العراق يحصن «أبو غريب» تحسباً لتداعيات «تمرد داعش» في الحسكة

مسؤولو المحافظات الغربية يستبعدون تكرار سيناريو 2014

TT

العراق يحصن «أبو غريب» تحسباً لتداعيات «تمرد داعش» في الحسكة

أعلنت السلطات العراقية عن قيامها بتحصين المناطق المحاذية لسجن «أبو غريب»، غرب العاصمة العراقية بغداد، تحسباً من تكرار ما جرى في سجن الحسكة السوري. وفي وقت بدأ شبح سيناريو 2014 يعود من جديد، لا سيما بعد تزايد هجمات تنظيم «داعش»، مؤخراً، وآخرها عملية العظيم في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد، فإن كبار المسؤولين في المحافظات الغربية التي تعرضت لاحتلال «داعش» عام 2014 استبعدوا تكرار ذلك، مؤكدين استعداد أبناء تلك المناطق للدفاع عن مناطقهم ومحافظاتهم.
وكانت القوات الأمنية العراقية بدأت منذ أول من أمس بالانتشار بكثافة على الطريق السريع باتجاه بغداد، تحديداً في المناطق المحاذية لسجن «أبو غريب» تحسباً لأي هجمات إرهابية. وكان سجن أبو غريب قد تعرض عام 2013 إلى أقوى هجوم من قبل تنظيم «داعش» أدى إلى إخراج أكثر من 1200 قسم منهم من كبار قادة التنظيم، بالإضافة إلى هروب عشرات السجناء الآخرين المحكومين بجرائم عادية. وفيما ترتب على إخراج سجناء أبوغريب بعد سنة احتلال التنظيم لمحافظة نينوى بالكامل خلال أيام في شهر يونيو (حزيران) 2014 بعد سقوط مدينة الموصل، زحف مقاتلو «داعش» إلى محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى وكركوك، ووصلوا إلى أسوار بغداد.
وفيما لا تزال الأخبار متضاربة بخصوص ما حصل في سجن الحسكة بسوريا بالقرب من الحدود العراقية – السورية، فإن الواقعة شجعت تنظيم «داعش» عبر ما بات يسميه عملية «هدم الأسوار»، في إشارة إلى إمكانية تكرار ما حصل في سجن غويران بسوريا في السجون العراقية التي تضم آلاف المعتقلين من التنظيم مثل أبو غريب في بغداد والحوت في محافظة ذي قار وبادوش في الموصل وسوسة في السليمانية بإقليم كردستان.
إلى ذلك، أكدت قيادة عمليات نينوى تأمين الحدود العراقية - السورية، طبقاً لما أعلنه اللواء الركن جبار الطائي قائد عمليات نينوى. وقال الطائي في تصريح أمس الأحد، إن «الحدود العراقية مع سوريا مؤمنة»، مبيناً أن «القوات العراقية قامت بحفر خندق بعمق ثلاثة أمتار وارتفاع متر وبعرض 3 أمتار، وعززنا الخندق بساتر ترابي بارتفاع 30 متراً، وكذلك هناك مانع سلكي يتألف من ثلاث اسطوانات من الأسلاك الشائكة». وأضاف قائد عمليات غرب نينوى، أن «الهاربين من مسلحي تنظيم (داعش) من سجن الحسكة داخل الأراضي السورية لن يتمكنوا من عبور الحدود إلى داخل العراق». وأشار إلى أن «هذه الدفاعات معززة بالقدرة النارية لطيران الجيش والقوة الجوية والمدفعية أيضاً، وكذلك هناك تعاون وتنسيق بين القوات المختلفة في هذه المنطقة، ومع هذه التعزيزات إن شاء الله سوف لن يتمكنوا العبور إلى داخل العراق، وسوف نلقي القبض عليهم، وسنتعامل معهم وفق القانون».
وفي إقليم كردستان الذي لم يكن بعيداً عن تهديدات «داعش» طوال السنوات الماضية، بحث رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، مع وزيري البيشمركة والداخلية «تشديد الإجراءات لحماية إقليم كردستان من تهديدات داعش». وطبقاً لبيان صادر عن حكومة الإقليم، فإن بارزاني «أعرب عن قلقه إزاء ازدياد هجمات إرهابيي (داعش) في العراق وسوريا»، مشدداً على «ضرورة تعزيز خطوط الدفاع وتشديد الإجراءات اللازمة لحماية الإقليم»، ومؤكداً في الوقت نفسه «أهمية التنسيق مع الحكومة الاتحادية وقوات التحالف الدولي من أجل التصدي لتلك التهديدات».
وفيما أطلقت القوات الأمنية العراقية عملية عسكرية في منطقة حاوي العظيم، وهي مكان المجزرة التي راح ضحيتها مؤخراً 11 جندياً عراقياً هاجمهم التنظيم ليلاً، وتمكن من قتلهم جميعاً، استبعد قادة ومسؤولي المحافظات الغربية إمكانية عودة سيناريو 2014 في تلك المحافظات بعد أن فقد التنظيم كافة حواضنه. وقال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وزعيم حزب «تقدم» ذي الغالبية النيابية السنية في تغريدة له على «تويتر»، أمس الأحد، إن «تنظيم (داعش) الإرهابي لن يعود»، مبيناً أن «سياسة التهويل الإعلامي لإحداث الاضطرابات وبث الإشاعات بواسطة زمرة من المرتزقة لم تعد تنطلي على أحد»، مبيناً أن «أحداث عام 2014 كانت درساً بليغاً استوعبه العراقيون جيداً».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى أحمد الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أبناء المحافظات الغربية وما لحق بهم وبمناطقهم من قتل ودمار وتهجير خلال سيطرة (داعش) لن يسمحوا بعودة هذا التنظيم المجرم أبداً». وأضاف أن «أبناء تلك المناطق من المدنيين سوف يقفون إلى جانب إخوانهم في القوات الأمنية لملاحقة فلول هذا التنظيم الإرهابي أينما يكون، وتطهير كامل تراب الوطن من رجسهم وجرائمهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.