واشنطن تتعهد مزيداً من «العقوبات» على قادة الحوثيين

TT

واشنطن تتعهد مزيداً من «العقوبات» على قادة الحوثيين

تعهدت واشنطن باتخاذ «الخطوات اللازمة» وكافة «الأدوات المناسبة» لتحميل الجماعة الحوثية مسؤولية الهجمات الأخيرة ضد السعودية والإمارات، وإطالة أمد الصراع في اليمن الذي فاقم من المعاناة الإنسانية المتدهورة، والتي توصف على أنها الأسوأ حول العالم.
وبدا من الواضح ارتفاع «نبرة الصوت» الحادة في التصريحات الأميركية، وكذلك التحركات الدبلوماسية التي يجريها المسؤولون الأميركيون في وزارة الخارجية الأميركية، والبيت الأبيض، والتأكيدات المستمرة على المرجعية الدولية في عودة الأطراف المتنازعة في اليمن إلى القرار الأممي 2216.
وحول التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأميركي جو بايدن «بإعادة النظر» حول عودة جماعة الحوثي إلى قائمة المنظمات الإرهابية، أفاد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، بأن هذه المراجعة لا تزال مستمرة، وذلك بسبب تدهور الأوضاع في اليمن وعدم وقف إطلاق النار حتى الآن. ورغم أنه لم يوضح أكثر حول خطوات المراجعة، فإن المسؤول ذاته أكد أن واشنطن «ملتزمة بتحسين الوضع الإنساني في اليمن، وسيتعين علينا النظر بشكل كامل في الآثار الإنسانية».
وقال المسؤول الذي (فضل عدم الإفصاح عن هويته) إن الولايات المتحدة «لم تر أي دور إيجابي لإيران في اليمن»، مضيفاً: «قلنا منذ فترة طويلة إذا أرادت إيران أن تظهر أنها يمكن أن تكون جهة فاعلة مسؤولة، فعليها أن تبدأ بإنهاء تدخلها في الصراع في اليمن، ومن هذا المنطلق دعمنا الحوار بينها وبين دول المنطقة لمصلحة الأمن والاستقرار»، وزاد بأن الإدارة الأميركية، ستواصل العمل مع شركائها في المنطقة للوقوف ضد «هجمات الحوثيين المؤسفة»، وكذلك مواصلة تحميل الحوثيين المسؤولية عن «أفعالهم البغيضة»، مذكراً بجهود المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، التي تساعد في «بناء إجماع دولي حول الحاجة إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار وحل سياسي شامل، حيث أعلنت حكومة الجمهورية اليمنية والسعودية دعمهما لوقف إطلاق النار، واستئناف المحادثات السياسية»، مشيداً بالدور العماني الذي قال إنه يلعب «دوراً إقليمياً حاسماً واستباقياً في الأزمة».
من ناحيته، أوضح نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن مراجعة النظر في محاسبة جماعة «الحوثيين المتمردة»، تعني أن الإدارة الأميركية تلقي «نظرة فاحصة» عليه داخلياً داخل الحكومة، «وذلك لتحديد ما يخدم مصالح أمن أميركا القومي على أفضل وجه، وما الذي يخدم رغبة الشركاء الإقليميين السعودية والإمارات والدول الأخرى، التي تقع تحت تهديدات الحوثيين، وما الذي يصلح لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن».
وأفاد برايس خلال مؤتمر صحافي أول من أمس بأن الإدارة الأميركية ستواصل العمل مع حلفائها وشركائها في المنطقة «لتعزيز مساءلة الحوثيين»، وكذلك مع القادة الحوثيين الذين كانوا وراء هذه الهجمات الإرهابية في الأسابيع الأخيرة والأشهر الأخيرة، وذلك باستخدام مجموعة متنوعة من الأدوات، بما في ذلك العقوبات، ملمحاً إلى صدور خطوات إضافية قريبة من جانب أميركا، لمحاسبة قادة الحوثيين المسؤولين عن «الهجمات البغيضة».
وأضاف «لن نتوانى في تسمية قادة وكيانات حوثية متورطة في الهجمات العسكرية التي تهدد المدنيين، والتي تهدد الاستقرار الإقليمي، والتي تديم الصراع، والمسؤولين عن بعض انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وعند الحديث عن الأزمة الإنسانية، فإن هناك فاعلا واحدا ومسؤولا بالدرجة الأولى عن معاناة الشعب اليمني، هم الحوثيون. لذلك نحن نستخدم كل أداة مناسبة لمحاسبتهم».
وفي تعليق على الخطوات التي تتخذها الإدارة الأميركية، ما هي الخطوات المناسبة القادمة، قال نورمان رول المسؤول السابق في وكالة المخابرات الأميركية، والمستشار في منظمة «متحدون ضد إيران النووية»، إن الإدارة كانت تأمل إلى إجبار الحوثيين على العودة إلى التفاوض للحل السلمي بحسن نية، إلا أن هجمات وخطابات الحوثيين تنم عن «تنظيم إرهابي».
ولفت نورمان خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، إلى تشجيع إيران للحوثيين، وأنهم بسبب ذلك رفضوا بشكل متكرر العمليات الدبلوماسية، وهاجموا عشرات الأهداف المدنية على أمل التسبب في خسائر بشرية كبيرة، ومع ذلك يعتقد أن إعادة تصنيفهم إلى قائمة الجماعات الإرهابية «لن يكون سهلاً»، وأن هناك أشخاصا في الإدارة يعتقدون أن التصنيف سيعرقل العمليات الإنسانية، ويجعل التسوية السياسية بعيدة المنال. وأضاف: «كان الحوثيون أكثر استعداداً للنظر في تسوية سياسية عندما يواجهون انتكاسات عسكرية، وليس من المرجح أن تدعم إدارة بايدن أو أوروبا العمل العسكري، لذلك لا أعتقد أن الإدارة ستكون قادرة على فعل الكثير في هذا الصدد، وستستمر في إرسال تيم ليندركينغ أحد أفضل الدبلوماسيين الأميركيين، لمعرفة ما إذا كانت الانفتاحات السياسية ممكنة، لكنني لا أرى أن عمله سهل».
وفي إجابة عن سؤال حول ارتباط المحادثات النووية في فيينا مع إيران، أوضح نورمان رول أن الإيرانيين لطالما فصلوا بين المحادثات النووية عن القضايا الإقليمية والصاروخية، مستطرداً: «ربما لا تكون هجمات طهران على الإمارات والسعودية مرتبطة بالمحادثات، ومع ذلك، فإن حجم الهجوم والطبيعة المعقدة للأسلحة التي يستخدمها الحوثيون تتطلب على الأرجح درجة معينة من الدعم الإيراني، وربما حتى التورط مباشرة في الهجمات».
وأكد أن الإمارات والسعودية لا تزالان في أمان كبير رغم الهجمات الأخيرة، وأن هذه السلامة ترجع إلى مهارة وحدات الدفاع الجوي والأجهزة الأمنية، إلا أن هجمات الحوثيين المدعومة من إيران تشكل تهديداً لملايين المغتربين الذين يعيشون في هذه البلدان، «وهذا يجعل هجمات الحوثيين اعتداء على المجتمع الدولي بما لا يقل عن هجمات (القاعدة) في نيويورك».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.