غوتيريش يحض مجلس الأمن على التوافق وسط خلافات أميركية ـ روسية حول ليبيا

ستيفاني ويليامز لدى وصولها إلى مدينة سبها بجنوب ليبيا في وقت سابق هذا الأسبوع (حساب المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا على «تويتر»)
ستيفاني ويليامز لدى وصولها إلى مدينة سبها بجنوب ليبيا في وقت سابق هذا الأسبوع (حساب المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا على «تويتر»)
TT

غوتيريش يحض مجلس الأمن على التوافق وسط خلافات أميركية ـ روسية حول ليبيا

ستيفاني ويليامز لدى وصولها إلى مدينة سبها بجنوب ليبيا في وقت سابق هذا الأسبوع (حساب المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا على «تويتر»)
ستيفاني ويليامز لدى وصولها إلى مدينة سبها بجنوب ليبيا في وقت سابق هذا الأسبوع (حساب المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا على «تويتر»)

حض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس أعضاء مجلس الأمن على توحيد مواقفهم لتمديد بعثة المنظمة الدولية للدعم في ليبيا، أنسميل، قبل انتهاء تفويضها الراهن بعد غد الاثنين، غداة إخفاقهم في ذلك بسبب المطالبة الروسية بتعيين مبعوث أممي جديد وعدم إبقاء الملف الليبي تحت عهدة المستشارة الخاصة للأمين العام الأميركية ستيفاني ويليامز.
وكان مقرراً أن يصوت المجلس الخميس على مشروع قرار أعدته بريطانيا لتمديد مهمة أنسميل حتى 15 سبتمبر (أيلول) المقبل، بعدما جرى تعديل النص أكثر من مرة في محاولة للتغلب على الخلاف في شأن العديد من المسائل، ومنها الموقف من الانتخابات الرئاسية والتشريعية والتفويض الممنوح للبعثة الأممية ومدة هذا التفويض. وأصر الجانب الروسي على تعيين مبعوث خاص خلفاً للسلوفاكي يان كوبيش الذي استقال في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، علماً بأن الخلافات بين المجلس حالت دون ذلك، ما دفع غوتيريش إلى تعيين ويليامز في منصب مستشارة خاصة، ولكنها تقوم فعلاً بمهمة المبعوث. وبدا أن روسيا مستعدة لممارسة امتياز النقض (الفيتو) لمنع إصدار القرار ولتقديم مشروع قرار بديل يطالب الأمين العام بتعيين مبعوث خاص جديد «من دون تأخير» واقتصار مدة التفويض على ثلاثة أشهر، ما دفع الجانب البريطاني إلى إرجاء عملية التصويت إفساحاً للمجال أمام المزيد من المفاوضات للتوصل إلى صيغة توافقية.
وكانت الخلافات بين الدول الغربية من جهة وروسيا من الجهة الأخرى حول ملف ليبيا ظهرت في سبتمبر الماضي، لكن دبلوماسيين يضعونه الآن في خانة النزاع المتزايد بين واشنطن وموسكو على العديد من الملفات الدولية الأخرى.
وأفاد دبلوماسي بأن الانقسامات بين أعضاء الأمم المتحدة ليست إشارة جيدة لليبيين ولن تساعد المستشارة الأممية في دورها الحالي. وطفت الخلافات بين واشنطن وموسكو على طاولة مجلس الأمن مجدداً قبل أيام حين نقلت وسائل إعلام أوروبية أن لا اتفاق على تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة وعلى هيكلية البعثة الأممية مع تعيين ممثل للأمين العام في طرابلس. ولفت إلى أن الأمم المتحدة موجودة على الأرض عبر ويليامز التي تولت في السابق رئاسة البعثة. وأضاف أنه «إذا جرى تعيين مبعوث جديد، فسيتقلص دور ويليامز». وهذا ما عبر عنه نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، الذي طالب بتعيين وسيط جديد في ليبيا، وقال: «من المهم أن يقدم الأمين العام مرشحاً لهذا المنصب في أسرع وقت ممكن (…) يجب أن يتمتع مبعوث الأمم المتحدة بالخبرة الكافية في إطار التفويض الذي يقرره مجلس الأمن»، مضيفاً أنه «لسوء الحظ، ليس لدينا مثل هذا الشخص على رأس البعثة في الوقت الحالي».
وفي تعليق على هذا التطور، قال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الأمين العام يقوم بتنفيذ التفويض الذي يمنحه إياه مجلس الأمن، داعياً أعضاء المجلس إلى «الوحدة والوضوح» لأن ذلك «يساعد الأمين العام على تنفيذ التفويض الممنوح له. وأكد آن غوتيريش يعمل حالياً عن قرب مع أعضاء مجلس الأمن من أجل تحقيق مصلحة البعثة الأممية في ليبيا وأيضاً تحقيق مصالح الليبيين. وشدد على أن غوتيريش «ممتن بعمق لما تبذله مستشارته الخاصة في ليبيا ستيفاني ويليامز من جهود في بيئة صعبة للغاية مثل ليبيا».
وتقود البعثة الأممية في ليبيا جهوداً لحل أزمة إرجاء تعثر إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتعمل ويليامز حالياً على سلسلة اتصالات ولقاءات مع قوى محلية ودولية بهدف دفع هذا الاستحقاق الدستوري.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.