الخلاف حول منصب رئيس العراق يفقد الأكراد ميزة «بيضة القبان»

الفياض يبرئ الصدر من «تمزيق البيت الشيعي» ويتهم ضمناً بارزاني والحلبوسي

TT

الخلاف حول منصب رئيس العراق يفقد الأكراد ميزة «بيضة القبان»

في بيان بدا شديد اللهجة ضد «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، أعلن «الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة بافل طالباني ترشيح القيادي فيه والرئيس الحالي برهم صالح (61 عاماً) لولاية ثانية يسمح له بها الدستور العراقي الذي حدد الرئاسة في دورتين لرئيس الجمهورية.
وطبقاً لبيان الترشيح، فإن «الاتحاد الوطني» اتهم «الحزب الديمقراطي» بالتنصل من التفاهمات والاتفاقات التي كان عقدها مع «الاتحاد الوطني»، مبيناً أن «الديمقراطي» كان يلوح بأنه في حال ترشيح شخصية أخرى من قياديي «الاتحاد الوطني» غير صالح، يمكن له سحب ترشيح القيادي فيه وزير الخارجية والمالية الأسبق هوشيار زيباري لمنصب رئيس الجمهورية.
وحسب رؤية «الاتحاد الوطني» التي شرحها بافل طالباني أمام المكتب السياسي والمجلس القيادي في الحزب، فإن «الحزب الديمقراطي الكردستاني تصرف بصورة انفرادية وخارج رغبة وإرادة وحدة صف الشعب الكردي وقواه السياسية بإبرام اتفاق مع بعض القوى السياسية (في إشارة إلى الاتفاق بين الكتلة الصدرية وتحالفي تقدم وعزم السُنّيين والديمقراطي الكردستاني لتشكيل أغلبية وطنية)، وفي إطار هذا الاتفاق قدم الحزب مرشحه لمنصب رئاسة الجمهورية». وأوضح طالباني: «تبين أن الادعاءات التي زعمت أن (الحزب الديمقراطي الكردستاني) لديه مشكلة فقط مع مرشح (الاتحاد الوطني) للمنصب وإن تم تغيير المرشح من قبل (الاتحاد الوطني)؛ فإن (الحزب الديمقراطي) بدوره سيسحب مرشحه، عارية عن الصحة، واتضح أن كل ذلك كان للتضليل والهدف الرئيسي هو نيل منصب رئاسة الجمهورية بعيداً عن التنسيق مع القوى الكردستانية، وخاصة (الاتحاد الوطني)».
وبشأن ما عبرت عنه قيادة «الاتحاد الوطني الكردستاني» في بيانها بما بدا أنها قطيعة كاملة بين الحزبين، تقول ريزان شيخ دلير، النائبة السابقة في البرلمان العراقي عن «الاتحاد الوطني الكردستاني»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القصة تتمثل في أن (الحزب الديمقراطي) وبعد حصوله على الأغلبية، رأى أنه بات قادراً على أن يتحكم في المشهد بكامله في إقليم كردستان، وأنه بات يسعى عبر إصراره على نيل منصب رئاسة الجمهورية العراقية إلى التحكم في المشهد السياسي في العراق هذه المرة».
إلى ذلك، تتواصل الاتهامات الشيعية للأكراد والسنة بتمزيق البيت الشيعي. وبينما تصب تلك الاتهامات لصالح حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي لم يذهب مع طرف شيعي دون آخر، وهو ما يراهن عليه في تمشية مرشحه برهم صالح، فإن «الحزب الديمقراطي الكردستاني» سوف يتضرر مرتين، مرة في بغداد نتيجة تلك الاتهامات، وأخرى في الإقليم بسبب تهديد واضح من «الاتحاد» بشأن تقسيم المناصب في الإقليم.
المتحدث باسم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» محمود محمد قال في بيان أمس الاثنين: «كنا نسعى إلى تشكيل وفد مشترك من جميع الأحزاب السياسية في إقليم كردستان، ولكن للأسف لم ننجح في هذا المسعى»، مبيناً أنه «بعد زيارة وفد مشترك إلى بغداد برئاسة عماد أحمد عضو المكتب السياسي لـ(الاتحاد) اتضح لنا أن ممثلي (الاتحاد) المشاركين في الوفد المشترك ليست لديهم آراء واضحة، وأنهم غير قادرين على البت في المسائل، فضلاً عن أنهم انسحبوا من الوفد المشترك دون إبلاغ الطرف الآخر».
وعلى الوتيرة نفسها، تبادل الحزبان الاتهامات بشأن تحمل المسؤولية عما وصلت إليه الحال بينهما والتداعيات اللاحقة على الإقليم وعلاقة الكرد بالمركز، حيث كانوا يحتفظون خلال الفترات الماضية بميزة «بيضة القبان» التي فقدوها نهائياً الآن. وفي هذا السياق، حمل ممثل «الديمقراطي الكردستاني» حزب «الاتحاد» «المسؤولية عن الحالة الراهنة واللاحقة». أما «الاتحاد الوطني»، وعلى لسان القيادي فيه محمود خوشناو، فقد أكد أن «مناصب رئاسة الإقليم ستكون في خبر كان في حال نسف أي اتفاق مع (الديمقراطي)». وقال خوشناو إن «اختلال التوازن في بغداد سيؤدي لاختلاله في كردستان».
إلى ذلك؛ جدد القيادي البارز في «الإطار التنسيقي» رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض الاتهامات الشيعية للسنة والأكراد بتمزيق البيت الشيعي. وفيما برأ الفياض زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر مما سماها «مؤامرة تمزيق البيت الشيعي»، فإنه رأى أن هناك أطرافاً أخرى هي التي ساهمت في ذلك. وقال الفياض في بيان له أمس، إن «السيد الصدر لن يشارك في مؤامرة تمزيق البيت الشيعي التي نلمسها عند بعض الأطراف»، مبيناً أن «(الإطار التنسيقي) ليس تجمعاَ  معادياً للكتلة الصدرية، ولا أحب القول إن (الإطار) متماسك في وجه الكتلة الصدرية».
وفي ضوء التحالف الرباعي الذي جمع كلاً من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر وتحالفي «تقدم» و«عزم» بزعامة محمد الحلبوسي وخميس الخنجر و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني الذي أثبت تفوقه خلال الجلسة الأولى للبرلمان، حذر الفياض من «أي اصطفافات غير بناءة جرت بقصد أو من غير قصد لتمزيق الصف الشيعي»، مضيفاً أن من يدفع باتجاه ذلك «فسيكون خصماً سياسياً».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.