إسرائيل لجعل العلاقات المتجمدة مع تركيا «فاترة»

في أعقاب شعورها بأن أنقرة تقلص نشاط «حماس» ضدها

TT

إسرائيل لجعل العلاقات المتجمدة مع تركيا «فاترة»

في أعقاب الشعور السائد في تل أبيب بأن تركيا بدأت تقلص نشاط «حماس» ضد إسرائيل من إسطنبول، قررت الحكومة الإسرائيلية التجاوب مع مبادرة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، لتحسين العلاقات بين البلدين، ولكن بشكل محدود، «يحوّلها من علاقات متجمدة إلى علاقات فاترة»، وبالتدريج، كما قال مصدر سياسي رفيع في تل أبيب.
وأكد المصدر أن الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، سيلبي الشهر المقبل، دعوة نظيره التركي، وسيسافر إلى أنقرة للقائه. وكانت جهات سياسية قد أكدت لصحيفة «هآرتس»، أمس (الأحد)، أن الحكومة الإسرائيلية تجد صعوبة في رسم اتجاه واضح للتقدم في العلاقات مع تركيا في الفترة القريبة، بسبب الماضي السيئ لهذه العلاقات والتقلبات المفاجئة التي تشهدها من آن لآخر. وظهر التخوف الأساسي في تل أبيب، بقوة، في مداولات مختلفة جرت في وزارة الخارجية وفي حكومة نفتالي بنيت وأجهزة الأمن فيها، مؤخراً، أن الشعور السائد بأن غاية إردوغان من تحسين العلاقات هي «مساعدته في إنقاذ بلاده من الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تواجهها»، وأنه «عندما تنفجر أزمة سياسية أخرى بين البلدين، سينقلب التعامل التركي مع إسرائيل مجدداً».
وقالت تلك الجهات إن إجماعاً ساد في صفوف ممثلي وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي في الحكومة والموساد (جهاز المخابرات الخارجية)، على التشكيك في نوايا الرئيس التركي. وهم يتذكرون كيف تصرفت تركيا خلال سلسلة أحداث منذ حربها الإعلامية على تل أبيب في سنة 2010، في أعقاب مهاجمة الكوماندوز البحري الإسرائيلي لسفن أسطول الحرية. حتى سنة 2018، عندما هاجمت أنقرة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، انفجرت أزمة دبلوماسية، وطردت تركيا السفير الإسرائيلي وأجرت له تفتيشاً أمنياً مهيناً في المطار.
لكن الإسرائيليين يسجلون في الوقت ذاته أن تركيا حرصت على الاستمرار في العلاقات التجارية والاقتصادية والسياحية طيلة سنوات الأزمة، وأن نجل إردوغان نفسه يشارك بشكل فعال في هذه العلاقات، عن طريق شركة النقل البحري، التي يديرها، والتي جعلت من ميناء حيفا محطة أساسية لتجارته مع الأردن، وعبرها مع الدول العربية.
كما أشارت إلى التعامل الودي في الرئاسة التركية، خلال حادثة اعتقال زوجين من السياح الإسرائيليين وإطلاق سراحهما بعد محادثات إيجابية بين الرئيسين هيرتسوغ وإردوغان، 3 مرات، (إردوغان بادر لمحادثتين، وهنأه في المرة الأولى بانتخابه رئيساً، وعزاه في المرة الثانية بوفاة والدته، وقبلها اتصل هيرتسوغ يشكر إردوغان على إطلاق سراح السائحين الإسرائيليين)، ومحادثة بين الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، الذي شكر إردوغان، ومحادثة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، مع نظيره الإسرائيلي، يائير لبيد، ليطمئن على صحته بعد إصابته بفيروس كورونا.
لكن الأهم من هذا هو انطباع المسؤولين الإسرائيليين عن «جهود جدية من المسؤولين الأتراك في الأسابيع الأخيرة للجم خطوات ناشطي (حماس) في تركيا»، معبرين أنها «مؤشر إيجابي على جدية إردوغان في تحسين العلاقات». ونقلت «هآرتس»، أمس، عن مصدر إسرائيلي مطلع على الاتصالات بين إسرائيل وتركيا، في الأسابيع الأخيرة، قوله، إن «إردوغان يظهر مؤشرات إيجابية جداً في محاربة الإرهاب وأدائه، مقابل ناشطي (حماس) في تركيا. وهذا أمر بالغ الأهمية، لأن هذا أحد المواضيع المركزية بالنسبة لنا التي تردعنا عن تحسين العلاقات، وهو أنه يستضيف تنظيماً إرهابياً لديه».
يذكر أن هيرتسوغ لم يعقب بصورة علنية على لقاء قريب محتمل بينه وبين إردوغان، لكن بنيت قال في مقابلاته مع الصحف الإسرائيلية نهاية الأسبوع، إنه يؤيد لقاء قمة كهذا، مضيفاً أنه «متشكك تجاه النوايا التركية، وليست لديّ أوهام، فقد رأيت ما حدث خلال الأزمات في غزة. ونحن نعرف هذا الحراك جيداً».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.