لبنان يبحث المبادرة الكويتية والرد عليها السبت

يحاول تجنب بند سلاح «حزب الله»... كونه «قراراً إقليمياً»

وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (الوكالة الوطنية)
وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان يبحث المبادرة الكويتية والرد عليها السبت

وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (الوكالة الوطنية)
وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (الوكالة الوطنية)

أعلن وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب أنه سيتم البحث في الرسالة العربية التي حملها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إلى لبنان، على أن يكون الجواب عنها جاهزا السبت المقبل، في وقت أثنى فيه سياسيون وأحزاب لبنانية على المبادرة، معتبرين أنها فرصة للبنان على صعيد تصحيح العلاقات مع العرب وتحقيق التعافي السياسي والاقتصادي.
وقال بوحبيب بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون أمس: «سنبدأ اليوم البحث بالورقة الكويتية وستكون جاهزة قبل السبت».
وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن بوحبيب سيعد نسخة أولية للرد على المبادرة على أن يتم البحث بها مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، معتبرة أن «الإجابات واضحة لا سيما أن معظمها وارد في البيان الوزاري للحكومة». وعن تطبيق القرارات الدولية ولا سيما تلك المتعلقة بسلاح «حزب الله»، قالت المصادر إنه «سيتم الرد على هذا الأمر عبر إيجاد صيغة مناسبة للتأكيد على أن تطبيق القرارات الدولية ليست قرارا لبنانيا فقط لا سيما في ظل الوضع الإقليمي الحالي».
وبانتظار ما سيكون عليه رد لبنان على المبادرة، نوه رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بها، معتبرا أنها «تضع اليد على أسباب الجرح اللبناني الكبير، وعلى جوهر المشكلات التي يعاني منها لبنان واللبنانيون، وترسم بالتالي طريق الخروج من المأزق اللبناني الراهن، وتفتح الطريق نحو تحقيق التعافي الوطني والسياسي والاقتصادي والمعيشي المستقبلي للبنان الوطن والدولة والمواطنين، وكذلك في تصويب وتعزيز علاقات لبنان مع أشقائه العرب ومع المجتمع الدولي».
وأكد أن «هذه المبادرة تتطابق كليا مع المذكرة التي تقدم بها الرؤساء أمين الجميل ميشال سليمان وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش نهاية العام الماضي لدى اجتماعهم به حين زار لبنان، ما يعني أنها تشكل إسهاما جديا عربيا ودوليا لإخراج لبنان من حالة الانهيار التي أصبح فيها، وترسم طريق التقدم على مسار استعادة التعافي السياسي والاقتصادي والمالي والمعيشي، ذلك لأن إحدى أهم المشكلات التي يعاني منها لبنان الآن تتمثل بالاختلال الحاصل في السياسة الخارجية للبنان وبالوصاية والسيطرة الخارجية والإيرانية عليه، وذلك بما يتناقض مع المصالح الدائمة للبنان واللبنانيين، ومع المصالح العربية».
ورأى السنيورة أن المذكرة الكويتية العربية على أهمية تبني وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية التي لطالما نادينا بها وشددنا عليها، وهي التي وعلى أهميتها وضرورتها تبقى غير كافية ما لم تتساوق مع أهمية مبادرة جميع الأطراف اللبنانيين إلى العودة إلى الدولة وبشروط الدولة. ويكون ذلك عبر استعادة الاعتبار والاحترام لمؤسسات الدولة الشرعية والدستورية، وإعادة التشديد على أن الدولة هي صاحبة الحق الحصري باستخدام القوة وحمل السلاح وتطبيق القانون، وكذلك بإعادة الاعتبار إلى وثيقة الوفاق الوطني، واستكمال تطبيقها وإلى الالتزام الكامل بأحكام الدستور، وباحترام الشرعيتين العربية والدولية». من هنا أكد أن «هذه المبادرة تعيد تجديد إعطاء الفرصة أمام لبنان من أجل أن يلتزم بالإصلاح نهجا وأسلوبا ليستعيد النهوض المطلوب».
ودعا السنيورة المسؤولين في لبنان إلى «الانكباب على العمل الجاد لبرمجة تطبيق وتنفيذ بنود هذه المذكرة العربية التي تتجاوب أساسا مع مصالح لبنان واللبنانيين وتتفق وتتطابق مع الرغبات والتوجهات العربية الإيجابية تجاه لبنان، وفي اعتبارها فرصة لا تعوض لعودة لبنان إلى السياسة المستقرة لديه، وعلى مدى عقود طويلة، في تحييد نفسه عن الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية والعودة إلى التقدم على جادة الصواب الوطني والسياسي والاقتصادي والمالي والإداري والمعيشي».
من جهته اعتبر حزب «القوات اللبنانية» على لسان مستشار رئيسه إيلي خوري أن المبادرة فرصة لبناء الثقة بين لبنان ومحيطه العربي.
وكتب خوري على حسابه على تويتر تعليقا على المبادرة «هي مقترحات لبناء الثقة مجددا بين لبنان ومحيطه العربي والإقليمي والدولي، حملها الزائر الكويتي، مقترحات تكاد تكون صوت اللبنانيين السياديين أنفسهم المطالبين بالالتزام وتنفيذ قرارات مجلس الأمن والإصلاح المطلوب في مؤسسات الدولة، وإجراء الانتخابات في موعدها، وضبط الحدود وتشديد الرقابة على الصادرات للخليج لمنع تهريب المخدرات.»، وسأل «فهل تجرؤ السلطة اللبنانية؟».
بدوره علق الوزير السابق ميشال فرعون عبر حسابه على «تويتر» على المبادرة وقال: «الشعب الكويتي شعب أخ وصديق وكثر من يعتبرون لبنان بلدهم الثاني، والمسؤولون الكويتيون صادقون معنا في رسائلهم الرسمية ونصائحهم الخاصة، ويريدون خلاص لبنان ومساعدته»، وأضاف سائلا «ولكن هل يؤثر ذلك على منطق التعطيل الجهنمي للأكثرية الحاكمة بقوة السلاح مع الرئاسة آخذين مصلحة اللبنانيين وحياتهم رهينة؟».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.