فوز صريح لرئيس الوزراء البرتغالي في الانتخابات التشريعية المبكرة

رئيس الوزراء الاشتراكي أنطونيو كوستا يحتفل وسط مناصريه بالفوز المبكر (رويترز)
رئيس الوزراء الاشتراكي أنطونيو كوستا يحتفل وسط مناصريه بالفوز المبكر (رويترز)
TT

فوز صريح لرئيس الوزراء البرتغالي في الانتخابات التشريعية المبكرة

رئيس الوزراء الاشتراكي أنطونيو كوستا يحتفل وسط مناصريه بالفوز المبكر (رويترز)
رئيس الوزراء الاشتراكي أنطونيو كوستا يحتفل وسط مناصريه بالفوز المبكر (رويترز)

تصدّر رئيس الوزراء الاشتراكي أنطونيو كوستا الذي يتولّى السلطة منذ 2015، نتائج الانتخابات التشريعيّة المبكرة التي جرت، أمس الأحد في البرتغال، في اقتراع شهد تسجيل اليمين المتطرّف اختراقاً ولا يضع البلاد بمنأى من الاضطرابات السياسيّة.
وبعدما تخلّى عنه حلفاؤه في اليسار الراديكالي مما دفعه للدعوة إلى انتخابات مبكرة، قد يجد كوستا نفسه، على غرار الانتخابات الماضية، غير قادر على نيل الغالبيّة المطلقة.
ولكي يبقى في المنصب، يتعيّن على كوستا البالغ 60 عاماً خوض مفاوضات تتّسم بالصعوبة للحصول على التأييد اللازم في البرلمان.
https://twitter.com/TRTWorldNow/status/1488055699816943619
وأظهرت تقديرات نُشرت لدى الخروج من مراكز الاقتراع حلول «الاشتراكي» في الصدارة، حاصداً 37 إلى 42.5 في المائة من الأصوات وما بين مائة و118 نائباً من أصل 230. وهو قد يتمكّن من تحقيق نتيجة أفضل من تلك التي حقّقها في الانتخابات السابقة عام 2019 (36.3 في المائة و108 نواب).
يبدو أنّ البرلمان سيبقى تحت سيطرة اليسار عامّة، مع نيل تكتل اليسار ثلاثة إلى عشرة مقاعد وتحالف الاشتراكيين والخضر ثلاثة إلى ثمانية مقاعد.
وحلّ الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض بزعامة روي ريو، الرئيس السابق لبلدية بورتو، ثانياً بنيله 27 إلى 35 في المائة من الأصوات و75 إلى 95 نائباً.
أما حزب «شيغا» اليميني المتطرف بزعامة أندري فينتورا فسيحظى بستّة إلى 14 نائباً بنيله 8.5 في المائة من الأصوات، وهو قد يصبح القوة السياسية الثالثة في البلاد بعدما اقتصر تمثيله في الانتخابات الماضية على نائب واحد.
ويؤكّد كوستا أنّه «طوى صفحة التقشّف» في الميزانية الذي فرضه اليمين، بفضل تحالف تاريخي أقامه مع تشكيلي اليسار المتطرف، كتلة اليسار وائتلاف الشيوعيين والخضر.
https://twitter.com/tele6cayes/status/1488059778102403073
لكن فيما كانت حكومته الأقلية تعمل على «طي صفحة الجائحة» أيضاً بفضل حملة تلقيح قياسية وتسلم أموال أوروبية في إطار خطة الإنعاش ما بعد «كوفيد»، رفض حليفاه مشروع ميزانيته لعام 2022، مما استدعى الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
الأحد، قال كوستا الذي صوت نهاية الأسبوع الماضي على غرار نحو 300 ألف ناخب في اقتراع مسبق تم تنظيمه بسبب الأزمة الصحية: «آمل أن يشعر الجميع بالأمان للذهاب للتصويت»، علماً بأن العدد الإجمالي للسكان في البرتغال يبلغ عشرة ملايين نسمة.
في لشبونة، قال مانويل بينتو وهو نجار متقاعد يبلغ 68 عاماً في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «اقترعت لصالح الاشتراكيين لأننا بحاجة إليهم في هذه المرحلة الصعبة».
وأوضحت خبيرة السياسة مارينا كوستا لوبو أنه رغم «بعض خيبة الأمل» تجاه الحزب الاشتراكي، يرى معظم الناخبين أن كوستا «يتمتع بالكفاءة والخبرة للحكم أكثر من ريو، الخبير الاقتصادي البالغ 64 عاما والذي يقدر البرتغاليون صراحته وصدقه».
ويبدو مستقبل البرتغال السياسي «غير مستقر» برأي المحلل أنتونيو كوستا بينتو الباحث في معهد العلوم الاجتماعية في جامعة لشبونة.
وقد يسعى كوستا لإعادة بناء اتحاد اليسار رغم فشل المفاوضات الأخيرة حول الميزانية، الناتج بنظره من «انعدام حس المسؤولية» لدى حليفيه السابقين اللذين كانا يطالبان بمزيد من الجهود لتعزيز القدرة الشرائية والخدمات العامة.
وهو قد يسعى أيضاً إلى الانفتاح على خصمه روي ريو والتفاوض معه بشأن امتناع الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن التصويت على الميزانية العامة لضمان تبنيها بأسرع وقت.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».