بريجيت ماكرون: «أنا نسوية وأحب الرجال»

تسلمت من زوجة شيراك مؤسسة رعاية الأطفال المرضى

بريجيت ماكرون: «أنا نسوية وأحب الرجال»
TT

بريجيت ماكرون: «أنا نسوية وأحب الرجال»

بريجيت ماكرون: «أنا نسوية وأحب الرجال»

هناك في فرنسا نشاط إنساني قديم يعرفه الجميع اسمه «قطع النقد الصفراء». وكانت برناديت شيراك، زوجة الرئيس الأسبق الراحل جاك شيراك، أول من شجعته وجعلت منه مؤسسة خيرية هدفها تحسين يوميات الأطفال المرضى الذين يقيمون في المستشفيات لفترات طويلة، وبناء مساكن لآبائهم وأمهاتهم قريبة من مؤسسات العلاج لكي يكونوا بقربهم، لا سيما أولئك الذين يأتون من الأرياف لعلاج أطفالهم في مستشفيات العاصمة. وصار من المعتاد، في فترات موسمية ترافق الأعياد، رؤية حصالات صغيرة موجودة في المتاجر والمخابز يضع فيها الزبائن ما لديهم من قطع نقدية معدنية صغيرة. وبفضل تلك القطع جمعت الملايين وتوفير غرف مريحة وبهيجة للأطفال وتشييد عدة عمارات لإقامة ذويهم خلال فترة العلاج.
مع تقاعد برناديت شيراك، تسلمت بريجيت ماكرون رئاسة المؤسسة. وبمناسبة التزامها الفعلي بها ولتشجيع الفرنسيين على الاستمرار في التبرع لها، أدلت الفرنسية الأولى بحديث مستفيض لمجلة «مدام فيغارو»، قالت فيه إن هناك لحظات في الحياة تدفع الفرد إلى اتخاذ قرار يترك أثره في مجمل الباقي من عمره. وقد وصفت الصحافيتان اللتان أجرتا المقابلة في «الإليزيه» مضيفتهما بأنها منفتحة، ومثقفة، وطريفة، وبهذه الصفات فإنها يمكن أن تقدم عوناً كبيراً لزوجها الرئيس في حال قرر خوض الانتخابات المقبلة والفوز بولاية ثانية. إنها مثل زوجة شيراك، كسبت حب المواطنين واحترامهم ونالت شعبية تشكل دعماً لزوجها في المجال السياسي.
فتحت مدام ماكرون الجناح الأيسر من القصر واستجابت لالتقاط الصور ما بين الصالون المضيء الذي كان المصمم بيير بولان قد نفذه عام 1972 بناء على طلب من الرئيس الأسبق بومبيدو وزوجته كلود التي اشتهرت بحبها للفنون المعاصرة. وبعد ذلك انتقلت إلى مكتبها الخاص المؤثث بنقوش نباتية. وصنعت طاولة المكتب من الخشب والجلد الحليبي، وحولها صور عائلية ومجموعة من الكتب العزيزة عليها.
قالت بريجيت ماكرون إن الصفة التي تناسبها أكثر من غيرها هي أنها مقاتلة لأنها تشتغل في مؤسستها مع أطفال ومراهقين مرضى يقاتلون، مع عائلاتهم، أمراضا ثقيلة. وهم بحاجة إلى الكثير من الشجاعة لقهرها والتغلب عليها. وهناك طاقم العلاج والتمريض الذي يقاتل معهم كل يوم. كما تطرقت إلى الجائحة التي جاءت لتربك حياة الفرنسيين وجعلتهم يشعرون بالتعب والقلق وفقدان الاطمئنان. لكن هذا لم يثنيهم عن مساندة حملات «قطع النقد الصفراء». وطوال أشهر كانت تتلقى مع فريق عملها في المؤسسة سيلاً من النداءات والتبرعات من الأفراد وأصحاب الشركات والفنانين، يرسلون نقوداً أو يساهمون في نشاط اجتماعي وفني لجمع قطع النقد المعدنية التي سمحت بتوفير 40 ألف لوح إلكتروني ساعدت نزلاء المصحات النفسية ودور المسنين على حفظ الصلة مع عائلاتهم خلال أشهر الغلق. كما سمحت بتخصيص أماكن استراحة وتدليك للأطباء الذين لازموا وحدات العناية المركزة ولم يكونوا يجدون الوقت للعودة إلى بيوتهم. وكان هناك طهاة من ذوي الشهرة تطوعوا لتأمين وجبات طعام لهم ولطواقم التمريض.
تلقت زوجة الرئيس تنبيهات عن تزايد حوادث العنف المنزلي، الجسماني والنفسي، ضد الأطفال خلال فترات العزل والإغلاق. كان هناك من يضيق ببكاء رضيعه فيهزه بعنف. وكان على المؤسسة أن تتحرك لحماية الصغار الذين يتعرضون لسوء المعاملة وينتهي بهم الأمر في المستشفى. كان لا بد من إحاطتهم بالرعاية وإشعارهم بأنهم في أمان. وقد بلغ من حراجة المشكلة أن بعض الحالات كانت تقود إلى المحاكم. وأوضحت بريجيت ماكرون أن هناك اليوم وحدات متخصصة في المستشفيات لتشخيص العنف الأسري وأسلوب التعامل معه. وكشفت أنها استقبلت شخصياً العديد من الأطفال الذين تعرضوا للتحرش.
بادرت زوجة الرئيس الفرنسي إلى الالتقاء بمديري «غوغل» و«فيسبوك» و«يوتيوب» و«إنستغرام» و«تيك توك»، وتقول إنها لم تطلب منهم أن يأتوها بالقمر بل مجرد احترام القانون الذي يحرم الأطفال دون سن الثالثة عشرة من بلوغ تلك المواقع. وكانت لها مساعٍ للحصول على برامج تسمح بحذف محتويات معينة من الشبكة الإلكترونية في فرنسا. وباعتبارها مربية سابقة اشتغلت في التدريس، فإنها تقدر حجم التأثير الضار الذي تتركه بعض المواقع على التلاميذ. مع التأكيد على أنها ليست ضد التواصل رغم أنها لا تملك حساباً شخصياً. ووصفت مواقع التواصل بأنها ذات وجهين، مثل الدكتور جيكل والسيد هايد، وهناك وجه مفيد يقدم معلومات مفيدة هائلة وداعمة للشباب، لكن القلق هو من الوجه الثاني.
لدى سؤالها عن مسيرة حياتها التي كانت خارجة على المعتاد (طلاقها من زوجها الأول ثم اقترانها بتلميذها ماكرون الذي يصغرها في السن) أجابت: «هذا صحيح لكنني لم أسعَ لتلك التجربة، بل سقطت على رأسي. وكان علي في لحظة معينة أن أتحرك. إن هناك أوقاتاً في الحياة تفرض على المرء أن يقدم على اختيار سيؤثر على باقي مستقبله. خيار يستدعي القطع وهو مؤلم في بعض الأحيان. وعندما تحين تلك اللحظة فأنت لا تتصرف إلا وفق تكوينك. نقطة على السطر». وفيما يخصني فقد كان تكويني يقوم دائماً حول إيمانويل، وأنا أستخدم اسمه الأول لأنه زوجي وليس الرئيس، وحول أبنائي. وفي المواقف الصعبة لم أكن وحيدة مطلقاً بل كان لي أبنائي. ولا أود الحديث عنهم أكثر لئلا يتحول الحديث إلى استعراض. إن لي هذا العمود الفقري المضاعف، وحياتي لم تكن عادية، فأنا زوجة رئيس الجمهورية، لكن القيم الأساسية التي كونتني كانت بسيطة دائماً».
تحدثت بريجيت ماكرون عن طفولتها وأسرتها الكبيرة المؤلفة من ستة أبناء هي أصغرهم. وحين كان أشقاؤها وشقيقاتها الأكبر منها يقدمون لها المواعظ الأخلاقية فإنها كانت ترد بأنهم ليسوا أباها وأمها. وقد كان الوالدان متساهلين في بعض المواقف دون التنازل عن مبدأ احترام الغير. تقول: «لي طبع جيد وأعيش في اللحظة الراهنة. أدرك تماماً أن الموت ينتظرنا في أي لحظة (فقدت شقيقة لها في حادث سيارة)، ولهذا فإن الحاضر مهم والوقت قصير. وما لا نفعله اليوم فقد لا نفعله مطلقاً». وباعتبارها أستاذة لغة، تستشهد زوجة ماكرون بعبارة من رواية «حلقة الشعراء المختفين» التي تحولت فيلماً شهيراً. وتضيف أنها تعلقت بالأدب بفضل مطالعاتها الكثيرة وكانت تميل للروايات التاريخية والفرسان والمبارزات التي تنتشلها من واقعها وتنقلها إلى فضاء مختلف. ثم شيئا فشيئاً انتقلت إلى الروايات الكلاسيكية التي بقيت مهمة لديها. وهي مولعة بغوستاف فلوبير الذي تصفه بأنه يسجن اللغة في عباراته، ومن الشعراء تفضل بودلير ورامبو.
ما رأيها بالمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل التي اعترفت بعد سنوات طوال من الإنكار بأنها نسوية؟ تجيب: «أقولها لكم: أنا نسوية مع الرجال. وأقصد أنني سعيدة جداً لأن النساء بدأن بالحديث، أخيراً، والتعبير عن ذواتهن، وكشف ما يمكنهن القيام به. لكن هذه المعركة يجب أن تخاض برفقة الرجال. وأنا أطالبهم بسماعنا، وتفهمنا، والنضال معنا لأننا نحتاجهم في هذه المعركة. ولا أريد أن يتصور الرجل بأننا ضده. أنا أحب الرجال. والنسوية بالنسبة لي معركة تخص الجنسين».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».