حريب تستعيد حريتها... والسكان يتطلعون لنزع الألغام واستئناف الخدمات

مقتل 240 حوثياً بضربات التحالف وقوات {العمالقة» تتقدم باتجاه الجوبة

TT

حريب تستعيد حريتها... والسكان يتطلعون لنزع الألغام واستئناف الخدمات

أفاقت مديرية حريب الواقعة جنوب محافظة مأرب أمس (الثلاثاء) على يوم جديد خال من وجود الميليشيات الحوثية وذلك غداة تحريرها من قبل قوات ألوية العمالقة، في وقت واصل فيه تحالف دعم الشرعية في اليمن إسناد القوات التي تتقدم باتجاه مديرية الجوبة، معلنا مقتل 240 إرهابيا في 53 عملية استهداف. وفي حين يتطلع سكان مديرية حريب إلى سرعة عودة الخدمات وتطهيرها من الألغام الحوثية، أكد التحالف في تغريدة بثتها «واس» تنفيذ 53 عملية استهداف ضد الميليشيا في مأرب والبيضاء خلال 24 ساعة.
وأوضح التحالف أن الاستهدافات دمرت 34 آلية عسكرية وكبدت الميليشيات الحوثية خسائر تجاوزت 240 عنصرا إرهابيا، وذلك بالتزامن مع استمرار عملياته المواكبة لتقدم الجيش اليمني في تعز والجوف وحجة. وبحسب سكان في مديرية حريب، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فإن الأهالي يتطلعون إلى سرعة إغاثتهم وإلى تطهير مناطق المديرية من الألغام وإعادة الخدمات عقب فرار الميليشيات الحوثية من مركز المديرية. وكانت قوات ألوية العمالقة ورجال القبائل من مديرية حريب تمكنوا (الاثنين) من تطهير مركز المديرية ومطاردة الميليشيات غربا باتجاه مديرية الجوبة وجنوبا باتجاه مناطق مديرية العبدية، حيث يترقب اليمنيون أن تشهد الأيام المقبلة انهيارات حوثية جديدة لا سيما في جنوب مأرب.
وبث الإعلام العسكري لألوية العمالقة مشاهد لأهالي حريب وهم يرحبون بدخول القوات إلى مركز المديرية، بعد أن عاشوا عدة أشهر تحت سطوة الميليشيات التي حرمتهم من الخدمات الأساسية ومنها الكهرباء والماء وغاز الطهي.
في السياق نفسه، قال المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، إنه «بعد تحرير مدينة حريب بالكامل فإن قوات الجيش وألوية العمالقة تواصل التقدم باتجاه جبال ملعاء وسط انهيار وتخبط في صفوف الميليشيات الحوثية».
هذه التطورات تزامنت مع استمرار المعارك التي يخوضها الجيش الوطني والمقاومة لدحر الميليشيا الحوثية من المواقع في محيط معسكر «أم ريش» التدريبي، كما تزامنت مع سلسلة غارات جوية لمقاتلات تحالف دعم الشرعية استهدفت بضربات مركزة مواقع وتحركات الميليشيا، وكبدتها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح. وفق ما أورده الإعلام العسكري.
وكانت قوات ألوية العمالقة أعلنت (الأحد) أنها بمساندة من طيران تحالف دعم الشرعية سيطرت على جبال ومواقع ومرتفعات استراتيجية مطلة على مديريتي حريب والعبدية جنوب مأرب.
وأفاد المركز الإعلامي للألوية بأن القوات «تمكنت من السيطرة على جبال ضاحة شقير، والقرن، والمدفون المطلة على مديرية حريب، وجبال المدفون والحقيل ومهران، المطلة على طريق الجفرة - العبدية في محافظة مأرب. وذكر المركز أن القوات خاضت معارك عنيفة ضد الميليشيات الحوثية حيث تكبدت الأخيرة خسائر فادحة في العتاد والأرواح، وسط حالة من الانهيار والتخبط التي يعيشها عناصر الجماعة. ويفتح استعادة مركز مديرية حريب الباب أمام تحولات ميدانية واسعة في الأيام المقبلة، إذ بات مرتقبا أن تواصل قوات ألوية العمالقة طريقها باتجاه الجوبة والسيطرة على جبال ملعاء ومحاصرة الميليشيات الحوثية في شمال الجوبة، مع إمكانية فتح جبهات جديدة جنوبا باتجاه مديريات العبدية والماهلية ورحبة. إلى ذلك أكد الموقع الرسمي للجيش اليمني أن العشرات من عناصر الميليشيا الحوثية سقطوا (الثلاثاء) بين قتلى وجرحى بنيران الجيش في معارك استمرت لساعات شمال محافظة الجوف المجاورة.
ونقل الموقع عن قائد المحور الشمالي العميد هادي حمران الجعيدي قوله إن «المعارك التي خاضها الجيش الوطني تمكن خلالها من كسر محاولة هجوم للميليشيا الحوثية على مواقع «نعاض» التابعة لمديرية برط العنان، وأن العشرات من عناصر الميليشيا سقطوا بين قتيل وجريح وأسير، فيما لاذ من بقي منهم بالفرار تحت ضربات مدفعية الجيش.في غضون ذلك، أكد الإعلام العسكري للجيش اليمني استمرار المعارك في جبهات تعز لليوم الثاني على التوالي بإسناد من طيران تحالف دعم الشرعية لا سيما في الجبهات الغربية من المحافظة.
وأفاد المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية بأن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبإسناد من طيران التحالف شنوا، (الثلاثاء) هجوماً واسعاً لدحر ميليشيا الحوثي الإيرانية في جبهة العنين بمديرية جبل حبشي غرب المدينة.
وبحسب ما نقله المركز الإعلامي، فإن مقاتلات التحالف شنت غارات عدة واستهدفت مواقع تمركز ميليشيا الحوثي في ذات الجبهة، حيث تسعى القوات الحكومية إلى قطع الطريق الرابط بين تعز والساحل الغربي، بالتزامن مع العمليات التي تخوضها القوات المشتركة في مديرية مقبنة.
وكان الإعلام العسكري ذكر (الاثنين) أن عددا من جبهات محافظة تعز شهدت معارك عنيفة بين قوات الجيش الوطني والميليشيات الحوثية، وأن القوات استعادت مواقع وجبالا استراتيجية.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».