«السيادي» السوداني قلق بشأن نشاط البعثات الدبلوماسية الأجنبية

ناقش استكمال تعيين الوزارات الشاغرة في حكومة تصريف الأعمال

اجتماع مجلس السيادة الانتقالي في السودان
اجتماع مجلس السيادة الانتقالي في السودان
TT

«السيادي» السوداني قلق بشأن نشاط البعثات الدبلوماسية الأجنبية

اجتماع مجلس السيادة الانتقالي في السودان
اجتماع مجلس السيادة الانتقالي في السودان

أعرب مجلس السيادة السوداني الذي يقوده العسكريون، مساء اليوم، عن قلقه إزاء نشاط البعثات الدبلوماسية الأجنبية.
وقدم وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق إفادة للمجلس حول «أنشطة بعض البعثات الدبلوماسية المقيمة في الخرطوم والمخالفة للأعراف الدبلوماسية والمنتهكة لسيادة البلاد». ولم يذكر البيان مزيداً من التفاصيل حول هذه الأنشطة.
وبعد الاستيلاء على السلطة في أكتوبر (تشرين الأول)، تعرض قادة الجيش السوداني لانتقادات من الدول الغربية التي دعت إلى إعادة الحكومة التي يقودها المدنيون وإنهاء حملة قمع الاحتجاجات. وناقش مجلس السيادة الانتقالي في اجتماع تعيين وزراء لسد الفراغ الدستوري في حكومة تصريف الأعمال.
وقالت عضو مجلس السيادة المتحدث الرسمي باسمه، سلمى عبد الجبار المبارك، في تصريح صحافي إن الاجتماع الذي عقد برئاسة رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، استعرض استكمال تعيين الوزارات الشاغرة على أن «يتم التعيين لها وفق المعايير المرتكزة على مبدأ الاستقلالية والمهنية والكفاءة، وذلك في إطار استكمال حكومة تصريف الأعمال».
في غضون ذلك، أدت اللجان الخاصة بحل معالجة شرق البلاد، القسم أمام رئيس اللجنة العليا، نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو «حميدتي».
وتعهد حميدتي بالوقوف في الحياد، مع كل الأطراف والكيانات في شرق السودان، محذراً في الوقت ذاته من سماهم بمثيري الفتن الذين يسعون للتحريض لإشعال الخلافات في الإقليم. ووعد حميدتي بإيجاد الحلول الناجعة للوضع في شرق السودان.
وتتكون اللجان الثلاث التي كونها مجلس السيادة، من ممثلي المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة الذي يتزعمه، ناظر قبيلة الهدندوة محمد الأمين «ترك» الذي أغلق أنصاره الإقليم لأكثر من شهرين، بالإضافة إلى ممثلين للمجلس الأعلى للإدارات الأهلية، ويضم عدداً من القبائل والمجموعات السكانية الأخرى التي تقطن الإقليم.
وتسببت أزمة الشرق في ضغط كبير على حكومة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك. وأكد نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي أن مشكلة الشرق يمكن معالجتها عبر الحوار بين الأطراف.
ودعا كل الأطراف لتغليب المصلحة العامة لإنسان الشرق، وإعلاء قيم التسامح والوفاق، مشدداً على ضرورة توحيد الكلمة من خلال حوار مباشر بين كل المكونات للوصول إلى رؤية موحدة تضمن الخروج الآمن من الأزمة في شرق البلاد، مبيناً أن أهل الشرق قادرون على حلحلة قضاياهم والوصول إلى توافق تام.
وقطع نائب رئيس مجلس السيادة، بالوقوف موقف الحياد تجاه كل الأطراف ومساندته للحق، مشيراً إلى الروابط والعلاقات التي تجمع أبناء شرق السودان وضرورة المحافظة عليها بعيداً عن أي مؤثرات.
وأصدر حميدتي في وقت سابق قرارات بتشكيل لجان لإجراء المصالحات المجتمعية بين الأطراف بشرق السودان تستعين بأهل الرأي والحكمة، بالإضافة إلى لجنة أخرى للوساطة وتسهيل الحوار بين الأطراف.
وقرر مجلس السيادة في وقت سابق تعليق مسار شرق السودان لحين حدوث توافق مكونات الإقليم من خلال مؤتمر جامع، وجد قبولاً من كل الأطراف، وفقاً لما نصت المادة (34) من اتفاق مسار شرق السودان على إقامة مؤتمر تشاوري جامع لأهل الشرق لمناقشة قضاياهم.
واندلعت الأزمة في شرق السودان باعتراض زعيم أهلي يقود تجمعاً لعدد من القبائل في الإقليم على اتفاقية «جوبا» للسلام، التي تضمنت معالجة قضايا الحكم والثروة في الشرق، أسوة بمناطق النزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، لوقف الحرب وإحلال السلام باعتبارها إحدى أهم أولويات الحكومة لعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وتصاعدت الأزمة بشكل أكبر في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، حينما أقدم ناظر عموم البجا والعموديات المستقلة، محمد الأمين «ترك» على إغلاق الموانئ الرئيسية في البلاد، وخطوط أنابيب الوقود والطريق القومي الرابط بين الإقليم والعاصمة الخرطوم، مما أدى إلى شلل تام في حركة التجارة ونقل البضائع إلى جميع الولايات، ورهن التراجع عن هذه الخطوات التصعيدية بإلغاء اتفاق السلام.
وخلف التصعيد في الشرق انقساماً داخلياً وسط المكونات المجتمعية بشرق السودان، ما دفع عدداً من قادة الإدارات الأهلية والقوى الاجتماعية للاعتراض على أي خطوة لإلغاء الاتفاق تؤدي إلى تهديد النسيج الاجتماعي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.