المشنوق يحظى بدعم الحريري وكتلة «المستقبل» في إجراءاته ضد المتشددين

أهالي الموقوفين يقطعون طرقات في شمال لبنان

المشنوق يحظى بدعم الحريري وكتلة «المستقبل» في إجراءاته ضد المتشددين
TT

المشنوق يحظى بدعم الحريري وكتلة «المستقبل» في إجراءاته ضد المتشددين

المشنوق يحظى بدعم الحريري وكتلة «المستقبل» في إجراءاته ضد المتشددين

تواصلت تحركات أهالي الموقوفين في سجن رومية، الواقع إلى الشرق من العاصمة اللبنانية بيروت، احتجاجا على ما يصفونه بأنه «سوء معاملة» من قبل القوى الأمنية اللبنانية. ولكن في المقابل، انحسرت «الحملة الشمالية» التي واجهت وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، بعدما تلقى الأخير دعما واضحا من الرئيس الأسبق للحكومة سعد الحريري، زعيم تياره السياسي تيار «المستقبل»، لكل ما يقوم به من تحركات لضبط وضع السجن، وتحديدا السجناء الذين ينتمون إلى فصائل متشددة، ما انعكس اختفاء لأصوات ظهرت من الشمال، بعضها من تيار الحريري ينتقد «شدة» وحزم وزير الداخلية في التعاطي مع هؤلاء.
أمس قطع أهالي الموقوفين طريق دوار أبو علي في مدينة طرابلس في الاتجاهين احتجاجًا على ما يعتبرونه ظلمًا بحقّ أبنائهم في السجن، لكن الوزير المشنوق أعلن أنه أعطى أوامره بالتحقيق في الكلام عن تجاوزات حصلت وتحصل أثناء سوق الموقوفين من سجن رومية إلى القضاء من قبل العسكريين. وأكد الوزير أنه «سيتخذ أقصى العقوبات المسلكية بحق المرتكبين في حال ثبوت التهم عليهم». ومن المتوقع أن يعقد المشنوق مؤتمرا صحافيًا الأسبوع المقبل يتحدث فيه عن عملية السجن الأخيرة «ليوضح بالصور والأرقام والتقارير، كل الحقائق التي تكشف المغالطات والمبالغات التي سادت بعض التصريحات في الفترة الأخيرة»، وفق ما أفاد بيان لمكتبه الإعلامي.
البيان أكد أنّ لجنة طبية مؤلفة من أربعة عشر طبيبا من قوى الأمن الداخلي، عاينت قبل يومين جميع السجناء البالغ عددهم 1147 في المبنى «د»، وأعدت تقريرا عن وضع كل منهم وحالته الطبية. كما طلب المشنوق قبل أيام من الصليب الأحمر الدولي إجراء كشف مماثل على السجناء أنفسهم وإعداد تقرير مستقل عن أوضاعهم الصحية والطبية.
وكانت حملات قد شنت ضدّ المشنوق من قبل أهالي الموقوفين وبعض السياسيين في منطقة الشمال، من داخل «تيار المستقبل»، على خلفية العملية الأمنية التي طالت السجن بداية الأسبوع إثر محاولة تمرّد بعض الموقوفين، مطالبين باستقالة وزير الداخلية وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، ومتهمين عناصر القوى الأمنية بضرب الموقوفين وتعذيبهم. وفيما كان المشنوق قد ردّ بالقول «لن أستقيل إلا إذا أحسست أنني أخطأت في تطبيق القانون»، أكد رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري «الدعم الكامل للقرار الذي اتخذه وزير الداخلية والعمل الشجاع الذي قامت به القوى الأمنية وشعبة المعلومات، حيث تم إنهاء الحالة الشاذة وإعادة الأمور إلى طبيعته». وقال: «ليس المطلوب كما يحاول البعض التهاون مع أي حالة تمرد وإعطاء جوائز ترضية لمن يقوم بها».
وقبل ذلك، كان عدد من نواب المستقبل انتقدوا الحملات ضدّ المشنوق مؤكدين دعمهم له. وأصدر رئيس الكتلة البرلمانية للمستقبل، رئيس الحكومة السابق، فؤاد السنيورة، بيانا تعقيبا على الهجوم اللاذع الذي شنّه محمد كبارة، النائب عن طرابلس - العضو في كتلة المستقبل - ضده، معلنا أنّ مواقف الأخير لا علاقة لتيار المستقبل بها ولا تعبر عن رأي الكتلة لا من قريب ولا من بعيد. وشدّد على أن المشنوق يمثل تيار المستقبل في الحكومة، وهو يمارس مسؤولياته في ضوء هذا التمثيل، ويحظى بثقة الكتلة ودعم الرئيس الحريري، سواء بالنسبة للإجراءات التي هي محل اعتراض النائب كبارة، أو فيما خص السياسة العامة المعتمدة في وزارة الداخلية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم