الجزائر: بدء محاكمة وزير الطاقة الأسبق بـ{الفساد}

وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل (غيتي)
وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل (غيتي)
TT

الجزائر: بدء محاكمة وزير الطاقة الأسبق بـ{الفساد}

وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل (غيتي)
وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل (غيتي)

بدأت في العاصمة الجزائرية، أمس، محاكمة وزير الطاقة الأسبق، شكيب خليل، الذي شغل هذا المنصب 10 سنوات في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بتهم فساد، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الجزائرية.
ويحاكم شكيب خليل، المتواري عن الأنظار خارج البلاد، مع المدير التنفيذي الأسبق للمجموعة الحكومية «سوناطراك» محمد مزيان، المسجون على خلفية قضية أخرى، في قضايا فساد «تتعلق بمصنع الغاز الطبيعي بأرزيو في وهران»، و«منح امتيازات غير مبررة للغير»، و«سوء استغلال الوظيفة»، بالإضافة إلى «إبرام صفقات مخالفة للتشريع والقوانين»، وفق ما أوردت الوكالة أمس.
وتجرى المحاكمة بالقطب الجزائي المختص في الجرائم المالية والاقتصادية بمحكمة سيدي امحمد في وسط الجزائر، وتشمل أيضاً شركات أجنبية تعمل في مجال الطاقة، لم تُنشر أسماؤها.
وترك شكيب خليل (82 سنة) الحكومة في 2010، بعد فضائح فساد في مجموعة «سوناطراك» ضد المدير التنفيذي، وبعض المسؤولين الكبار في شركة النفط والغاز، الذين حوكموا وأُدينوا.
وفر خليل، الذي يحمل الجنسيتين الجزائرية والأميركية، إلى الولايات المتحدة، وصدر في 2013 أمر دولي بالقبض عليه، لكن جرت تبرئته من تهم ضلوعه في تلقي «رشى» من عملاق النفط الإيطالي «إيني»، مقابل الحصول على عقود جزائرية. وبعد ذلك عاد إلى الجزائر في 2016 بعد إلغاء مذكرة التوقيف بحقه. لكن المحكمة العليا أعادت فتح ملف الفساد بخصوصه، فغادر الجزائر مجدداً.
وبعد تنحي بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) 2019، تحت وطأة احتجاجات «الحراك» الشعبي وضغط الجيش، فتح القضاء تحقيقات في قضايا يشتبه في تورط مقربين منه فيها. وصدرت أحكام قضائية بحق مسؤولين سابقين كثر ورجال أعمال، خصوصاً في قضايا فساد.
في سياق ذلك، أدان القضاء الجزائري الأسبوع الماضي رئيس الوزراء الأسبق عبد المالك سلال، ومدير التشريفات السابق في رئاسة الجمهورية مختار رقيق، المسجونين بالفساد، وأصدر بحقهما حكمين جديدين بالحبس مع النفاذ، وفق وكالة الأنباء الجزائرية. وقُدرت الخسائر، التي تسبب فيها الوزير السابق للطاقة والمناجم شكيب خليل، للجزائر في فضيحة إنجاز مركب الغاز الطبيعي المسال بأرزيو في وهران، المعروف بتسمية «GNL»، بـ127 مليون دينار، ما يعادل نحو 13 ألف مليار سنتيم، حسب التقييم الذي قدمته وزارة المالية.
ويتابع إلى جانب الوزير خليل، كل من المديرين العامين السابقين لمجمع «سوناطراك»، عبد الحفيظ فغولي، ومحمد مزيان، الذي جرى إيداعه الحبس في قضية «مسرغين» بعد إدانته بعامين سجناً؛ منها سنة موقوفة النفاذ، وهذا بعد صدور الحكم بصفة نهائية من طرف المحكمة العليا؛ إذ جرى توقيفه وإيداعه المؤسسة العقابية لوهران.
وقد وجهت للمتهمين تهم تتعلق بجنح «إبرام صفقة مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، بغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير، طبقاً لمضمون القانون رقم (06 – 01) المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته».
ويبدو أن الوزير خليل سيحاكم غيابياً، رغم صدور مذكرات توقيف دولية في حقه بجميع القضايا المتابع فيها على مستوى غرف التحقيق لمحكمة القطب الوطني، المختص في مكافحة الجريمة المالية والاقتصادية، مثل متابعته في ملف الشركة الكندية «إس إن سي لافالان»، و«سبيام»، وكذا قضية «ENI» برفقة زوجته وابنيه.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».