رؤساء أركان الجيوش العربية يتدارسون في القاهرة آليات تشكيل القوة العربية المشتركة

قالوا إنها ليست موجهة ضد أحد.. وهدفها ينحصر في مواجهة الإرهاب

رؤساء أركان حرب الجيوش العربية خلال اجتماعهم بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
رؤساء أركان حرب الجيوش العربية خلال اجتماعهم بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

رؤساء أركان الجيوش العربية يتدارسون في القاهرة آليات تشكيل القوة العربية المشتركة

رؤساء أركان حرب الجيوش العربية خلال اجتماعهم بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
رؤساء أركان حرب الجيوش العربية خلال اجتماعهم بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

قرر رؤساء أركان حرب الجيوش العربية، في ختام اجتماعهم بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة أمس، تشكيل فريق رفيع المستوى، يعمل تحت إشراف رؤساء الأركان بالدول الأعضاء، بهدف بحث آليات تشكيل القوة العربية المشتركة، ودراسة كل الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع، والموازنة المطلوبة لذلك.
وعقد الاجتماع برئاسة الفريق محمود حجازي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، للنظر في تنفيذ قرار قمة شرم الشيخ، الصادر في مارس (آذار) الماضي، والخاص بتشكيل قوة عربية مشتركة لصيانة الأمن القومي العربي، والذي حدد موعد 4 أشهر للانتهاء من تحديد آليات لإنشاء القوة، ومهامها وتعدادها ومصادر تمويلها، قبل عرضها على وزراء الدفاع العرب.
وشهد مقر انعقاد القمة بمقر القاهرة انتشارا أمنيا كثيفا وغير مسبوق لتأمين القادة العسكريين العرب، إذ أصبح مقر جامعة الدول العربية بميدان التحرير، وسط العاصمة، أشبه بقلعة عسكرية.
وأوضح بيان ختامي صادر عن الاجتماع أنه من المنتظر أن يقوم الفريق بعقد اجتماعه خلال الأسابيع القليلة المقبلة، على أن تعرض نتائج أعماله خلال اجتماع مقبل لرؤساء أركان الجيوش للدول العربية الأعضاء بالجامعة العربية. وقد أكد القادة في بيانهم على ضرورة العمل الجماعي للقضاء على الإرهاب، واجتثاث جذوره بما يضمن الحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة العربية، وبما يتوافق مع ميثاق الجامعة العربية والأمم المتحدة.
وشدد رؤساء الأركان على ضرورة العمل الجماعي المشترك لإيجاد حلول عربية لقضايا المنطقة، وعلى أهمية تشكيل هذه القوة لتمكين الدول العربية من التعامل بفاعلية مع التحديات الراهنة، وكذا الاستجابة الفورية لمعالجة الأزمات التي تنشب في المنطقة، مؤكدين أن الهدف من تشكيل هذه القوة هو القيام بعمليات التدخل السريع لمنع نشوب النزاعات وإدارتها، وإيجاد التسويات اللازمة لها، وكيفية استخدامها بما يحفظ استقرار الدول العربية وسلامة أراضيها واستقلالها وسيادتها.
وخلال كلمته بالجلسة الافتتاحية للاجتماع، قال الفريق محمود حجازي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، إن القوة العربية المشتركة الجاري تشكيلها ليست موجهة ضد أحد، ولا تمثل محورا أو تحالفا أو تشكل تهديدا لأحد، مشيرا إلى أن هدفها ينحصر في مواجهة الإرهاب وحماية الأمن القومي العربي. وأضاف حجازي أن هناك تفهما من قبل المنظمات الإقليمية والدولية، والدول الفاعلة في المجتمع الدولي لدوافع إجراء قوة عربية مشتركة، مؤكدا تأخر هذا القرار كثيرا، حيث سبقتهم إليه منظمات إقليمية كثيرة.
وأشار رئيس أركان الجيش المصري إلى أن «الجامعة العربية تبنت مبادرات سابقة لإنشاء مثل هذه القوة، إلا أن عوامل كثيرة حالت دون تحقيق هذا الهدف، وهو الأمر الذي أحبط آمال الشعوب في تحقيق عمل عربي مشترك، يهدف إلى حماية سيادتنا داخل أوطانا». كما أكد حجازي أن «الفرصة حانت حتى ترى شعوبنا ما يلبي تطلعاتها، ويحافظ على أمنها واستقرارها لتحيا في أمن وسلام واستقرار كباقي شعوب العالم.. وإنشاء القوة المشتركة يعد بمثابة درع وجيش لحماية المنطقة من الخليج إلى المحيط». وأضاف موضحا أن «الدول العربية تواجهها الآن أزمات متشابكة في ظل ما يحدث في بعض الدول من اقتتال داخلي، وكذلك محاولات للسطو على السلطة الشرعية، واستفحال خطر التنظيمات الإرهابية، وبالتالي فإن مواجهة أي بلد عربي بمفرده غير كاف، وهو الأمر الذي يعزز تشكيل قوة عربية للتدخل السريع إذا ما اقتضت الضرورة، وذلك بناء على طلب من الدولة المعنية». وحرص حجازي على إبراز أن «تنفيذ هذا الأمر يتم في سياق ميثاق الجامعة العربية، وكذلك الحاجة إلى وحدة الصف العربي للحفاظ على مقدرات الأمة وتحقيق تطلعات الشعوب».
من جانبه، قال الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة، إن القوات المسلحة بالدول العربية ستظل حصنا منيعا للأمم العربية، وقلعة صلبة لصيانة الحماية العربية، خصوصا في ظل المصير المشترك للأمة العربية. ووصف العربي في كلمته أمام الاجتماع القرار بـ«التاريخي»، منوها بأن «التحديات المحدقة بالأمة أصبحت تمثل تحديا جسيما، وخطرا على الأمن القومي العربي، بما يستلزم العمل على اجتثاث الإرهاب من جذوره، خصوصا بعد بزوغ أنماط جديدة أصبحت تمثل تهديدا مباشرا، وهو الأمر الذي يستدعي ضرورة اتخاذ قرار عاجل بإنشاء هذه القوة، وعدم التردد في مساعدة الأشقاء لاستعادة أراضيها».
كما لفت العربي إلى «ضرورة أن تكون القوة العربية متعددة الوظائف، وقادرة على الاطلاع والتدخل السريع للمساعدة على حفظ السلام، وتأمين عمليات الإغاثة وتبادل المعلومات بين الدول العربية»، مشددا على أن «تشكيل هذه القوة لا يهدف إلى إنشاء حلف عسكري، أو جيش موجه ضد أي من الدول، بل هي إحدى الآليات الهامة لتفعيل العمل العسكري في المجالات العسكرية والأمنية تحت ميثاق الأمم المتحدة والجامعة العربية»، كما أكد أن «منظومة الأمن القومي لا تقف عند منظومة العمل العسكري، بل تشمل أيضا مجالات حيوية وركائز فاعلة لخلق نظام عربي قادر على صيانة وحماية الدول الحفاظ على وحدة ترابها».

* المهام التي ستوكل إلى القوة العربية المشتركة

* مواجهة الإرهاب من خلال الإطار المؤسسي المتكامل للأمن القومي العربي، تلتزم بموجبه الدول العربية بأن تكون على أهبة الاستعداد، واتخاذ جميع التدابير لرد الاعتداء وإعادة الأمن والسلام في إطار ميثاق الجامعة العربية وميثاق الأمم المتحدة.
- التضامن مع الأشقاء وتقديم الدعم والعون لهم في مواجهة الأخطار التي يواجهونها. وفي هذا الإطار على الدول العربية أن تقدم تصورًا متكاملاً لمساعدتها على تجاوز الأزمات التي تمر بها، ويكون ذلك ابتداء بإنهاء سيطرة المنظمات الإرهابية على الأراضي التي استحوذت عليها بالعنف والترويع، وتصفية وجودها السياسي والعسكري، وإطلاق عملية سياسية شاملة لتحقيق المصالحة الوطنية بين جميع مكونات شعوب هذه الدول.
- القوات متعددة الوظائف ستكون قادرة على الاضطلاع بما يعهد إليها من مهام في مجالات التدخل السريع لمكافحة الإرهاب وأنشطة المنظمات الإرهابية، والمساعدة في عمليات حفظ السلام وبنائه، وتأمين عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية وتوفير الحماية للمدنيين.
- التعاون في المجالات ذات الصلة بحفظ الأمن وتبادل المعلومات بين الدول العربية لمساعدة حكوماتها على صيانة الأمن والاستقرار، وإعادة بناء قدراتها ومؤسساتها الوطنية.
- ردع العدوان الخارجي ومنع نشوب النزاعات الداخلية وبناء السلام والحفاظ عليه، وصيانة كيان الدولة وحماية الاستقلال والسيادة الوطنية والحفاظ على وحدة التراب الوطني.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.