الوطني جاءوا معنا للتفاوض كوفد واحد في بغداد مع القوى السياسية، لكن حين وصلت الأمور إلى المناصب انسحبوا بينما كان الأجدر هو الوصول إلى توافق بين الحزبين، علماً بأن مقاعدنا البرلمانية أكثر، وهو ما يعني أن لديهم قراراً مسبقاً وغير قابل للمناقشة، كما أنهم لم يقدموا لنا ما يمكن عده حسن نية، حيث لم ينتخبوا مرشحنا لمنصب النائب الثاني لرئيس البرلمان، وهو ما يعني أنهم اصطفوا ضدنا».
من جهته، يرى القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «قدر العراق أن يكون بلد مكونات وهو موضع اعتزاز بالنسبة لنا في الاتحاد الوطني ومصدر قوة في الوقت نفسه، في حال كان هناك حوار إيجابي والإرادة الوطنية حاضرة، وبالتالي فإن كل المبادرات لتقريب وجهات النظر لا إشكال فيها طالما الهدف منها هو الحكم الرشيد والاهتمام ببناء الدولة». وفيما يتعلق بالمبادرة الأخيرة التي أطلقها بارزاني لترميم البيت الشيعي، يقول ممثل الاتحاد الوطني خوشناو، إن «موقف حزبنا في التريث بالجلسة الأولى للبرلمان كان أول محاولة جادة لترميم البيت الشيعي من قبلنا، حيث خرجنا من الجلسة ولم نصوت، لأننا لم نكن نريد تمزيق البيت الشيعي كما تريثنا على صعيد الحزب الديمقراطي ليوم كامل بعد الجلسة الأولى كان هو الآخر مبادرة لترميم البيت الكردي، وهو ما كنا دائماً نعمل عليه»، مبيناً أنه «كان الأولى أن تكون هناك مبادرة داخل البيت الكردي قبل هذه المبادرة التي تتعلق بالإخوة الشيعة، وبالتالي كنا نأمل في أن يغادر السيد مسعود بارزاني وضعه الحزبي كرئيس للحزب الديمقراطي الكردستاني رغم أنه زعيم الحزب ونضاله معروف، لكن كنا نأمل أن يكون خيمة لكل القوى السياسية الكردية لا يكون طرفاً مقابل طرف آخر».
ودعا خوشناو، بارزاني، لأن «يطلق مبادرة خاصة بالبيت الكردي بوصفه من الرعيل الأول في العمل السياسي الكردي تتضمن تحقيق توافق كردي ومنع كل المحاولات الساعية إلى التمدد على حساب الاتحاد الوطني بوصفه حزباً كبيراً، وله جمهوره وجغرافيته وامتداداته». وبشأن ترشيح الاتحاد الوطني الكردستاني الرئيس الحالي برهم صالح لولاية ثانية، يقول خوشناو إنه «يأتي في سياق التوازن السياسي أولاً، وثانياً كونه امتلك تجربة ممتازة خلال السنوات الماضية، حيث إنه بالنسبة لنا مثل المنهجية التي كان يسير عليها الراحل جلال طالباني».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».