عبد اللهيان: لا تزال هناك قضايا عالقة في المفاوضات رغم التقدم

أبلغ وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، نواب البرلمان، بأن المفاوضات الهادفة لإنعاش الاتقاق النووي لعام 2015 في فيينا «تتقدم بشكل جيد»، لكن «لا تزال هناك قضايا عالقة»، نافياً أن تكون طهران قد أجرت مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، حسبما أفاد به الإعلام الحكومي.
وقال المتحدث باسم اللجنة البرلمانية للأمن القومي والسياسة الخارجية، النائب محمود عباس زاده مشكيني، إن عبد اللهيان «قدم تقريراً عن مسار مفاوضات فيينا إلى النواب الأعضاء في اللجنة، ورد على أسئلتهم».
ونقلت وكالات حكومية عن المتحدث قوله إن «وزير الخارجية شدد على أنه لم تجرِ محادثات مباشرة مع الأميركيين، وأن المحادثات مع مجموعة (4+1) تتقدم بشكل جيد حتى الآن». وقال: «من المهم لنا أن نحصل على ضمانات موضوعية وشاملة، كما نؤكد على التحقق. لقد أحرز بعض التقدم لكن لا تزال هناك قضايا عالقة».
ونقل موقع البرلمان الإيراني «خانه ملت» عن المتحدث قوله إن «النواب قدموا مقترحات للمفاوضات، واستمع إليها الوزير باهتمام».
وقال عباس زاده مشكيني إن «الغرب يسعى للحصول على امتيازات من إيران، ويحاول خلق التوتر بين الناس عبر قضايا بالية، ولن يبلغوا غايتهم»، وأضاف: «ما هو مهم التوصل إلى اتفاق مستدام، موثوق، شامل ومربح للجانبين»، معرباً عن اعتقاده بإمكانية تحقق الاتفاق «بناء على توصيات المرشد في إطار مصالح البلاد». وقال: «إيران تريد اتفاقاً مستداماً، وإذا كان دائماً فسيكون أفضل».
وحاول النائب تفسير ما تعنيه إيران بـ«اتفاق مربح للجانبين»، موضحاً أنه «يعالج مخاوف الطرف المقابل، ويلبي الطلبات المنطقية والشرعية لإيران بشأن رفع العقوبات»، لكنه اتهم الأطراف الأخرى بأنها «تسعى لاتفاق مؤقت يمكنها أن تتخلى عنه وقتما تشاء».
- الاتفاق المؤقت
قال عضو اللجنة، النائب أبو الفضل عمويي لوكالة «إرنا» الرسمية إنه «لا توجد مواعيد نهائية للفريق المفاوض الإيراني». ورداً على سؤال بشأن مطالب الدول الغربية لإتاحة المراكز النووية لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أوضح النائب أن «قانون إلغاء العقوبات» الذي أقره البرلمان في ديسمبر (كانون الأول) 2020 «لا يسمح بدخول مفتشي (الوكالة الدولية) للمراكز النووية، لكن إيران تواصل التعاون مع (الوكالة الدولية) في قضية حظر الانتشار النووي»، مضيفاً أنه «يقتصر على المواد النووية والمراكز النووية المعلنة، باستثناء ذلك لن نقبل بالتفتيش الذي لا تنص عليه القضايا البروتوكولية».
ونوه النائب بأن «جدول أعمال الوفد المفاوض هو متابعة الرفع الشامل للعقوبات، والاتفاق المؤقت ليس مطروحاً لدى إيران». ولفت إلى أن إيران «تعمل على تنويع شركائها التجاريين، بما يترك تأثيراً مهماً في إجهاض العقوبات».
وعلى مدى الأسبوع الماضي، رفض مسؤولون إيرانيون عدة مرات قبول إيران أي «اتفاق مؤقت» في فيينا. وذلك بعدما نقلت شبكة «إن بي سي نيوز» عن مسؤولين أميركيين أن روسيا قدمت مقترحاً إلى إيران بعلم أميركي، لإبرام «اتفاق مؤقت» في فيينا لمدة ستة أشهر، يقضي بتخفيف العقوبات الأميركية مقابل قبول إيران قيوداً على برنامجها النووي.
ويلزم الاتفاق طهران بوقف التخصيب بنسبة 60 و20 في المائة، وكذلك نقل مخزون اليورانيوم عالي التخصيب إلى الخارج، وقيود على أجهزة الطرد المتقدمة، مقابل الإفراج عن أصولها المجمدة في العراق وكوريا الجنوبية واليابان.
ورداً على سؤال عما إذا كانت روسيا عرضت على رئيسي مقترح «الاتفاق المؤقت»، قال المتحدث باسم الحكومة، علي بهادري جهرمي، في مؤتمره الصحافي، أول من أمس (الثلاثاء)، إن «الاتفاق المؤقت ليس على جدول أعمال الجمهورية الإسلامية، والفريق المفاوض النووي يركز على رفع العقوبات الظالمة». وأعيد السؤال ثانية، ورد المتحدث بشأن مناقشة المقترح في موسكو. وقال: «في زيارة روسيا، جرى التأكيد على ضرورة عودة جميع الأطراف إلى الاتفاق النووي، وإلغاء مؤثر للعقوبات».
وأعلنت إيران، الاثنين، أنها مستعدة للنظر في إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، إذا شعرت أن بإمكانها الحصول على اتفاق جيد، مع ضمانات بأن واشنطن لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى.
وبدوره، صرح الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مقابلة خاصة مع التلفزيون الرسمي «لم نجرِ محادثات مع الأميركيين. ولكن كما أعلنا في وقت سابق ونعلن مجدداً، إذا كانت الأطراف (الأخرى) مستعدة لرفع العقوبات الجائرة عن الأمة الإيرانية، فهناك مجال لأي اتفاق».
ونظراً لأن إيران ترفض الاجتماع مباشرة مع المسؤولين الأميركيين في فيينا، يتعين على الأطراف الأخرى في الاتفاقية - بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا - أن تتنقل بين الجانبين لنقل مواقف أحدهما للآخر.
ومنذ أشهر، تخوض طهران والقوى التي لا تزال منضوية في اتفاق عام 2015 مفاوضات تهدف إلى إحياء الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018، مُعيدةً فرض عقوبات على طهران، ما دفع الأخيرة للتراجع عن التزامات أساسية كانت مُدرَجة فيه.
وتشارك واشنطن بشكل غير مباشر في المباحثات، ويتولى الأطراف الباقون في الاتفاق، أي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تنسيق المواقف بين المفاوضين الإيرانيين والأميركيين.
ورفضت طهران مراراً إجراء مباحثات مباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا، معللة ذلك بأن واشنطن لم تعد طرفاً في الاتفاق.
ويأتي ذلك بعد زهاء أسبوعين من موقف للمرشد الإيراني علي خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا، ومنها الملف النووي، اعتبر فيه أن التفاوض مع «العدو» لا يعني التسليم له. وقال في خطاب في التاسع من يناير (كانون الثاني): «لا يجب التسليم للعدو، ولا يجب أن يتم التسامح مع غطرسة العدو»، مضيفاً: «على سبيل المثال، أن نفاوض، نناقش، أو نتفاعل أحياناً مع العدو، هو مسألة أخرى».
وفسّر محلّلون في حينه هذا الموقف على أنه قد يشكّل موافقة ضمنية على إجراء مباحثات مباشرة مع الولايات المتحدة، كما كانت عليه الحال في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق النووي لعام 2015.
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، أول من أمس، إن المحادثات التي تستهدف إنعاش الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين القوى الغربية وإيران تقترب من مأزق خطير.
ورداً على هذا الموقف، قال المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده، إن التصريحات «غير مسؤولة ولا أساس لها»، مضيفاً أنها «صفحة جديدة من اللعبة الفارغة لبريطانيا وبعض الدول الغربية في إلقاء اللوم والتستر على سنوات من العجز ومسايرة العقوبات غير القانونية للولايات المتحدة».
وأضاف المتحدث أن «الصبر الاستراتيجي لإيران وحده الذي يهيئ الظروف للمفاوضات»، وحذر من أن «هذه النافذة لن تبقى مفتوحة إلى الأبد ومن الضروري على الأطراف الأخرى أن تبذل جهودها من أجل عدم ضياع آخر فرصة لها في طاولة المفاوضات بدلاً من تكرار لعبة إلقاء اللوم واستخدام أدبيات مملة».
- سجال داخلي
وانتقدت صحیفة «كيهان» الرسمية بشدة تصريحات وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، وأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، بعدما طرحا احتمال إجراء مباحثات مباشر مع واشنطن لإبرام تفاهم «جيد».
وقال عبد اللهيان للصحافيين، الاثنين، على هامش مؤتمر في الوزارة الخارجية إن «الجانب الأميركي يبعث برسائل بطرق مختلفة مفادها أنه يبحث عن مستوى معين من المباحثات المباشرة مع إيران». وأضاف: «حالياً إيران لا تتحدث مباشرة إلى الولايات المتحدة (...)، لكن إذا بلغنا خلال المفاوضات نقطة يحتاج فيها إبرام اتفاق جيد مع ضمانات قوية، إلى مستوى معين من المباحثات مع الولايات المتحدة، لن نتجاهل ذلك في جدول عملنا».
وأول من أمس (الثلاثاء)، كرر شمخاني، على «تويتر»، شروط طهران لتغيير شكل المفاوضات مع الولايات المتحدة. وقال إن «التواصل» بين الوفدين الإيراني والإيراني «كان غبر تبادل رسائل خطية غير رسميةـ لم ولن تكون هناك حاجة إلى أكثر من هذا»، ولكنه كتب أيضاً أن «هذا الأسلوب من التواصل تُستبدل به أساليب أخرى فقط عندما يكون الاتفاق الجيد في متناول اليد».
ومع ذلك، احتجت «كيهان» التي يختار رئيس تحريرها المرشد الإيراني، على «المرونة» التي أبداها شمخاني وعبد اللهيان. وكتب رئيس تحريرها المتشدد، حسين شريعتمداري: «نظراً لمعرفتي بأخوي عبد اللهيان وشمخاني، ومعرفتهما بالتحدي النووي على مدى سنوات بين إيران والولايات المتحدة وحلفائها، أستبعد أنهما لا يعرفان خطة الخداع التي تكمن في المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، خاصة أنهما وضعا شروطاً»، وأشار إلى «الارتياح» في «الأوساط الأميركية وعملائهم في الداخل» بأن «الأميركيين سيحصلون على امتياز».
وقال شريعتمدارى إن موقف المسؤولين يأتي في وقت أظهر فيه الأميركيون أنهم «يريدون التفاوض من أجل التفاوض، وليس حل القضايا الثنائية»، ومن جانب آخر أشار إلى أن مفاوضات فيينا «تمر بمسار معقد»، متهماً الأوروبيين بأنهم يتهربون من «أصل القضية في المفاوضات»، وأشار إلى مساعٍ أميركية في التوصل إلى اتفاق يتطرق إلى الصواريخ الباليستية والأنشطة الإقليمية، منذ الانسحاب من الاتفاق النووي، قبل أن يتناول عودة الجانبين إلى طاولة المفاوضات، بعدما أقر البرلمان لإيراني خطوات متقدمة من انتهاك التزامات الاتفاق النووي، برفع تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة و60 في المائة. وأضاف أن «الجانب الغربي خضع لمفاوضات في إطار حددته طهران». وأشار إلى تعهد الرئيس الإيراني الجديد ووزير خارجية بتوفر الشروط الإيرانية للعودة إلى الاتفاق.
من هذا المنطلق، كتب: «وفق أي تحليل منطقي ومقبول يتحدث شمخاني وعبد اللهيان عن احتمال مفاوضات مباشرة مع أميركا؟ أي جانب من القضية ليس واضحاً، ويتطلب وضوحه التفاوض المباشر مع أميركا؟». واستندت افتتاحية «كيهان» على شرط عبد اللهيان بشأن «إبرام اتفاق جيد مع ضمانات قوية»، وقالت: «إذا كان الاتفاق الجيد في متناول اليد، يجب أن تكون أبعاده واضحة، لكي يُوصَف بالاتفاق الجيد، بهذا الحال؛ فما الحاجة للتفاوض المباشر؟ وإذا كانت أبعاد هذا النوع من الاتفاق ليست واضحة، لماذا تصفه بالاتفاق الجيد؟ وما الضمانات أن يكون اتفاقاً جيداً بضمانات عالية؟».
وتابعت أيضاً أنه «إذا المقصود من التفاوض عودة أميركا للاتفاق النووي، وإلغاء جميع العقوبات (النووية أو غيرها)، التي أبعادها وتفاصيلها واضحة، لا توجد حاجة للتفاوض المباشر».