تباين الآراء بين الأطراف الكردية حول كيفية انتخاب رئيس الإقليم

الأحزاب الكردستانية حائرة بين البرلماني والرئاسي والمختلط

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني
TT

تباين الآراء بين الأطراف الكردية حول كيفية انتخاب رئيس الإقليم

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني

تتباين الآراء بين الكتل السياسية في برلمان إقليم كردستان العراق حول كيفية اختيار رئيس الإقليم مستقبلا بعد المصادقة على الدستور. ففي حين تتفق كل الأطراف على ضرورة أن يكون النظام في الإقليم برلمانيا، تختلف في الوقت ذاته على آليات اختيار رئيس الإقليم، فالاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير والحزبان الإسلاميان الرئيسيان، يطالبون باختيار رئيس الإقليم من خلال البرلمان، بينما يدعو الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى اختيار الرئيس عبر انتخابات مباشرة من قبل الشعب.
وقالت النائبة فالا فريد، عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني، رئيس الإقليم، التي تترأس اللجنة القانونية في برلمان كردستان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «النظام الحالي في إقليم كردستان نظام برلماني، لكن يتم اختيار رئيس الإقليم بشكل مباشر من قبل الشعب، وهذا حق من حقوق مواطني الإقليم، وسحب هذا الحق من مواطني كردستان يعني تراجعا كبيرا في الديمقراطية في الإقليم، ويجب الوقوف عندها».
وأضافت فريد: «اختيار رئيس الإقليم من خلال الشعب لا يعني تحول النظام البرلماني إلى نظام رئاسي، فللنظام البرلماني شرطان أساسيان: الأول، أن تكون السلطة التنفيذية ثنائية؛ أي وجود رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية أو رئيس الإقليم. والثاني وجود علاقة مرنة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقانونية، ويستطيع البرلمان منح الثقة للسلطة التنفيذية وسحبها منها واستجوابها»، مبينة أنه ليس هناك تعارض بين النظام البرلماني وانتخاب رئيس الإقليم، فيمكن اختيار الرئيس داخل البرلمان، وكذلك يمكن اختياره من قبل الشعب، فهذا لا يؤثر على النظام البرلماني، مشددة على أن تركيز بعض الأطراف السياسية على هذا الجانب حاليا في الإقليم يحمل بعدا سياسيا».
وتنص مسودة دستور الإقليم الذي أقر في مادته الأولى من آخر صياغة له عام 2009، أن النظام السياسي في إقليم كردستان العراق نظام برلماني جمهوري ديمقراطي يعتمد التعددية السياسية ومبدأ الفصل بين السلطات.
لكن الخلافات في وجهات النظر بين الأحزاب الرئيسية في الإقليم، حالت خلال السنوات الماضية عن إقرار الدستور، وتم إعادته إلى برلمان الإقليم، الذي ما زال يواصل مشاوراته للتوصل إلى إجماع وطني بين هذه الأطراف من أجل إعادة صياغة مسودة الدستور وطرحها في استفتاء عام لكي يصوت عليه المواطن الكردي.
وتنتهي ولاية رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، في 19 أغسطس (آب) المقبل، وتم انتخاب بارزاني للولاية الأولى في عام 2005 داخل البرلمان، وأعيد انتخابه لولاية ثانية في عام 2009 عن طريق الانتخاب المباشر وحصل على نسبة 69 في المائة من الأصوات، وفي عام 2013 وقبيل انتهاء فترة ولايته الثانية، وبسبب عدم حصول توافق بين الحزبين الرئيسيين (الاتحاد الوطني والديمقراطي) على طرح مشروع الدستور على الاستفتاء العام، وافق الاتحاد الوطني الكردستاني على تمديد ولاية رئيس الإقليم لمدة سنتين مقابل موافقة الحزب الديمقراطي الكردستاني على تعديل بعض المواد في مشروع الدستور. وبسبب ذلك لم تجر الانتخابات الرئاسية في عام 2013.
ويرى النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني في برلمان الإقليم، زانا عبد الرحمن، عدم وجود نية من قبل الأطراف السياسية في الإقليم للمصادقة على الدستور حاليا، وقال عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخلافات بين الأطراف الكردستانية حول مسألة رئاسة الإقليم غير واضحة لحد الآن، لأنها لم تعلن عن آرائها بشكل واضح، وإن عددا من هذه الأطراف يطالب بأن يكون نظام الحكم في الإقليم برلمانيا، لكن دون تعيين نوعية النظام البرلماني، وهذا الموضوع سيبقى معلقا إلى حين إعلان هذه الأطراف عن مواقفها، والأمر متروك للأحزاب السياسية، لكن أنا لا أرى أي نية لإنهاء مسألة الدستور قبل حلول أغسطس المقبل».
بدورها، قالت النائبة عن حركة التغيير، بهار محمود فتاح، لـ«الشرق الأوسط»، إن «النظام الحالي في الإقليم نظام مختلط بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني. كتل التغيير والاتحاد الوطني والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية في برلمان الإقليم، تدعو إلى أن يكون النظام السياسي في كردستان نظاما برلمانيا كاملا، أما كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، فهي الأخرى تقول إنها تدعم النظام البرلماني، لكنها تريد انتخاب الرئيس من خلال الشعب، وانتخاب الرئيس من خلال الشعب يجعل النظام مختلطا بين الرئاسي والبرلماني، لكن هذا غير مقبول لدينا، لأن انتخاب رئيس الإقليم من قبل الشعب يمنحه مجموعة كبيرة من السلطات، ولا يدخل تحت رقابة البرلمان، أما إذا انتخب من داخل البرلمان حينها ستكون سلطاته تشريفية وتمنح سلطاته الأخرى إلى رئيس الوزراء».
وبالتزامن مع التشاورات الحالية بين الأطراف السياسية في الإقليم حول مسألتي رئاسة الإقليم والدستور، أعلن مركز أسوده للأبحاث، أمس، عن نتيجة استطلاع للرأي أجراه خلال الآونة الأخيرة في كافة مناطق الإقليم حول هاتين المسألتين والنظام السياسي، وقال سيروان كردي، رئيس المؤسسة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بحسب الاستطلاع الذي أجريناه في كافة مناطق الإقليم، فإن 59.1 في المائة من المواطنين يؤيدون انتخاب رئيس الإقليم من خلال الشعب، أما نتيجة التصويت حول نوعية نظام الحكم في الإقليم فنسبة 66.9 في المائة من المواطنين يؤيدون النظام السياسي المختلط، بينما يؤيد 11.1 في المائة منهم النظام البرلماني».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.