جدل بين «الوطني الليبي» وحكومة «الوحدة» بعد معارك مع «داعش»

تبادلا إعلان المسؤولية عن قتل عناصر من التنظيم في جنوب البلاد

عناصر من «الجيش الوطني» الليبي يتعاملون مع «الإرهابيين» بجبل عصيدة جنوب البلاد (صفحة اللواء خالد المحجوب مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش)
عناصر من «الجيش الوطني» الليبي يتعاملون مع «الإرهابيين» بجبل عصيدة جنوب البلاد (صفحة اللواء خالد المحجوب مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش)
TT

جدل بين «الوطني الليبي» وحكومة «الوحدة» بعد معارك مع «داعش»

عناصر من «الجيش الوطني» الليبي يتعاملون مع «الإرهابيين» بجبل عصيدة جنوب البلاد (صفحة اللواء خالد المحجوب مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش)
عناصر من «الجيش الوطني» الليبي يتعاملون مع «الإرهابيين» بجبل عصيدة جنوب البلاد (صفحة اللواء خالد المحجوب مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش)

تبادل «الجيش الوطني» الليبي، وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إعلان الانتصار على تنظيم «داعش» بعد مواجهات عسكرية في جنوب البلاد.
وتعهد الدبيبة بأن ليبيا «لن تكون وكراً للتنظيمات المتطرفة والعصابات الإجرامية، والعمل بكل قوة على دحرها وهزيمتها». واكتفى بتوجيه التحية «لأبطال الجيش والشرطة الذين يواجهون التنظيمات المتطرفة والإرهابية في كل أنحاء الوطن».وكما ترحَّم الدبيبة على «شهداء الوطن» الذين ارتقوا إلى بارئهم أثناء محاربتهم لتنظيم «داعش» ببلدية القطرون بجنوب البلاد، وحيا جهود وزارة الداخلية والقوات المساندة لها على قيامهم بواجبهم.
وقالت وزارة الداخلية بالحكومة الليبية، إن مجموعة تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي بالجنوب الغربي للبلاد، هاجمت دورية تابعة لـ«كتيبة شهداء أم الأرانب»، الأربعاء الماضي، بالقرب من جبل عصيدة على بعد 80 كيلومتراً غرب منطقة القطرون، نتج عن ذلك مقتل ثلاثة عناصر.
وأوضحت أن الدوريات الأمنية المكلفة قتلت 4 من «الدواعش»، ودمرت آليتهم التي كانوا يستقلونها، «بينما ما زالت الجهود متواصلة لملاحقة فلول الإرهابيين حتى يتم القضاء عليهم وإحكام السيطرة الأمنية».وطمأنت الوزارة، المواطن الليبي، بأن «أمنه واستقراره مسؤولية وطنية، وأنها لن نتهاون تحت أي ظرف من الظروف في التعامل بحزم وشدة مع هؤلاء العابثين بأمن واستقرار البلاد». وترحم حسين القطراني، النائب الأول للدبيبة، على «شهداء قوات الجيش»، مشيداً بجهود العسكريين المنتسبين للقوات المسلحة والداخلية والقوة المساندة لهم، ودعا للتكاتف ونبذ الخلافات من أجل سيادة ليبيا ووحدة أراضيها. بدورها، ترحمت نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بالحكومة على «شهداء الوطن» الذين تصدوا لـ«الهجوم الإرهابي» ببلدية القطرون، وقالت إنها تشد على أيادي «كل الوطنيين البواسل في حربهم ضد الإرهاب».
في المقابل، انتقد اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، «ترحم الدبيبة على منتسبي جهة لا علاقة لها بمعارك الجنوب، ولم تشارك فيها أو تكون لها أي علاقة بها». وقال إن «وحدات (الجيش الوطني) هي من خاضتها خلال اليومين الماضيين، وقدمت فيها 4 (شهداء) حتى الآن ضد تنظيم (داعش) الإرهابي».
وأضاف المحجوب، الذي أعلن انتهاء معارك عمليات جنوب القطرون، في بيان مساء أول من أمس، أن «حكومة (الوحدة) لم تقدم حتى الآن شيئاً من أجل دعم الجيش لتأمين الجنوب والحدود ومقارعة الإرهاب أخطر ما يواجه الوطن وأمنه». ورأى أن الحكومة «تصرف الأموال في كل ما يدعم استمرار مجموعات مسلحة مختبئة في المدن من أجل استقرار الفوضى واستمرار سيطرتها على حرية الوطن والمواطن وقمعه وإرهابه».في السياق ذاته، قالت اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» التابعة لـ«الجيش الوطني»، إن المواجهات أسفرت عن مقتل 23 «داعشياً» 4 منهم فجروا أنفسهم قبل القبض عليهم، مؤكدة أنه «لا صحة» لادعاء الدبيبة بشأن مشاركة أي قوة من الداخلية في هذه المواجهات.
بدورها، نقلت مديرية أمن القطرون، مساء أول من أمس، عن غرفة عمليات الجيش الليبي الانتهاء من العمليات العسكرية جزئياً، مشيرة إلى عودة جميع المقاتلين من أرض المعركة، مع بقاء بعض الوحدات لإنهاء عمليات التمشيط النهائي. وأشارت إلى عمليات تمشيط واسعة وملاحقة للفلول الهاربة مع انتشار واسع لقوات الجيش والقوة المساندة لها من مختلف الكتائب، وأوضحت أن أحد القيادات البارزة في «داعش» شُوهد في بداية الاشتباك، وهو يعطي تعليماته بالتمركز والانتشار فوق الجبال بالعربية الفصحى، مما يدل على أن عناصر التنظيم ينتمون إلى جنسيات عدة. ونفى اللواء فوزي المنصوري آمر منطقة سبها العسكرية التابعة لـ«الجيش الوطني» لوسائل إعلام محلية، ما سماه بمزاعم حكومة «الوحدة»، عن مشاركة قواتها في عمليات الجنوب ضد تنظيم «داعش». وقال إن لا صحة لما أعلنه الدبيبة ووزارة الداخلية عن مقتل 4 إرهابيين فقط، ولا عن مشاركة وزارة الداخلية في العمليات. ونوه إلى أن قوات الجيش تمكنت من القضاء على 19 عنصراً من التنظيم جنوب القطرون في المواجهات.
وقال العميد ميلاد الزوي، المتحدث باسم «القوات الخاصة»، إن وحدات «الجيش الوطني» متمثلة في اللواء 128 بعدد 3 سرايا مقاتلة واللواء طارق بن زياد عبر السرية العاشرة مقاتلة واللواء 73، خاضت المعارك التي أسفرت عن وفاة أربعة جنود من عناصر اللواء 128.
وانحسر وجود فلول تنظيم «داعش» جنوب ليبيا، خصوصاً في الصحراء، بعدما كان ينشط في مناطق متفرقة من البلاد، وطرده من معقله الرئيسي في مدينة سرت الواقعة على بعد 450 كيلومتراً، شرق العاصمة طرابلس، بعد عملية عسكرية واسعة قادتها قوات «البنيان المرصوص» التابعة لحكومة «الوفاق» السابق، بدعم جوي أميركي.
وسمحت الفوضى الأمنية والصراع على السلطة منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011، لجماعات متطرفة، على رأسها «داعش» بالحصول على موطئ قدم في ليبيا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.