حلم العملة الرقمية لمؤسس فيسبوك يبوء بالفشل

محلل يقول إن الهيئات الناظمة أعلنت صراحة أنها لا تثق بالموقع الأزرق

مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ (أرشيفية - رويترز)
مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ (أرشيفية - رويترز)
TT

حلم العملة الرقمية لمؤسس فيسبوك يبوء بالفشل

مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ (أرشيفية - رويترز)
مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ (أرشيفية - رويترز)

أعلنت مجموعة ميتا المالكة لفيسبوك الاستغناء رسميا عن مشروع العملة الرقمية الذي أطلقته وسط ضجة إعلامية كبيرة في 2019، إذ تعتزم مؤسسة «دييم» التي كانت تعمل عليه بيع أصولها الرئيسية والانسحاب تماما من المشروع بسبب الفشل في إقناع الهيئات الناظمة به.
وكانت الشبكة الاجتماعية العملاقة خاضت مجال العملات الافتراضية من خلال إطلاق «ليبرا» عام 2019 والتي كانت ستقدم طريقة دفع جديدة خارج الدوائر المصرفية التقليدية.
وإدراكاً منها لمخاوف الهيئات الناظمة بشأن عملة تديرها شركة خاصة، قررت المجموعة الأميركية بعد ذلك أن تعهد إدارتها إلى كيان مستقل مقره في مدينة جنيف السويسرية أُطلقت عليه في البداية تسمية «ليبرا».

وكانت هذه المبادرة على المسار الصحيح، لكن «اتضح خلال مناقشاتنا مع السلطات الأميركية أن المشروع لا يمكن أن يتقدم أكثر من ذلك»، على ما أكد المدير العام للمؤسسة ستيوارت ليفي في بيان أمس (الاثنين).
وقال المحلل روب إندرله من «إندرله غروب» لوكالة الصحافة الفرنسية إن «فكرة صنع فيسبوك عملة مشفرة أصابت الجميع بالذعر»، وأضاف «بالنسبة إلى الهيئات الناظمة، ذهب الأمر بعيدا جدا، إذ أعلنت صراحة أنها لا تثق بفيسبوك» في هذا المشروع.
وستبيع «دييم»، الحلم الذي كان يأمله مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ، حقوق الملكية الفكرية والأصول الأخرى للشركة في مقابل 182 مليون دولار إلى مصرف «سيلفرغيت كابيتال كوربوريشن» المتخصص في العملات الرقمية.
في الأساس، وضعت فيسبوك تصورا لطريقة دفع جديدة تتيح شراء البضائع أو إرسال الأموال بالسهولة والسرعة نفسيهما لإرسال رسالة فورية.
لكن المشروع أثار منذ إطلاقه انتقادات شديدة من المصارف المركزية والهيئات الناظمة وصناع القرار السياسي على حد سواء. وقد أبدت هذه الجهات قلقا بشأن المخاطر التي تهدد استقرار النظام المالي، ومكافحة تبييض الأموال أو حماية البيانات الشخصية.
كما أثارت فكرة سعي فيسبوك إلى سك النقود بالطريقة المعتمدة نفسها من البنوك المركزية، استياء هيئات ناظمة كثيرة.
بعد انسحاب شركاء رئيسيين مثل PayPal وVisa وMastercard، سرعان ما خفضت المؤسسة طموحاتها، قبل اعتماد اسم Diem في نهاية 2020.

وقال ليفي الاثنين: «منذ البداية، سعى مشروع دييم إلى الإفادة من مزايا تقنية «بلوكتشاين» (سلسلة الكتل) لتصميم نظام دفع أفضل وأكثر شمولاً». وأشار إلى أن المؤسسة تمكنت من بناء واختبار نظام مدفوعات قائم على تكنولوجيا تدير أيضا عملة البتكوين، وتتضمن ضمانات ضد استخدامها من قبل جهات إجرامية. في الوقت نفسه، «سعينا بصورة فاعلة للحصول على تعليقات من الحكومات والهيئات التنظيمية في كل أنحاء العالم، وقد تطور المشروع وتحسن بشكل كبير بنتيجة ذلك»، بحسب المسؤول.
وخلص ليفي إلى أن المحادثات انهارت في النهاية، وباتت «أفضل طريقة للمضي قدماً تتمثل في بيع أصول مجموعة دييم». وأشار إلى أن المؤسسة والشركات التابعة لها ستبدأ في التفكك «في الأسابيع المقبلة».
وقال المحلل روب إندرله: «على حد علمي، دييم ماتت». واعتبر أن سمعة فيسبوك تراجعت إلى نقطة «ستواجه فيها صعوبة بالغة في القيام بمشروع كبير».

أما محللة الاستراتيجيات الإبداعية كارولينا ميلانيزي فأشارت إلى أن ميتا قررت «تقليص خسائرها والتركيز على المشروع الأهم لديها»، أي عالم ميتافيرس الموازي.
وأوضح مصرف سيلفرغيت الذي سيشتري أصول «دييم» في بيان منفصل أنه سيدفع 50 مليون دولار نقداً ويعيد ما يقرب من 1.2 مليون سهم جديد إلى «دييم»، بمبلغ إجمالي يعادل 182 مليون دولار.
ومع أصول «دييم»، يسعى المصرف الذي يتخذ من كاليفورنيا مقراً له، خصوصا إلى تحسين البنية التحتية التي أرستها أساسا من أجل مشروع stablecoin الخاص به، وهي عملة رقمية مستقرة من المفترض أن يكون سعرها متكافئا مع الدولار.
وقال المدير العام للمصرف ألان لاين إن مصرف سيلفرغيت الذي يخطط لإطلاق المشروع في وقت لاحق من هذا العام، «ملتزم مواصلة رعاية مجتمع مطوري البرامج المفتوحة المصدر الذي يدعم التكنولوجيا». وأضاف «نحن واثقون من أنهم سيكونون متحمسين للرؤية الخاصة بنا».



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».