زيارة عون لدريان بروتوكولية بلا مفاعيل سياسية

(تحليل إخباري)

TT

زيارة عون لدريان بروتوكولية بلا مفاعيل سياسية

لم تبدّل زيارة الرئيس ميشال عون للمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان في المشهد السياسي الذي فرضه قرار زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بالعزوف عن خوض الانتخابات النيابية، والطلب من أعضاء «التيار» أن يحذوا حذوه.
ويقول مصدر مقرب من رؤساء الحكومات السابقين لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة عون بقيت محصورة في إطارها البروتوكولي والرمزي ولن تكون لها مفاعيل سياسية، وجاءت بناء على رغبة عون في اتصال أجراه بدريان.
وكشف المصدر نفسه أن المفتي دريان رحّب باستقبال الرئيس عون في دار الفتوى، وقال إن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أُعلما أول من أمس بزيارته، فيما أُعلم لاحقاً الرئيس تمام سلام بموعدها، وقال إن الزيارة تبقى في حدود المجاملة، ولن تكون لها مفاعيل سياسية مباشرة يراد منها تطويق تداعيات عزوف الحريري عن خوض الانتخابات النيابية.
ولفت إلى أن الزيارة جاءت وليدة ساعتها ولم يتم التحضير لها من خلال إعداد جدول أعمال يتعلق بالمواضيع التي طرحها عون وعبّر عنها في التصريح الذي أدلى به فور انتهاء اللقاء الذي استمر أقل من 20 دقيقة، وقال إن أبواب دار الفتوى وإن كانت ولا تزال مفتوحة للتشاور في القضايا الكبرى التي تعصف بالبلد والحلول المرجوّة لإنقاذه، فإن رئيس الجمهورية لم يعد في الموقع الذي يتيح له رعاية الحوار بين اللبنانيين.
وأكد المصدر نفسه أن عون تخلى عن دوره بانحيازه إلى محور «الممانعة» بقيادة إيران ممثلة بحليفها «حزب الله» وأطراف محلية تدور في فلكها، وقال إن عون الذي يقترب من انتهاء ولايته الرئاسية أقحم نفسه في الانقسام السياسي وأصبح جزءاً من المشكلة، وبالتالي فَقَدَ قدرته على رعاية الوفاق بين اللبنانيين.
وتعامل مع زيارته للمفتي دريان على أنها وداعية، وهو يستعد لإخلاء سدة الرئاسة الأولى لرئيس جديد، على أن يُنتخب من المجلس النيابي الجديد، وحذّر من أن يأتي الرد اللبناني على الأسئلة التي حملها معه إلى بيروت وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح بدعم عربي ودولي بالأجوبة نفسها التي يردّ فيها على تساؤلات معظم السفراء المعتمدين لدى لبنان والتي تأخذ البلد نحو الأسوأ، ولا بد من التريُّث لمعرفة رد فعل مجلس وزراء الخارجية العرب على أجوبة لبنان الرسمي، وهل هي كافية ومقنعة، أم لا. ورداً على سؤال، أكد المصدر نفسه أن المشهد الضبابي المسيطر على التحضير لخوض الانتخابات النيابية سيبقى قائماً إلى ما بعد ما سيقوله الحريري للبنانيين ولجمهوره في خطابه الذي سيلقيه بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لاغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ورفاقه.
وهذا يظهر جلياً من خلال الإرباك الذي أوقع فيه حلفاءه السابقين وخصومه بقراره عدم خوض الانتخابات، وأيضاً محازبيه المنتمين إلى تيار «المستقبل» وجمهوره من خارج التيار.
واعتبر أن زيارة عون للمفتي دريان لن تبدّل من واقع الحال الذي يحاصر الانتخابات النيابية تحالفاً واقتراعاً، ولن تؤثر على الاستعدادات لخوضها مع عدم إقبال المرشحين على التقدُّم بطلبات الترشيح، إلا إذا كان يرغب رئيس الجمهورية، وبناء على طلب فريقه السياسي، الدخول على خط الخلاف المستعر بين حزب «القوات اللبنانية» و«المستقبل» في محاولة لتعويم تياره، رغم أن رهانه في هذا المجال ما هو إلا مجازفة لن يُكتب لها النجاح.
وتوقّف المصدر نفسه أمام التلاقي القائم بين ميقاتي والسنيورة بعدم مقاطعتهما الانتخابات النيابية من دون أن يحسم رئيس الحكومة قراره بالترشُّح أو عدمه تاركاً لنفسه اختيار الوقت المناسب لتحديد موقفه، مع أنه كان لمح في لقاءاته برؤساء الحكومات السابقين بميله إلى العزوف عن خوضها.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر مواكب للقاءات بين ميقاتي والسنيورة وسلام بالتواصل مع الحريري الموجود في أبوظبي، أن الاتصالات تدور حول إيجاد آلية لقرارهم عدم مقاطعة الانتخابات على الأقل اقتراعاً، على أن يحسم ميقاتي قراره النهائي.
وأكد المصدر المواكب أن الحريري كان أبلغ رؤساء الحكومات أنه سيحضر إلى بيروت قبل حلول الذكرى السابعة عشرة لاغتيال والده في 14 فبراير (شباط) 2005، وأنه ستكون هناك وقفة أمام ضريحه وأضرحة رفاقه، على أن يليها توجيهه كلمة للبنانيين، مع أنه في كلمته التي أعلن فيها تعليقه للعمل السياسي، لم يعلن مقاطعته للانتخابات.
وكشف المصدر نفسه أن رؤساء الحكومات السابقين بالتفاهم مع ميقاتي يعملون الآن على ترتيب الوضع في الشارع السنّي بالتنسيق مع المفتي دريان، وقال إنهم يطرحون مجموعة من الأفكار سيصار إلى بلورتها بمشاركة الحريري فور عودته إلى بيروت، لأنه من غير الجائز إخلاء الساحة بعدم مشاركة السنّة في العملية الانتخابية.

وأكد أنه لا مصلحة في إفراغ العملية الانتخابية من الناخب السنّي والانكفاء عن المشاركة التي يمكن أن تصبّ لصالح محور «الممانعة»، خصوصاً أنه لا يمكن التكهُّن بطبيعة المتغيرات التي قد تطرأ على الساحة اللبنانية وتعليق المشاركة في الانتخابات تناغماً مع قرار الحريري بتعليق مشاركته في الحياة السياسية.
ولفت إلى أن الحريري، وكما وعد، لن ينقطع عن التواصل مع جمهوره ومحازبيه، وهو كان بعث من مقر إقامته في أبوظبي برسائل نصّية إلى منسّقيات «المستقبل» بغية تأكيده على التواصل معها من جهة وحثّها على مواصلة تحرّكها تجنُّباً لوقوعها في فراغ قاتل، لأنه ليس في وارد اتخاذ قراره بحل تيار «المستقبل» والانسحاب من العمل السياسي المباشر مع جمهوره.
وأكد أن الغموض سيبقى مسيطراً حتى إشعار آخر على خريطة التحالفات الانتخابية حتى مجيء الحريري في 14 فبراير إلى بيروت، لأن حضوره يشكل مناسبة لبلورة الأفكار التي يجري حالياً التداول فيها بين رؤساء الحكومة وترجمتها إلى خطوات ملموسة يراد منها العمل على ترتيب الوضع السنّي وصولاً إلى المشاركة في العملية الانتخابية انسجاماً مع التوجُّه العام بعدم مقاطعتها، وبالتالي إخراجه من حالة الإرباك المسيطرة عليه والقلق الذي يسود السواد الأعظم من الناخبين السنّة، ومن بينهم الجمهور الواسع المنتمي إلى تيار «المستقبل»، لأن العزوف عن مقاطعتها اقتراعاً يتطلب وضع آلية لضبط الإيقاع العام للناخبين.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.