ليبيا وإيطاليا تبحثان سبل التصدي للهجرة غير المشروعة

مهاجرون تم إنقاذهم من قبل خفر السواحل الليبي (أ.ب)
مهاجرون تم إنقاذهم من قبل خفر السواحل الليبي (أ.ب)
TT

ليبيا وإيطاليا تبحثان سبل التصدي للهجرة غير المشروعة

مهاجرون تم إنقاذهم من قبل خفر السواحل الليبي (أ.ب)
مهاجرون تم إنقاذهم من قبل خفر السواحل الليبي (أ.ب)

تزامنا مع مصرع سبعة مهاجرين خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط في ظروف مناخية سيئة، بحث النائب العام في ليبيا، الصديق الصور، أمس، مع النائب العام لدى محكمة النقض في إيطاليا، جيوفاني سالفي، سبل تعزيز التعاون بين النيابتين لمواجهة منظمات «الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر».
وبحسب صفحة النائب العام الليبي بموقع «فيسبوك»، فإن اللقاء الذي جرى بناء على دعوة وجهها جيوفاني سالفي، وحضره مدير الإدارة الوطنية لمكافحة الجريمة المنظمة والمافيا، كافيرو دي رايو، يأتي في إطار «مناقشة مقتضيات العمل البيني لغرض إيجاد آلية عمل، تفضي إلى معالجة جميع الإشكالات، التي تحول دون إنجاز التحقيقات ذات الطابع المشترك».
وعلى رأس الإشكاليات «تلك المتعلقة بمنظمات الجريمة عبر الوطنية، الضالعة في تنظيم أعمال الهجرة غير المشروعة؛ والاتجار بالبشر وتهريب المحروقات والإرهاب، رغبة من الطرفين في تعزيز جهود التصدي لها، والحد من مخاطرها، وملاحقة مرتكبيها».
في غضون ذلك، لقي سبعة مهاجرين مصرعهم خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط، وفق ما أفاد رئيس بلدية جزيرة لامبيدوزا الإيطالية لوكالة الصحافة الفرنسية مساء أول من أمس.
وبحسب تقارير إعلامية واردة من بنغلادش، فإن ما لا يقل عن 280 مهاجرا انطلقوا من ليبيا في رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا.
وقال توتو مارتيلو، رئيس بلدية لامبيدوزا، إن «ثلاثة أشخاص لقوا مصرعهم خلال الرحلة، وتوفي أربعة غيرهم بعد معاناتهم من انخفاض حاد في حرارة الجسم، إثر اعتراض خفر السواحل لقاربهم ونقلهم إلى الجزيرة».
وذكرت منظمة «ميديترينيان هوب» الإنسانية على تويتر أن المهاجرين من بنغلادش ومصر ومالي والسودان، و«جميعهم تقريبا كانوا يعانون من انخفاض حاد لحرارة الجسم». وأضاف مارتيلو أن الأمر الصادم «هو الصمت المطبق للحكومة الإيطالية وأوروبا حتى في مواجهة الوفيات».
وقال فلافيو دي جياكومو من المنظمة الدولية للهجرة إن «هذه المأساة تظهر لنا أنه حتى خلال فصل الشتاء هناك حاجة ملحة لزيادة عدد سفن الإنقاذ في البحر، التي يمكنها إنقاذ المهاجرين بسرعة، وإحضارهم الى بر الأمان».
وفي حين وصل نحو 34 ألف مهاجر إلى إيطاليا عام 2020، تضاعف هذا الرقم تقريبا إلى 64.500 شخص عام 2021.
وقال مارتيلو إن الأمر «أصبح ظاهرة مستمرة. ولم يعد هناك فرق بين الصيف والشتاء»، متوقعا تضاعف عدد المهاجرين الواصلين هذا العام.
ودعت جمعية «سانت إيغيديو» الخيرية الكاثوليكية، التي تساعد في إعادة توطين اللاجئين الاتحاد الأوروبي إلى «الخروج من سباته»، وإنقاذ الأرواح، بما في ذلك عن طريق فتح طرق جديدة للهجرة القانونية. وقالت في بيان إنه «من غير المقبول الموت بردا على بعد أمتار قليلة من أوروبا».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.