«الدستوري الحر»: دعوة الغنوشي إلى جلسة برلمانية تجاوز خطير

«النهضة» تحذر التونسيين من «انفجار اجتماعي وشيك»

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

«الدستوري الحر»: دعوة الغنوشي إلى جلسة برلمانية تجاوز خطير

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

نددت كتلة «الدستوري الحر» (معارضة)، في بيان لها أمس، بـ«التجاوزات والخروقات الخطيرة»، التي يقوم بها راشد الغنوشي، رئيس «حركة النهضة» التونسية، واستنكرت ما وصفته بـ«التلاعب المفضوح بالإجراءات، والسطو على صلاحيات هياكل المجلس، ومخالفة نظامه الداخلي، لتقرير جلسة عامة باطلة بطلاناً مطلقاً»، معلنة عدم التزامها بأي مخرجات تنتج عن هذه الجلسة، وأنها تحتفظ بحقها في مقاضاته من أجل ما اقترفه من مخالفات.
وكان ماهر مذيوب، مساعد رئيس مجلس النواب المجمدة اختصاصاته، المكلف الإعلام والاتصال، قد أوضح أن الغنوشي وجه إرسالية إلى النواب لحضور جلسة عامة من بُعد، أمس، احتفاءً بالذكرى الثامنة للمصادقة على الدستور.
وقال «الدستوري الحر»، بزعامة عبير موسي، إنه يرفض رفضاً قاطعاً «توظيف الغنوشي صفته على رأس البرلمان في معركته الشخصية مع رئيس سلطة تصريف الأعمال»، ويدين «سياسة الكر والفر بين الطرفين في إطار تصفية حسابات خاصة بهما، لا علاقة لها بالمصلحة العليا للوطن»، محذراً من «مغبة تواصل هذه الممارسات على استقرار البلاد وأمنها القومي».
من جهته، قال الغنوشي، أمس، إن تونس «أصبحت في عزلة دولية خانقة، ومهددة بانفجار اجتماعي»، بعد 6 أشهر مما وصفه بانقلاب الرئيس قيس سعيد على الدستور.
وكان الغنوشي يتحدث في اجتماع عبر الإنترنت لبعض أعضاء البرلمان، هو الأول منذ أن جمد سعيد عمل البرلمان في 25 يوليو (تموز) الماضي، وتعدّ هذه أوضح إشارة منذ ذلك الوقت على تحدي الرئيس وقرارته؛ منها تعليق عمل البرلمان.
وأضاف الغنوشي، في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» للأنباء أمس، أن ما وصفه بالانقلاب أدى إلى «أزمة مالية خانقة، بدأت تفرض نفسها في أشكال كثيرة، مثل التهاب الأسعار، أو غياب مواد أساسية... فضلاً عن العزلة الدولية الخانقة التي تعيشها البلاد، وبما صنع وضعاً اجتماعياً يتهيأ للانفجار»، داعياً إلى «حوار وطني يضم الجميع»، يسبقه إلغاء سعيد قرارات الحكم بمراسيم رئاسية، وإطلاق سراح المساجين.
حضر الاجتماع الافتراضي بعض الأعضاء من أحزاب: «النهضة» و«قلب تونس» و«الكرامة»، بالإضافة إلى عضو برلماني مستقل واحد على الأقل.
وأوضح الغنوشي أن هناك 75 نائباً وقعوا على عريضة لعقد جلسة أخرى للبرلمان، وهو ما يعني أن «المجلس ما زال حياً» وفقاً لكلامه.
وقاطعت أطراف عدة أخرى الاجتماع؛ من بينها «التيار الديمقراطي»، و«حركة الشعب»، و«الحزب الدستوري الحر»، إضافة إلى مستقلين قالوا إنهم غير معنيين بالدعوة.
وأكد الغنوشي أن الاجتماع يُعقد بمناسبة الذكرى السنوية لدستور عام 2014، الذي يقول سعيد إنه ستعاد صياغته من لجنة خبراء، وقد بدأ باستشارات عبر الإنترنت، على أن يُعرض على استفتاء.
وتواجه تونس أزمة مالية عامة تلوح في الأفق بعد سنوات من الركود، لكن الإصلاحات المؤلمة اللازمة لتأمين المساعدة الدولية قد تهدد بإثارة اضطرابات اجتماعية. وفي كثير من الأحيان تحول الغضب من الظروف الاقتصادية إلى احتجاجات في الشوارع، أو اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة خلال العقد الذي أعقب الثورة التونسية. وقد حاول الرئيس سعيد جذب المساعدات الثنائية من الدول الأجنبية، حيث طالب المانحون باتباع نهج أكثر شمولاً في التغيير السياسي، والإصلاحات الاقتصادية اللازمة لتأمين المساعدة.
وكان سعيد قد أكد أنه لا عودة للبرلمان المعلق، وأوضح الشهر الماضي أن انتخابات برلمانية ستجرى في ديسمبر (كانون الأول) هذا العام. فيما أعلنت الحكومة، التي عينها في سبتمبر (أيلول) الماضي، عن قانون للمالية العامة يتضمن بعض الإصلاحات التي يسعى إليها المانحون، لكنها تعرضت لانتقادات من قبل أحزاب المعارضة.



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».