تمسك أوروبي بـ«الخطوط الحمر» في سوريا

أطفال سوريون في مخيم للنازحين شمال غربي البلاد في 13 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم للنازحين شمال غربي البلاد في 13 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

تمسك أوروبي بـ«الخطوط الحمر» في سوريا

أطفال سوريون في مخيم للنازحين شمال غربي البلاد في 13 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم للنازحين شمال غربي البلاد في 13 الشهر الحالي (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي سيكون «واقعياً»، وسينخرط باقتراح المبعوث الأممي غير بيدرسن «خطوة مقابل خطوة»، ومضمون القرار الأممي لدعم «التعافي المبكر» في مشاريع المساعدات الإنسانية، تحت سقف «الخطوط الحمراء» و«اللاءات الثلاث» الأوروبية، أي: لا مساهمة بالإعمار، لا تطبيع مع دمشق، لا رفع للعقوبات، قبل تحقيق تقدم بالعملية السياسية بموجب القرار الأممي 2254. هذه خلاصة الاجتماع الوزاري الأوروبي الذي عقد في بروكسل أول من أمس، لبحث الملف السوري، ذلك في أول لقاء من نوعه منذ بضع سنوات بترتيب من فرنسا التي تولت رئاسة الكتلة الأوروبية بداية العام لستة أشهر أخرى. وشارك بالاجتماع بيدرسن، بعد إجرائه سلسلة استشارات مع اللاعبين الإقليميين والدوليين في جنيف أو دمشق والدول المعنية، قبل تقديمه عرضاً مفصلاً عن المقترح في مجلس الأمن الدولي اليوم.

قراءة الواقع
الاجتماع الوزاري تضمن نقاشات صريحة للمشهد السوري وتحولاته خلال السنوات الماضية، سواء بالجانب العسكري، حيث «يقف الصراع الآن رهن حالة من الجمود العسكري والاستراتيجي، مع عدم وجود حل عسكري في الأفق وعدم حدوث تحولات في الخطوط الأمامية» منذ مارس (آذار) 2020، و«وجود خمسة جيوش أجنبية بقوات لها في سوريا، حيث تنقسم إلى عدة مناطق نفوذ»، أو بالجانب السياسي الذي تضمن «فوز بشار الأسد في مايو (أيار) 2021 بولاية رابعة بعد انتخابات رئاسية جرى النظر إليها على نطاق واسع باعتبارها لم تكن حرة ولا نزيهة»، حسب قول مسؤول أوروبي في الاجتماع. وأشار إلى زيادة «القبضة الأمنية» في مناطق الحكومة.
كما سمع الوزراء تقديرات رسمية من خبراء من أن «مستويات الفقر في سوريا تقترب من 90 في المائة، ويعاني 12.4 مليون شخص، أي 60 في المائة من السكان، من انعدام الأمن الغذائي. كما شهدت الليرة السورية انخفاضاً حاداً في قيمتها بالسنوات الأخيرة». وبالتزامن مع ذلك، «ارتفعت أسعار المواد الغذائية الآن 33 مرة عما كانت عليه خلال فترة ما قبل الحرب. وهناك ما يقدر بـ14 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات داخل البلاد، وأكثر عن خمسة ملايين شخص يفتقرون إلى المياه العذبة الآمنة أو الكافية في شمال سوريا. إضافة لذلك، خسر جيل كامل التعليم، وتعرضت المجتمعات للدمار».

أوضاع جديدة
في موازاة ذلك، لوحظت بالاجتماع بعض الديناميات الجديدة، إذ إنه «بعد أكثر عن 10 سنوات من الصراع، اتخذت بعض الدول العربية في الفترة الأخيرة خطوات نحو التطبيع مع النظام. ورغم عدم وجود استراتيجية منسقة أو منظمة للتعامل مع سوريا، أوضح الشركاء العرب أن النهج الجديد ضروري، والانتقال من «تغيير النظام» إلى «تغيير السلوك». وتبقى مسألة إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية موضع نظر، وتحظى بدعم علني من قبل عدد من الدول العربية التي تشعر بالحاجة إلى العمل بحزم أكبر لمواجهة تأثير الخارج، أي روسيا وإيران وتركيا». يضاف إلى ذلك، اقتراح المبعوث الأممي غير بيدرسن، مقاربة «خطوة مقابل خطوة»، للوصول إلى «اتفاق بين اللاعبين الدوليين والنظام السوري على خطوات تدريجية متبادلة وواقعية ودقيقة ويمكن التحقق منها، بحيث يجري اتخاذها بالتوازي للمساعدة في دفع العملية السياسية إلى الأمام بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254».
وأبلغ أحد الحاضرين المشاركين، أن بين العناصر الأخرى الجديدة التي تخص الملف السوري، أن أميركا أكملت مراجعتها التي طال انتظارها لسياستها تجاه سوريا، حيث «حددت أربع أولويات، هي: المساعدات الإنسانية مع التركيز على التعافي المبكر، الحفاظ على الوجود العسكري، دعم وقف إطلاق النار، الالتزام بالمساءلة». كما برز اتفاق الروس والأميركيين على تمديد قرار المساعدات الإنسانية «عبر الحدود» و«عبر الخطوط» في يوليو (تموز) الماضي، ثم تمديد القرار في مجلس الأمن قبل أيام.

مقاربة أوروبية
وبعد مناقشات بين الوزراء، ذكر المشاركون أنه في 2017، تبنى الاتحاد الأوروبي «موقفاً قوياً بـوضع حد للحرب من خلال تحقيق انتقال سياسي حقيقي» في سوريا، وأن «المبادئ الأساسية لسياسة الاتحاد الأوروبي لا تزال صالحة وقائمة، وهي لا تطبيع، ولا رفع للعقوبات، ولا إعادة بناء إلى أن يشارك النظام في انتقال سياسي داخل البلاد في إطار قرار مجلس الأمن 2254». وإذ دعت بعض الدول مثل هنغاريا واليونان، إلى اعتماد سياسة أوروبية واقعية، جرى التوافق على ضرورة «الحفاظ على وحدة الموقف الأوروبي» و«عدم التنازل عن الموقف الجمعي الذي لا يزال صالحاً». عليه، كان الاجتماع الوزاري مناسبة لتجديد التمسك بـ«اللاءات الثلاث»، عبر إبداء استعداد الكتلة الأوروبية الانخراط مع «الوقائع الجديدة» التي تشمل «خطوة مقابل خطوة» والأولويات الأميركية الجديدة وخطوات التطبيع العربي، لكن دون التخلي عن «الخطوط الحمر». عليه، انخراط المسؤولون الأوروبيون مع بيدرسن في مناقشة «خطوة مقابل خطوة» التي قوبلت برفض علني من وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد. كما جرى الاتفاق في الاجتماع الوزاري على عقد مؤتمر بروكسل للمانحين باعتبار أن الاتحاد الأوروبي أكثر المانحين بـ25 مليار يورو، لتمويل المساعدات الإنسانية إلى سوريا و«التعافي المبكر»، لكن «شرط عدم وصولها للنظام»، إضافة إلى الاتفاق الجماعي على «الانخراط مع الدول العربية لـمنع التطبيع وإعادة دمشق إلى الجامعة العربية في شكل مجاني... ودون ثمن»، بل ظهر تحذير أوروبي من أن «التطبيع مع دمشق، يهدد الحوار بين الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.