سوريون في برلين يبحثون عن «مخرج من الحرب»

اجتماع ضم موالين للنظام ومعارضين

TT

سوريون في برلين يبحثون عن «مخرج من الحرب»

اجتمعت مجموعة من السوريين المؤثرين سراً في إحدى قاعات الرقص بالعاصمة الألمانية برلين بحثاً عن سبل للخروج من الصراع الطويل الأمد في وطنهم، حسب تقرير لوكالة الصحافة الألمانية من برلين.
وجاء المشاركون في الاجتماع، الذي استمر يومين، من معسكرات متعادية، وقدموا من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية ومن المنفى أيضاً. وكان من بينهم أعضاء من عائلات وقبائل مهمة وكذلك شخصيات بارزة.
وخلال الاجتماع، الذي جرى الأسبوع الماضي، تحدث المشاركون من دون تفويض رسمي، ولكن بهدف إيجاد تسوية بعد ما يقرب من أحد عشر عاماً من الحرب الأهلية.
ولا يخلو الأمر من مخاطرة بالنسبة للسوريين القادمين من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية. فنظراً لأنهم شاركوا في المحادثات دون تفويض من القيادة في دمشق، قد يواجهون قمعاً عند العودة إلى ديارهم. لذلك يرغب معظمهم في عدم الكشف عن هويتهم. وتدعم الحكومة الألمانية ودول أوروبية أخرى المحادثات في الخلفية.
وتعتبر المبادرة نفسها بمثابة تكملة للمفاوضات الرسمية بين الحكومة والمعارضة بوساطة الأمم المتحدة في جنيف، والتي وصلت إلى طريق مسدود منذ فترة طويلة.
وقال الألماني - السوري، ناصيف نعيم، الذي أدار الاجتماع، إن المشاركين يحاولون تمهيد «طريق ثالث» خارج نطاق المعسكرات، مضيفاً أنهم يرون أنفسهم ممثلين عن «الأغلبية الصامتة» بين السوريين، الذين لا يدعمون القيادة أو المتمردين، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بسد الفجوة بين المعسكرات المتعادية.
وقال باسم جوهر، وهو ضابط سابق تحول إلى دعم الاحتجاجات: «أصبحنا جميعاً ضحايا في هذه الحرب... لقد فقدت جزءاً من عائلتي، وهم أيضاً (يقصد أنصار المعسكرات الأخرى). نريد إيجاد أرضية مشتركة. هدفنا الوحيد هو إنهاء الحرب». وغالباً ما تكون المناقشات مثيرة للجدل، حيث قال ميشيل عرنوق، هو طبيب وشخصية معروفة في وطنه وأحد القلائل القادمين من المناطق الحكومية الذين سمحوا بالإعلان عن اسمهم: «نحن مختلفون في العديد من القضايا... لكننا نستمع إلى بعضنا بعضاً ونحاول أن نفهم بعضنا بعضاً».
وشارك في هذه المحادثات كل الطوائف والجماعات المهمة: السنة والمسيحيون وكذلك العلويون، وهي أقلية دينية ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد وتسود في سوريا. كما شارك أيضاً أكراد وأتباع أقليات أخرى.
وبدأ الصراع في سوريا في 2011 باحتجاجات سلمية استخدمت الحكومة العنف ضدها. ومن ذلك تطورت الحرب الأهلية. وبمساعدة الحليفتين روسيا وإيران، استعاد أنصار الرئيس بشار الأسد السيطرة الآن على نحو ثلثي البلاد. وتخضع باقي المناطق لسيطرة قوات تركية أو متمردين أو الأكراد.
وتعود بدايات المحادثات السرية إلى ما يقرب من ست سنوات. ففي عام 2017 اتفق المشاركون بعد محادثات اتسمت في بعض الأحيان بالتنازع الشديد على «مدونة سلوك من أجل تعايش سوري مشترك»، والتي ضمت إجمالاً 11 مبدأ، من بينها أنه «ليس هناك منتصر ولا مهزوم». كما يقبل الموقعون بالمساءلة على أعمال العنف والفظائع، لكنهم يرفضون الانتقام والذنب الجماعي. وهذا مهم في نزاع تكون فيه المعسكرات طائفية للغاية، وغالباً ما يتحمل أفرادها مسؤولية تصرفات آخرين في مجموعتهم. ومن المفترض أن تكون هذه المبادئ في نهاية المطاف بمثابة أساس للسلام.
وفي السنوات الأخيرة، عُقدت المحادثات مع أعضاء متغيرين في أماكن مختلفة، وتعقد هذه الاجتماعات حالياً تحت اسم «مجلس الميثاق السوري». قال المسؤول عن إدارة الاجتماع الأخير، نعيم، إن المشاركين من المناطق الحكومية والمنفى قد اقتربوا من بعضهم بعضاً، مضيفاً أنه في أول اللقاء كانوا يجلسون في صفوف منفصلة - لكن هذا الفصل الصارم أُزيل بعد استراحة القهوة الأولى.
ومع ذلك لا تزال بعض المواضيع مستبعدة من النقاش حتى يومنا هذا: فالنسبة للمشاركين من المناطق الحكومية، فإن مناقشة مستقبل بشار الأسد تعني تجاوز الخط الأحمر.
ويدرك المشاركون في الاجتماع أن تأثيرهم محدود في ظل توازن القوى والوضع العسكري الحالي، لكنهم يريدون الاستعداد لليوم الذي ينتهي فيه الصراع، أو كما يقول أحد المشاركين من المناطق الحكومية: «ماذا سنقول للعالم في هذه اللحظة بالتحديد التي لم تأتِ بعد؟».



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.