الاتحاد الأوروبي يدّعي على الصين لدى منظمة التجارة العالمية

علما الصين والاتحاد الأوروبي (رويترز)
علما الصين والاتحاد الأوروبي (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يدّعي على الصين لدى منظمة التجارة العالمية

علما الصين والاتحاد الأوروبي (رويترز)
علما الصين والاتحاد الأوروبي (رويترز)

أثار الاتحاد الأوروبي حفيظة الصين، اليوم (الخميس)، عبر إقامته دعوى عليها لدى منظمة التجارة العالمية لاستهدافها ليتوانيا على خلفية موقفها من تايوان، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومثّلت خطوة بروكسل تدهوراً جديداً في العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، فيما يبدو أن اتفاقاً للاستثمار تم التفاوض عليه منذ مدة طويلة بات في وضع هش بعدما تبادل الطرفان فرض عقوبات.
ويتمحور السجال الأخير حول ليتوانيا، إحدى أصغر دول الاتحاد الأوروبي والتي أحدثت ضجة واسعة في يوليو (تموز) عندما سمحت لتايوان بفتح مكتب تمثيل دبلوماسي في فيلنيوس.
وأثارت الخطوة غضب بكين التي لا تعترف بتايوان كدولة وتعتبر الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي ديمقراطي أرضاً متمرّدة على البر الرئيسي.

وقال مفوض الشؤون التجارية في الاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس إن «إطلاق قضية في منظمة التجارة العالمية ليست خطوة نتعامل معها بتهاون»، وأضاف: «لكن بعد فشل المحاولات المتكررة لحل المسألة ثنائياً، لا نرى طريقاً للمضيّ قدماً غير طلب مشاورات من هيئة تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية مع الصين».
وتتولى المفوضية الأوروبية السياسة التجارية لدول الاتحاد الأوروبي الـ27 وتقود النزاعات في منظمة التجارة العالمية في جنيف حتى وإن كانت مرتبطة ببلد عضو واحد.
وعبر رفعه القضية إلى منظمة التجارة العالمية، يدعم الاتحاد الأوروبي اتهامات رواد الأعمال والمسؤولين الليتوانيين للصين بأنها حظرت الواردات من ليتوانيا على وقع الخلاف وفرضت عليها قيوداً اقتصادية أخرى.
لكنّ عملية التحكيم في منظمة التجارة العالمية تُعرف ببطئها ويستغرق الوصول إلى نتائج وقتاً طويلاً. ويفتح إجراء اليوم نافذة مدّتها 60 يوماً أمام الطرفين للتوصل إلى حل قبل انتقال النزاع إلى لجنة متخصصة.
ونددت بكين بالخطوة، معتبرةً أنْ «لا أساس» للاتهامات لها بممارسة «ما يسمى» الإكراه. وقال الناطق باسم الخارجية الصيني تشاو ليجيان، إن «القضية بين الصين وليتوانيا سياسية، لا اقتصادية».

وبعد أسابيع من التحقيقات، أكدت المفوضية أنها جمعت أدلة على القيود الصينية التي تشمل «رفض منح إذن بمرور البضائع الليتوانية عبر الجمارك، ورفض استيراد التطبيقات من ليتوانيا، والضغط على شركات الاتحاد الأوروبي العاملة في دول أخرى في الاتحاد الأوروبي لتشطب المدخلات الليتوانية من سلاسل إمداداتها».
وذكرت تقارير أن شركات في كل من ألمانيا وفنلندا والسويد تعرّضت لضغوط لقطع ليتوانيا عن سلاسل إمداداتها.
ورغم الأدلة، أفاد دومبروفسكيس بأن التكتل سيواصل السعي لإيجاد حلول سلمية للنزاع، وأثار المشكلة مع نظرائه الصينيين في الأسابيع الأخيرة. وقال للصحافيين إنه بينما تعد الصين «شريكاً أساسياً» و«نثمّن هذه العلاقة»، إلا أن «علاقتنا تستدعي الاحترام المتبادل».
ورحّبت ليتوانيا «برسالة واضحة للغاية» مفادها أن الاتحاد الأوروبي «لن يتساهل مع إكراه اقتصادي مدفوع سياسياً»، وذلك على لسان وزير خارجيتها غابريليوس لاندسبيرغيس.
بدورها، أصدرت الخارجية التايوانية بياناً أعربت فيه عن «أعلى درجات التضامن والدعم» لليتوانيا والاتحاد الأوروبي. وذكرت أن «إجراءات الصين الاقتصادية والتجارية غير المناسبة... أقلقت الكثير من الدول وأدت إلى نفورها» من بكين.
وبدأ النزاع في نوفمبر (تشرين الثاني) عندما خفضت الصين مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع ليتوانيا وتوقفت عن إصدار تأشيرات فيها، احتجاجاً على قرار فيلنيوس السماح لتايوان بفتح مكتب تمثيلي باسمها. وأعربت الولايات المتحدة عن دعمها للاتحاد الأوروبي وليتوانيا في الخلاف.
وبدافع من الجدل الأخير، يناقش الاتحاد الأوروبي مسودة قواعد تزوّد بروكسل بصلاحيات جديدة تمكّنها من الرد على جهود تقوم بها حكومات أجنبية لتقويض النشاطات التجارية والاقتصادية الأوروبية.



«ستاندرد آند بورز» تحذر من تأثير السياسات الأميركية على اقتصادات أوروبا الوسطى

يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
TT

«ستاندرد آند بورز» تحذر من تأثير السياسات الأميركية على اقتصادات أوروبا الوسطى

يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)
يزور الناس سوق عيد الميلاد في وسط مدينة بودابست بالمجر (رويترز)

أفادت وكالة «ستاندرد آند بورز»، الخميس، بأن التصنيفات الائتمانية لأوروبا الوسطى، التي تحمل أغلبها نظرة مستقرة أو إيجابية، تتمتع بمرونة كبيرة، ولكن الطريقة التي ستتبعها الإدارة الأميركية الجديدة في الوفاء بوعودها الانتخابية قد تشكل تحدياً.

وفي تقرير بعنوان: «آفاق التصنيف السيادي لأوروبا الوسطى والشرقية لعام 2025»، قالت الوكالة إنه في ظل بعض السيناريوهات، قد تؤدي التعريفات التجارية الأميركية الأعلى على الاتحاد الأوروبي، وارتفاع حالة عدم اليقين بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى عرقلة نمو أوروبا الوسطى نتيجة تراجع الطلب الخارجي من أوروبا الغربية. وتعد كل من جمهورية التشيك والمجر وسلوفاكيا من البلدان الأكثر تأثراً بسبب الروابط العميقة مع قطاع السيارات الألماني، وقواعد تصنيع العلامات التجارية الألمانية. ومن المرجح أن تتأثر بولندا، أكبر اقتصاد في المنطقة، بشكل أقل بفضل اعتمادها المحدود على الصادرات وتنويع اقتصادها.

وقالت كارين فارتابيتوف، المحللة الرئيسة في وكالة التصنيف السيادي لأوروبا الوسطى والشرقية ورابطة الدول المستقلة، لـ«رويترز»: «التصنيفات مرنة للغاية. يمكن اختبار خطوط الأساس لدينا من خلال الطريقة التي تفي بها الإدارة الأميركية الجديدة بوعودها قبل الانتخابات». وأضافت: «قد تكون التأثيرات غير المباشرة من خلال الضعف في أوروبا المتقدمة، بما في ذلك ألمانيا، كبيرة للغاية. رغم أن خط الأساس يشير إلى مرونة التصنيفات، فإن عدم اليقين بشأنه قد زاد إلى حد ما».

وأوضحت فارتابيتوف أنه إذا كان الطلب المحلي الألماني مرناً، فمن غير المرجح أن تتأثر الصادرات البولندية بشكل كبير مقارنة بدول وسط أوروبا الأخرى، مثل المجر أو جمهورية التشيك، التي توجه صادراتها بشكل أكبر نحو قطاع السيارات.

وتتمتع بولندا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي خارج منطقة اليورو، أيضاً بأعلى نسبة من الإنفاق الدفاعي مقارنة بالناتج الاقتصادي بين دول حلف شمال الأطلسي، مما يجعلها أقل عُرضة لدعوات الرئيس المنتخب دونالد ترمب لزيادة الإنفاق الدفاعي.

وقال توني هوش، رئيس غرفة التجارة الأميركية في بولندا: «بولندا في وضع أفضل سياسياً واقتصادياً بالنسبة لأي تغييرات قد تطرأ نتيجة لإدارة ترمب الجديدة تجاه أوروبا». وأضاف: «سوف تتأثر إذا واجهنا مضاعفات تجارية، ولكن بشكل أقل من كثير من البلدان الأخرى، وربما بشكل أقل بكثير في بعض الحالات».

ومع ذلك، قد تتعطل القصة الإيجابية لبولندا في حال حدوث ركود حاد في الاقتصاد الألماني المجاور، وهذا يعتمد على تطورات الحرب في أوكرانيا. وقد حذّر بعض المستثمرين من أن هذين العاملين يشكلان مخاطر رئيسة.

نظرة بناءة

ورغم هذه التحديات، قالت فارتابيتوف إن «ستاندرد آند بورز» تحتفظ بنظرة بناءة بشكل عام بشأن توقعات النمو في أوروبا الوسطى، باستثناء أي صدمات خارجية كبيرة أو تصعيد في التوترات التجارية العالمية، والتي قد تعرقل مسارات النمو العالمية والأوروبية.

وأضافت: «في خط الأساس لدينا، ستظل أوروبا الوسطى والشرقية واحدة من أسرع المناطق نمواً في العالم، وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بالتركيبة السكانية، فإننا نتوقع أداء نمو معقول على المدى المتوسط».

وتتوقع «ستاندرد آند بورز» أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في أوروبا الوسطى إلى 2.8 في المائة خلال العام المقبل من 2 في المائة عام 2024، مدفوعاً بزيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارات بفضل الأموال الأوروبية.

وقالت فارتابيتوف إن البنوك المركزية في بولندا والمجر من المرجح أن تستأنف خفض أسعار الفائدة العام المقبل، على الرغم من أنّ كلاً من تقلبات العملة والتضخم الثابت في جميع أنحاء المنطقة قد خلق «خلفية صعبة للغاية» لصنّاع السياسات.

كما أضافت أن المشهد السياسي المتفتت بعد الانتخابات في رومانيا من المرجح أن يعقد جهود الحكومة في كبح العجز الكبير في الموازنة، الذي يبلغ نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الهدف الذي تسعى رومانيا لتحقيقه على مدار سبع سنوات.

وقالت فارتابيتوف: «كما رأينا في بعض البلدان، يشكل خطر الائتلافات الحاكمة المتفتتة تهديداً لسياسات مالية أكثر مرونة».

وأوضحت: «في خط الأساس لدينا، نتوقع توحيداً تدريجياً في الأمد المتوسط، بدعم من توقعات نمو معقولة والجهود السياسية، لكن المخاطر التي تهدد هذا الخط الأساسي لا تزال قائمة. لدى رومانيا سجل حافل بنتائج مالية أضعف مقارنة بالأهداف المحددة».