بعد اثنتين وعشرين رواية للروائي والناقد السوري نبيل سليمان، ابتداءً من عام 1970، صدرت روايته الجديدة (تحولات الإنسان الذهبي) عن دار «خطوط وظلال» بعمان، في 408 صفحة.
وحملت كلمة الغلاف مقاطع من النص التالي الذي كتبه الناقد المغربي الدكتور سعيد يقطين عن هذه الرواية: «لا أبالغ كثيراً إذا قلت: ليست هناك رواية عربية لم يطلع عليها نبيل سليمان. كما أنني لا أجانب الصواب إذا ذهبت إلى أنه من الروائيين العرب القلائل الذين تختزل حياتهم في كتابة الرواية. تشهد بكل هذا ذخيرته الروائية الطويلة والغنية والمتنوعة، ومتابعاته النقدية الوافية، وقراءاته المتواصلة منذ حوالي خمسين عاماً. وروايته الأخيرة هذه خير دليل على ذلك».
يُذكِّر عنوان الرواية القارئ العربي بتحولات الجحش الذهبي لأبوليوس. واستبدال الحمار، هنا، بالإنسان تحويل ومعارضة لكل ما كتب عن الحمار من نصوص إبداعية، قديماً وحديثاً، واختلاف عنها. بطل الرواية تحول من حمار إلى إنسان. وبما أنه كاتب فقد جعل كل همه في هاجس واحد ظاهر، وهو: «كتابة رواية عن الحمار»، وآخر باطن: كتابة رواية مختلفة عما كتب عن الحمار. وفر الكاتب لعمله هذا مادة تتصل بالحمار تربو على مائة وثلاثين مرجعاً. لم يتخذ الحمار قناعاً، ولا رمزاً، ولا أمثولة، لتصريف مواقف محددة، ولكنه جعل منه فقط حافزاً للسرد عن التحولات التي تطرأ على الإنسان في حياته اليومية، من خلال رصد جوانب من حياة البطل نفسه، في ذاته، من جهة، منذ طفولته إلى أن صار كاتباً يحضر المهرجانات التي تقام حول الحمار، في تركيا، والكويت، والمغرب، وفي علاقاته مع الآخرين، من جهة أخرى.
تتخذ الرواية مسارات متعددة لا نحس بها، إذا كان همنا هو فقط متابعة حبكة الرواية. من هذه المسارات ما هو تاريخي يتصل بتطور المجتمع العربي منذ الخمسينيات إلى الآن، ومسار ثقافي يتجلى في رصد العلاقات بين المثقفين، وهم يشاركون في التظاهرات والمهرجانات والمظاهرات. ومسار معرفي في تقديم مادة معرفية عن الحمار في ارتباطه مع الإنسان.
يوازي هذا الغنى والتنوع على مستوى المادة الحكائية والدلالية للنص، توظيفا لتقنيات روائية وفنية برع الكاتب في استثمارها، باقتصاد دقيق، من اللغة الراقية والشفافة، إلى تقطيع المشاهد، وتكسير عمودية الزمن، وتعدد اللغات والأصوات، مروراً بالهوامش، والعناوين الفرعية، وتضمين خطابات متنوعة ومتعددة من حقب وثقافات مختلفة.
هذه الرواية حلقة تضاف إلى سلسلة حلقات روايات نبيل سليمان، وهي تسائل الإنسان في تحولاته المتعددة، في الزمان والمكان. وحين تصر على «الإنسان الذهبي» فهي تسعى إلى استكشاف الجوهر الإنساني الذي تغيبه الصراعات، والتناقضات، وتدفعه إلى البحث عن تحولاته الكائنة والممكنة التي كما قد تجعله يتحول من حمار إلى إنسان، يمكن أن ترتد به لينتقل من إنسان إلى حمار.
الرواية الثالثة والعشرون لنبيل سليمان
الرواية الثالثة والعشرون لنبيل سليمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة