مصر: رحيل الصحافي البارز ياسر رزق بعد مسيرة حفلت بأدوار لافتة

الصحافي المصري الراحل ياسر رزق (أرشيفية)
الصحافي المصري الراحل ياسر رزق (أرشيفية)
TT

مصر: رحيل الصحافي البارز ياسر رزق بعد مسيرة حفلت بأدوار لافتة

الصحافي المصري الراحل ياسر رزق (أرشيفية)
الصحافي المصري الراحل ياسر رزق (أرشيفية)

غيّب الموت الصحافي المصري البارز، ياسر رزق، أمس، عن عمر يناهز 57 سنة، بعد مسيرة وأدوار لافتة لعبها في العقد الأخير من تاريخ البلاد، وعُرف خلاله بقربه من الدوائر الرفيعة لصنع القرار، فيما كانت مقالاته وإفاداته - في إحدى مراحلها - نافذة للمتابعين للشأن السياسي لمعرفة بعض الكواليس والأفكار التي تدور في قمة السلطة.
ونعت مؤسسات مصرية رسمية عدة، الصحافي الراحل، وكان من أبرزها «القيادة العامة للقوات المسلحة» والتي وصفت رزق بأنه «أحد رموز الصحافة المصرية، الذي سُجلت كتاباته في حب مصر وجيشها بحروف من نور»، كما تقدمت رئاسة مجلس الوزراء، ووزارتا الخارجية والداخلية، ووزرات أخرى بالعزاء لزملاء رزق وأسرته، معبرين عن حزنهم لرحيله.
وقبيل رحيله، بأسابيع أصدر رزق كتاباً يحمل اسم «سنوات الخماسين... بين يناير الغضب ويونيو الخلاص»، والذي يتضمن رؤيته وشهادته عن الفترة منذ «ثورة 25 يناير 2011، وحتى ثورة 30 يونيو 2013»، وكان الإصدار أول جزء «ضمن ثلاثية تتناول الجمهورية الثانية»، والتي يقصد بها فترة حكم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
ويُنظر لزرق باعتداد رسمي جراء دوره الصحافي والإعلامي في مناوئة حكم «الإخوان»، فضلاً عن مقالاته وتصريحاته التي نقل من خلالها تفاصيل – لم يتم نفيها - عن مقابلات السيسي مع قيادات الجماعة ومواجهته لـ«تهديداتهم».
كما أنه وعلى الصعيد السياسي فإن مقالات رزق في عام 2019 كانت تمهيداً للنقاش بشأن تعديل دستور البلاد للسماح باستمرار حكم الرئيس الحالي لأكثر من فترتين.
وعمل رزق لسنوات محرراً عسكرياً مرموقاً، وكان يتمتع بنفاذ سمح له بالاقتراب من أبرز قيادات الجيش المصري، إلى حد انفراده في أكتوبر (تشرين الثاني) 2013 بأول حوار مع وزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي، وكان ذلك بعد 4 أشهر تقريباً من «ثورة 30 يونيو (حزيران)» التي أطاحت بحكم «الإخوان» في مصر، بعد مظاهرات رافضة لاستمرار سلطتهم.
ولم يقتصر التأثر برحيل رزق على المؤسسات الرسمية، إذ ساهمت سنوات التكوين للكاتب الراحل والذي كان نشاطاً طلابياً في سنوات الجامعة خلال دراسته في ثمانينات القرن الماضي، في بناء علاقة ظلت قائمة حتى وفاته مع رموز في التيار القومي الناصري في مصر، ومنهم المرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي، الذي نعى رزق بوصفه «أخاً، وصديقاً، وزميلاً».
ورزق الذي ولد بمحافظة الإسماعيلية عام 1965، تخرج في كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1986، وبدأ عمله الصحفي في مؤسسة «أخبار اليوم» قبل أن يعمل محرراً عسكرياً، ثم مندوبا للصحيفة في رئاسة الجمهورية حتى 2005، وهو العام الذي شهد توليه، ولأول مرة، منصب رئيس تحرير «مجلة الإذاعة والتليفزيون» المملوكة للدولة، وبعدها تولى رئاسة تحرير صحيفة «الأخبار» في عام 2011.
وأزيح رزق من منصبه في «الأخبار» بعد نمو سيطرة جماعة «الإخوان» على المؤسسات المختلفة، وبعدها انتقل في عام 2012 إلى صحيفة «المصري اليوم» الخاصة المستقلة لفترة تزيد قليلاً على العام، وكانت محطته الأخيرة في المناصب الرسمية رئيساً لمجلس إدارة «أخبار اليوم» حتى سبتمبر (أيلول) 2020.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.