دراسة: مواقد الغاز المنزلية تشكل تهديداً صحياً وبيئياً أكبر من المعتقد

الانبعاثات من مواقد الغاز في المنازل الأميركية لها نفس تأثير الاحتباس الحراري مثل نصف مليون سيارة تعمل بالبنزين (إ.ب.أ)
الانبعاثات من مواقد الغاز في المنازل الأميركية لها نفس تأثير الاحتباس الحراري مثل نصف مليون سيارة تعمل بالبنزين (إ.ب.أ)
TT

دراسة: مواقد الغاز المنزلية تشكل تهديداً صحياً وبيئياً أكبر من المعتقد

الانبعاثات من مواقد الغاز في المنازل الأميركية لها نفس تأثير الاحتباس الحراري مثل نصف مليون سيارة تعمل بالبنزين (إ.ب.أ)
الانبعاثات من مواقد الغاز في المنازل الأميركية لها نفس تأثير الاحتباس الحراري مثل نصف مليون سيارة تعمل بالبنزين (إ.ب.أ)

أظهر بحث جديد، أن الغاز المنبعث من المواقد والأفران المنزلية ليس فقط خطيراً على الصحة العامة ولكن له أيضاً تأثير أكبر بكثير على أزمة المناخ مما كان يعتقد سابقاً.
ووجدت الدراسة، التي أجراها علماء في جامعة ستانفورد، أن الانبعاثات من مواقد الغاز في المنازل الأميركية لها نفس تأثير الاحتباس الحراري مثل ذلك المرتبط بنصف مليون سيارة تعمل بالبنزين - أكثر بكثير مما قدر العلماء سابقاً، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وقال لي زيتشي من المجموعة البيئية «سين انيرجي»: «تؤكد هذه الدراسة الجديدة ما يقوله المدافعون عن البيئة منذ أكثر من عقد الآن، أنه لا يوجد شيء يسمى «الغاز النظيف» لمنازلنا، أو لمجتمعاتنا أو للمناخ». وتابع «من بئر الحفر إلى المواقد في مطابخنا، يضر الغاز المتصدع بصحتنا ويدفئ كوكبنا».
الميثان، المكون الرئيسي للغاز الطبيعي، هو عامل قوي لتدفئة كوكب الأرض. يقول العلماء، إنه أقوى بنحو 80 مرة على المدى القصير من ثاني أكسيد الكربون.

ووجدت الدراسة أيضاً، أنه في المنازل التي لا تحتوي على شفاطات أو ذات تهوية سيئة، يمكن أن يصل تركيز أكاسيد النيتروجين الضارة - وهو منتج ثانوي لحرق الغاز الطبيعي - إلى حد يضر بالصحة في غضون دقائق، خاصة في المنازل ذات المطابخ الصغيرة.
وتُسرب مواقد الغاز والأفران كميات كبيرة من غاز الميثان الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب، سواء كانت مضاءة أو متوقفة عن التشغيل. تقدر الدراسة، أن المواقد تطلق ما بين 0.8 في المائة إلى 1.3 في المائة من غازها الطبيعي في الغلاف الجوي كميثان غير محترق.
قد لا يبدو ذلك كثيراً، لكن مؤلف الدراسة الرئيسي، العالم إيريك ليبل، قال لشبكة «سي إن إن»، إنه «رقم كبير حقاً» عند إضافته إلى كمية الميثان التي يتم إطلاقها أثناء إنتاج ونقل الغاز نفسه.
وأوضح «إذا قال أحدهم إنه لا يستخدم الموقد الخاص به، وبالتالي لا ينبعث منه أي غاز ميثان، فهذا ليس صحيحاً في الواقع لأن معظم المواقد التي قمنا بقياسها كانت تحتوي على الأقل على نزيف بطيء من الميثان أثناء توقفها عن العمل».

وبالنسبة لأكاسيد النيتروجين التي تشكل خطراً ضاراً بشكل خاص على الأطفال وكبار السن، قال ليبل، إنهم وجدوا أن الانبعاثات تتناسب طردياً مع كمية الغاز التي يتم حرقها.
قال ليبل «إذا شغلت موقداً آخر، أو استخدمت موقداً أكبر، فإن كل هذه الأشياء ستنتج المزيد من أكاسيد النيتروجين... تركيز هذه الغازات يعتمد على حجم مطبخك، والتهوية».
تأتي الدراسة في الوقت الذي يتحول فيه عدد متزايد من المدن الأميركية، بما في ذلك أماكن معينة في كاليفورنيا ونيويورك وماساتشوستس، بعيداً عن تضمين وصلات الغاز الطبيعي في المنازل الجديدة.
ويؤكد دعاة الطاقة الخضراء بأن التحول من الغاز إلى الأجهزة الكهربائية سيسهل الانتقال إلى الطاقة المتجددة. الأجهزة الكهربائية، وفقاً لهذه الدراسة، تتجنب المنتجات الثانوية الضارة الناجمة عن حرق الغاز الطبيعي.

وأشار ليبل إلى أنه يأمل أن يستخدم صانعو السياسات هذه الأبحاث في جهودهم لتخفيف الكربون من المنازل وجعل الأجهزة صحية أكثر.
وتابع «إنها ليست مجرد قضية مناخية، وليست صحية، لكنها قضية مشتركة... عندما يقرر الناس ما إذا كانوا سيفرضون حظراً على الغاز أم لا، يجب أن يأخذوا في الاعتبار التأثيرات المناخية والصحية... ويبدو واضحاً تماماً ما يظهره العلم».


مقالات ذات صلة

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

يوميات الشرق اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات، حيث كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق النسخة الأولى من المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير أقيمت في 2022 (واس)

السعودية تنظِّم «المعرض والمنتدى الدّولي لتقنيات التّشجير»

يهدف المعرض إلى الاستفادة من التّقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة وتدهور الأراضي، وإتاحة منبرٍ لمناقشة المشكلات البيئية الحالية، والبحث عن حلول لها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق دجاج (أ.ف.ب)

الدجاجة أم البيضة؟ علماء يتوصلون أخيراً إلى إجابة لغز «من الذي جاء أولاً»

قالت صحيفة إندبندنت البريطانية إن علماء من جامعة جنيف قدموا، في دراسة، إجابة للغز الشائع «مَن الذي جاء أولاً الدجاج أم البيضة؟» استندت إلى اكتشاف كائن حي متحجر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

وزير البيئة السعودي: المملكة تركز على أهمية معالجة تحديات الأمن الغذائي

نوّه وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، بريادة المملكة في دعم جهود «مجموعة العشرين»، لتحقيق أهداف تحديات الأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

TT

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

بينما تتواصل جلسات «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، بالعاصمة السعودية الرياض لليوم الثاني، أظهرت ردهات المكان، والمعرض المصاحب للمؤتمر بما يحتويه، تاريخاً من الريادة السعودية في هذا المجال على مدى 3 عقود، وفقاً لردود الفعل من شخصيات حاضرة وزوّار ومهتمّين.

جانب من المعرض المصاحب لـ«المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

 

على الجهة اليُمنى من مدخل مقر المؤتمر، يكتظ المعرض المصاحب له بالزائرين، ويعرّج تجاهه معظم الداخلين إلى المؤتمر، قُبيل توجّههم لحضور الجلسات الحوارية، وبين مَن يلتقط الصور مع بعض التوائم الموجودين ويستمع لحديثٍ مع الأطباء والطواقم الطبية، برزت كثير من المشاعر التي باح بها لـ«الشرق الأوسط» عددٌ من أشهر حالات التوائم السياميّة التي نجحت السعودية في عمليات فصلها خلال السنوات الأخيرة.

 

«أعمل في المستشفى حيث أُجريت عملية فصلنا»

السودانيتان التوأم هبة وسماح، من أوائل التوائم الذين أُجريت لهم عمليات الفصل قبل 3 عقود، وقد عبّرتا لـ«الشرق الأوسط» عن فخرهما بأنهما من أولى الحالات الذين أُجريت عملية فصلهما في السعودية.

قالت هبة عمر: «مَدّتنا عائلتنا بالقوة والعزيمة منذ إجرائنا العملية، وهذا الإنجاز الطبي العظيم ليس أمراً طارئاً على السعودية، وأرجو أن يجعل الله ذلك في ميزان حسنات قيادتها وشعبها».

 

التوأم السيامي السوداني هبة وسماح (تصوير: تركي العقيلي)

أما شقيقتها سماح عمر فتضيف فصلاً آخر من القصة :«لم نكن نعرف أننا توأم سيامي إلّا في وقت لاحق بعد تجاوزنا عمر الـ10 سنوات وبعدما رأينا عن طريق الصّدفة صورة قديمة لنا وأخبرنا والدنا، الذي كافح معنا، بذلك وعاملنا معاملة الأطفال الطبيعيين»، وتابعت: «فخورون نحن بتجربتنا، وقد واصلنا حياتنا بشكل طبيعي في السعودية، وتعلّمنا فيها حتى أنهينا الدراسة الجامعية بجامعة المجمعة، وعُدنا إلى السودان عام 2020 شوقاً إلى العائلة ولوالدتنا»، وبعد اندلاع الحرب في السودان عادت سماح إلى السعودية لتعمل في «مستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث»، وهو المستشفى نفسه الذي أُجريت لها ولشقيقتها فيه عملية الفصل.

ووجهت سماح عبر «الشرق الأوسط» رسالةً إلى التوائم السيامية طالبتهم فيها باستكمال حياتهم بشكل طبيعي: «اهتموا بتعليمكم وصحتكم؛ لأن التعليم على وجه الخصوص هو الذي سيقوّيكم لمواجهة صعوبة الحياة».

 

«وجدتُ العلاج في السعودية»

بوجهين تغشاهما البراءة، ويشع منهما نور الحياة، بينما لا يتوقع من يراهما أن هاتين الطفلتين قد أجرتا عملية فصل؛ إذ تظهرا بصحة جيدة جداً، تقف الباكستانيتان التوأم فاطمة ومشاعل مع أبيهما الذي يتحدث نيابةً عنهما قائلاً :«بحثت في 8 مستشفيات عن علاج للحالة النادرة لفاطمة ومشاعل، ولم أنجح في مسعاي، وعندما رفعت طلباً إلى الجهات الصحية في السعودية، جاء أمر العلاج بعد شهرين، وتوجهت إلى السعودية مع تأشيرة وتذاكر سفر بالإضافة إلى العلاج المجاني. رافقتني حينها دعوات العائلة والأصدقاء من باكستان للسعودية وقيادتها على ما قدمته لنا».

التوأم السيامي الباكستاني فاطمة ومشاعل (تصوير: تركي العقيلي)

 

«السعودية بلد الخير (...) فاطمة ومشاعل الآن بأفضل صحة، وأصبحتا تعيشان بشكل طبيعي مثل أخواتهما الثلاث الأخريات»؛ يقول الوالد الباكستاني... «أشكر القيادة السعودية والشعب السعودي الطيب والدكتور عبد الله الربيعة على الرعاية التي تلقيناها منذ كان عمر ابنتيّ عاماً واحداً في 2016».

وقبل أن تغادرا الكاميرا، فاضت مشاعر فاطمة ومشاعل بصوتٍ واحد لميكروفون «الشرق الأوسط»: «نحن فاطمة ومشاعل من باكستان، ونشكر السعودية والملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والدكتور عبد الله الربيعة».

 

عُماني فخور بالسعودية

أما محمد الجرداني، والد العُمانيتين التوأم صفا ومروة، فلم يُخفِ شعوره العارم بالفخر بما وصلت إليه السعودية من استخدام التقنيات الحديثة في المجال الطبي حتى أصبحت رائدة في هذا المجال ومجالات أخرى، مضيفاً أن «صفا ومروة وُلد معهما شقيقهما يحيى، غير أنه كان منفرداً».

الجرداني وهو يسهب في الحديث لـ«الشرق الأوسط»، وسط اختلاط المشاعر الإنسانية على وجهه، أكّد أن صحة ابنتيه اليوم «في أفضل حالٍ بعدما أُجريت لهما عملية الفصل في السعودية عام 2007، وأصبحتا تمارسان حياتهما بأفضل طريقة، ووصلتا في دراستهما إلى المرحلة الثانوية»، وأضاف: «نعزو الفضل في ذلك بعد الله إلى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، اللذين واصلا المسيرة الإنسانية للسعودية... وصولاً إلى هذا المؤتمر، وتحديد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عامٍ (يوماً للتوائم الملتصقة)».

الجرداني أشاد بجهود الدكتور عبد الله الربيعة في قيادة الفرق الطبية المختصة، وقال إنه «مدين بالشكر والعرفان لهذا المسؤول والطبيب والإنسان الرائع».

المؤتمر الذي يُسدَل الستار على أعماله الاثنين ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم، والتقنيات الطبية المستخدمة فيها، بالإضافة إلى استعراضٍ للقدرات والإمكانات الطبية الحديثة المرتبطة بهذا النوع من العمليات وبأنشطة «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».