الجيش التركي «يرتب انتشاره» شمال غربي سوريا

البرد يعمِّق معاناة النازحين في ريف إدلب

مقاتلون معارضون خلال تبادل سجناء مع قوات النظام في ريف إدلب في 30 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مقاتلون معارضون خلال تبادل سجناء مع قوات النظام في ريف إدلب في 30 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

الجيش التركي «يرتب انتشاره» شمال غربي سوريا

مقاتلون معارضون خلال تبادل سجناء مع قوات النظام في ريف إدلب في 30 الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مقاتلون معارضون خلال تبادل سجناء مع قوات النظام في ريف إدلب في 30 الشهر الماضي (أ.ف.ب)

أفاد ناشطون سوريون بأن القوات العسكرية التركية عملت خلال اليومين الماضيين، على تعزيز مواقعها العسكرية المتقدمة على خطوط التماس مع قوات النظام والميليشيات الإيرانية، في جنوب إدلب شمال غربي سوريا.
وشملت التعزيزات عشرات الآليات، بينها دبابات وعربات مصفحة وناقلات جند. وتزامن ذلك مع ارتفاع وتيرة القصف المتبادل بين فصائل المعارضة وقوات النظام بالمدفعية الثقيلة والرشاشات، ضمن منطقة «خفض التصعيد»، شمال غربي سوريا.
وقال ناشطون في إدلب، إن «القوات العسكرية التركية عززت على مدار اليومين الماضيين، مواقعها العسكرية القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام السوري، في مناطق البارة وكنصفرة وبينين، بجبل الزاوية جنوب إدلب، بعدد من الدبابات والعربات المصفحة وناقلات جند، بالإضافة إلى عدد من الجنود، وسط إجراءات أمنية مشددة، في إجراء يهدف إلى تدعيم النقاط العسكرية التركية المتاخمة لمواقع تابعة لقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، جنوب إدلب وسهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، تحسباً لأي محاولة تقدم للأخيرة نحو مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية المسلحة».
من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن القوات التركية «تعمل على ترتيب انتشار قواتها على محاور القتال مع قوات النظام، في مناطق التماس بين فصائل المعارضة وقوات النظام، من خلال نقل عدد كبير من قواتها وعتادها العسكري، من المواقع الداخلية إلى نقاط ومواقع قرب الجبهات وخطوط القتال مع قوات النظام في جنوب إدلب».
وكان «المرصد» قد قال في 17 يناير (كانون الثاني) الماضي، إن «القوات التركية عززت مواقعها في إحدى النقاط المتمركزة على أطراف قرية الرويحة شرقي جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، بعدد من الدبابات والعربات المدرعة وناقلات جند، وتزامن ذلك مع دخول 25 ضابطاً تركياً من القوات الخاصة إلى محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، وذلك للبدء في دورة عسكرية تستهدف إعداد وتدريب 1500 مقاتل من عناصر فصائل المعارضة، ضمن معسكرات بريفي إدلب وحلب، لرفدهم مع نظرائهم الأتراك في حالة الحرب». وقال مصدر عسكري في فصائل المعارضة السورية المسلحة: «شهدت منطقة (خفض التصعيد) بريف إدلب وغرب حلب، تبادلاً بالقصف المدفعي والصاروخي بين فصائل المعارضة من جهة وقوات النظام والميليشيات الإيرانية من جهة ثانية، جرى خلاله استهداف مواقع للمعارضة، وأسفر عن إصابة 3 من عناصرها بجبل الزاوية جنوب إدلب، بينما قُتل عنصر وجُرح آخر من قوات النظام قنصاً في محور أروم الكبرى غربي حلب، وتدمير آلية عسكرية للنظام في محور الدار الكبيرة جنوب إدلب».
إلى ذلك، قال ناشطون: «توفيت طفلتان بسبب البرد القارس وانخفاض درجات الحرارة في مخيمات للنازحين شمال إدلب»، وحمَّلوا المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة المسؤولية الكاملة، وطالبوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه أكثر من مليون ونصف مليون نازح، تهدد العواصف الثلجية والمطرية ونقص الإمدادات الإنسانية والطبية حياتهم بالخطر.
وقال محمود الحسن -وهو ناشط في إدلب- إنه «جرى توثيق وفاة طفلتين: الطفلة فاطمة (7 أيام)، في مخيم حربنوش، وآمنة محمد سلامة (شهران) في مخيم الشيخ بحر، شمال وغربي إدلب، صباح يوم الثلاثاء 1 فبراير (شباط) الجاري، نتيجة تعرضهن للبرد الشديد، بحسب ما أكده أطباء في مشفى (الرحمن التخصصي) في مدينة إدلب، والتشخيص الطبي: (أذية برد شديدة) في التقارير الطبية الصادرة عن المشفى».
وزاد: «ارتفع عدد الوفيات في أوساط النازحين في شمال غربي سوريا، خلال العواصف الثلجية والمطرية الأخيرة والبرد القارس، إلى 7 أشخاص، بينهم 5 أطفال رضع، ورجل وامرأة مسنان، و3 حالات سابقة تم توثيقها نتيجة الأمراض التنفسية الناجمة عن استخدام مواد غير صالحة للتدفئة، بالإضافة إلى توثيق إصابة 11 شخصاً بينهم أطفال بحروق متفاوتة، نتيجة اشتعال النيران داخل الخيام».
وأوضح: «يعيش أكثر من مليون ونصف مليون نازح في مخيمات عشوائية شمال غربي سوريا، خلال الآونة الأخيرة، ظروفاً إنسانية غير عادية، وسط تراجع حاد في حجم وكمية المساعدات الإنسانية، ونقص وسائل التدفئة، ما يدفع بالبعض إلى جمع النايلون والبلاستيك المستعمل من حاويات القمامة لاستخدامه كوسائل للتدفئة داخل الخيام، والذي يؤثر على صحة النازحين وخصوصاً الأطفال منهم، وإصابتهم بأمراض تنفسية، في الوقت الذي تراجعت فيه خدمات أكثر من 18 مشفى ومركزاً طبياً بسبب نقص الدعم والتمويل من الجهات الدولية (المانحة)».
من جهته، قال فريق «منسقو استجابة سوريا»، في بيان له، إن «المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة (شمال غربي سوريا)، تتحمل المسؤولية الكاملة عن وفيات الأطفال نتيجة ضعف عمليات الاستجابة الإنسانية للنازحين في المخيمات، على الرغم من إطلاق عشرات حملات التبرع، وإرسال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى الداخل السوري، والتي تجاوز عددها أكثر من 195 شاحنة منذ 10 أيام وحتى الآن، وخصوصاً مع عدم حصول النازحين على مواد التدفئة ضمن أكثر من 70 في المائة من المخيمات الموجودة في المنطقة، كما تتحمل الجهات الداعمة للقطاع الطبي التقصير في تأمين عمليات الدعم، وخصوصاً لمشافي الأطفال، وإيقاف الدعم عنها الذي يشكل تهديداً حقيقياً لحياة الأطفال وسلامتهم».
وأوضح أن «عدد المخيمات المتضررة جراء العواصف المطرية والثلجية الأخيرة؛ بلغ 311 مخيماً، تهدمت ضمنها 503 خيام، وتضررت بشكل جزئي 1467 خيمة، بينما بلغ عدد الأفراد المتضررين 33716 فرداً، وأن نسبة الاستجابة الإنسانية ضمن المخيمات خلال شهر يناير الماضي؛ بلغت 31 في المائة في قطاع الأمن الغذائي وسبل العيش، و24 في المائة في قطاع المياه والإصحاح، و26 في المائة في قطاع الصحة والتغذية، بينما نسبة الاستجابة في قطاع المواد غير الغذائية 26 في المائة، و32 في المائة في قطاع المأوى من حيث تأمين الخيام للنازحين في المخيمات العشوائية، و25 في المائة في قطاع التعليم، و32 في المائة في قطاع الحماية».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.