إقالة بينيتز لن تحل جميع مشاكل إيفرتون المعقدة والمتأصلة

الفريق غارق في دوامة من السلبية... وهناك حاجة إلى مزيد من التغيير إذا كان يريد حقاً التحسن

جماهير إيفرتون تحتج على إدارة النادي بعد الهزيمة أمام أستون فيلا (أ.ب)
جماهير إيفرتون تحتج على إدارة النادي بعد الهزيمة أمام أستون فيلا (أ.ب)
TT

إقالة بينيتز لن تحل جميع مشاكل إيفرتون المعقدة والمتأصلة

جماهير إيفرتون تحتج على إدارة النادي بعد الهزيمة أمام أستون فيلا (أ.ب)
جماهير إيفرتون تحتج على إدارة النادي بعد الهزيمة أمام أستون فيلا (أ.ب)

ربما يكون أغرب شيء في الفترة التي قضاها رافائيل بينيتز على رأس القيادة الفنية لإيفرتون هو كيف بدأت هذه الفترة بشكل جيد. ربما يكون قد أُقيل من منصبه بعد سلسلة محبطة من النتائج السلبية التي شهدت تحقيق فوز وحيد في 13 مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه كان قد قاد الفريق للحصول على 14 نقطة من أول سبع مباريات بالدوري، وهي بداية أفضل مما كان عليها الفريق الموسم الماضي، عندما كان الجميع يتغنى بكارلو أنشيلوتي وجيمس رودريغيز.
لكن المشكلة كانت تكمن في أن بينيتز كما هو ولم يتغير أبداً، وجزء كبير من هويته مرتبط بليفربول. ومهما كانت صفات وقدرات وإمكانات بينيتز كمدير فني، لم يكن من المحتمل أبداً أن يمنحه مشجعو إيفرتون كثيراً من الصبر إذا سارت الأمور بشكل سيئ.
ربما يجادل بينيتز بأنه عانى من غياب عدد كبير من اللاعبين الأساسيين بداعي الإصابة، وعلى رأسهم دومينيك كالفرت لوين وياري مينا، بالإضافة إلى أن عبد الله دوكوري لم يستعد مستواه المعروف منذ الإصابة التي تعرض لها في القدم. قد يتأثر أي فريق بغياب العمود الفقري له، لكن في حالة إيفرتون كشفت هذه الغيابات عن مشاكل أعمق، بل ووجودية تقريباً. لقد دخل هذا النادي في دوامة من السلبية، ومهما كانت أخطاء بينيتز، فمن المؤكد أن الجميع يتفق على أن النادي كان يعاني من كثير من المشاكل بالفعل قبل أن يتولى المدير الفني الإسباني المسؤولية.
ومنذ رحيل روبرتو مارتينيز في عام 2016، قرر إيفرتون أن رونالد كومان وسام ألاردايس وماركو سيلفا ورفائيل بينيتز لا يناسبون النادي على الإطلاق. وبالنظر إلى أن كارلو أنشيلوتي لم يحقق الفوز إلا في ست مباريات فقط من أصل 19 مباراة لعبها الفريق على أرضه الموسم الماضي، فربما وجد المدير الفني الإيطالي أن ملعب «غوديسون بارك» يمثل عاملاً سلبياً في حال حضور الجماهير للمباريات، وهناك بعض الإشارات إلى أن أنشيلوتي كان يتعرض لضغوط داخلية قبل رحيله إلى ريال مدريد. ويأخذنا هذا إلى طرح سؤال مهم: بالنظر إلى أن أربعة من آخر خمسة مديرين فنيين قد تم اعتبارهم فاشلين تقريباً منذ البداية، فهل إيفرتون سيئ في اختيار المديرين الفنيين؟ أم أن هناك شيئاً في شخصية النادي يجعله غير قابل للإدارة بشكل جيد؟
لفترة طويلة، كان إيفرتون نادياً يقاتل بشكل مثير للإعجاب على الرغم من ندرة الموارد. ومنذ أن أصبح فرهاد مشيري مالك النادي في عام 2016، كان هناك صافي إنفاق يزيد قليلاً على 200 مليون جنيه إسترليني. هذا لا يكفي بالطبع للمنافسة على احتلال أحد المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، لكن حتى بعد تقليل النفقات هذا الصيف - وهو أول عام يحقق فيه النادي أرباحاً من بيع اللاعبين تحت قيادة مشيري - فإنه ليس مستوى الإنفاق الذي يجعل النادي ينظر إليه بقلق، حتى في الوقت الذي يواجه فيه شبح الهبوط لدوري الدرجة الأولى، حيث يشير موقع «سبوتراك» إلى أن إيفرتون لديه سابع أعلى فاتورة لأجور اللاعبين في الدوري الإنجليزي، لكن النادي لم يقدم منذ فترة طويلة المستويات التي تتناسب مع ذلك.
ويجب أن يؤخذ إطاران زمنيان في الاعتبار. على المدى القريب، كان إيفرتون يغرق، لكن الهزيمة يوم السبت الماضي، أمام نوريتش سيتي الذي لم يسجل أي هدف في ست مباريات بالدوري تعني أن إيفرتون قد خسر الآن أمام الأندية الصاعدة الثلاثة هذا الموسم، ومن المفهوم أن هذه كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.
فهل يواجه إيفرتون الآن احتمالاً قوياً للهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى منذ 71 عاماً؟ ربما لا، لكن بالنظر إلى مدى ضعف المستويات التي يقدمها الفريق ومدى الفوضى التي يعاني منها خط الدفاع، فلا يمكن لأي شخص أن يزعم أنه مرتاح تماماً في ظل ابتعاد الفريق بفارق ليس كبيراً من النقاط عن المراكز المؤدية للهبوط، حتى في ظل امتلاك الفريق لعدد من المباريات المؤجلة، وفي ظل استمرار الهزائم وآخرها على ملعبه أمام أستون فيلا السبت الماضي. ويشير بيع لوكاس ديني قبل أيام قليلة بعد دخوله في خلافات مع بينيتز إلى أنه لم تكن هناك خطة لتعويض هذا اللاعب بعد ذلك، لكن تأتي نقطة في أي مسار سيئ يكون عندها تيار السلبية قوياً لدرجة أن التضحية تكون هي الإجراء الوحيد الذي يمكن اتخاذه.
لذلك كان يجب إقالة بينيتز. لكن بغض النظر عن هوية المدير الفني القادم، فإنه سيتولى قيادة فريق يضم مزيجاً غريباً من اللاعبين الذين تم تجميعهم معاً من قبل ستة مديرين فنيين من دون أي خطة واضحة. هذا لا يعني عدم وجود لاعبين جيدين في النادي، لكن من الواضح أن النادي قد تعاقد مع عدد كبير من اللاعبين بعدما تراجع مستواهم عن الذروة. لقد أصبح هناك شعور بأن إيفرتون لم يعد قادراً على مجاراة كرة القدم الحديثة، وأنه مجرد نادٍ عريق يهدر الأموال بكل بساطة. ولا يمكن لأندية مثل إيفرتون أن تتطور إلا من خلال شراء اللاعبين الشباب الواعدين ثم بيعهم بعد ذلك لتحقيق أرباح مالية كبيرة. قد تكون هذه الحقيقة مؤلمة لجمهور النادي، لكن هذه هي الطريقة التي يجري بها تمويل كرة القدم الحديثة بالنسبة للأندية التي لا يمكن تصنيفها على أنها أندية عملاقة.
لكن القيام بذلك يتطلب هيكلاً مناسباً وفلسفة مناسبة، وهو الأمر الذي لا يتوفر على الإطلاق تحت قيادة مشيري، حيث أصبح إيفرتون مجرد نادٍ يعمل بلا خطة واضحة ويتأرجح من مدير فني هولندي ينتمي للمدرسة الحديثة إلى مدير فني إنجليزي ينتمي للمدرسة القديمة إلى مدير فني برتغالي شاب إلى مدير فني كان يمتلك خبرة كبيرة في دوري أبطال أوروبا قبل 15 عاماً! وحتى الأشخاص الذين كان بإمكانهم وضع سياسة مناسبة فيما يتعلق بالتعاقدات - مثل ستيف والش ومارسيل براندز - لم يشعروا بالراحة داخل النادي، حيث رحل والش في 2018، قبل أن يرحل براندز في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بسبب ما وصفه بـ«اختلاف واضح في الرؤية والاتجاه» مع مجلس الإدارة.
ربما لم يكن براندز هو الرجل المناسب، وربما لم يكن والش هو الرجل المناسب أيضاً. وكان من الواضح أيضاً أن بينيتز لم يكن كذلك. فمن يكون الرجل المناسب إذن؟ وما الاتجاه الموجود بالنادي في الوقت الحالي؟ لقد صرح مدير فني سابق بأن مشيري غير واضح في طريقة تفكيره، وبأنه شديد التأثر بآراء الجماهير ورأي وسائل الإعلام. لكن حتى تكون هناك رؤية واضحة، من الصعب رؤية كيف يتقدم إيفرتون، وهو الأمر الذي يبدأ بأن يدرك النادي مكانته الحالية في عالم كرة القدم. والسؤال الذي طرح نفسه مؤخراً هو: هل استثمار مشيري 100 مليون جنيه إسترليني أخرى في نادي إيفرتون، وذلك بعد زيادة حصته في النادي إلى 94 في المائة، سيحل مشاكل إيفرتون؟



توالي الخسائر المصرية في «أولمبياد باريس» يفجر انتقادات

كريم هنداوي لاعب منتخب مصر لكرة اليد يبكي عقب الخروج من الأولمبياد (رويترز)
كريم هنداوي لاعب منتخب مصر لكرة اليد يبكي عقب الخروج من الأولمبياد (رويترز)
TT

توالي الخسائر المصرية في «أولمبياد باريس» يفجر انتقادات

كريم هنداوي لاعب منتخب مصر لكرة اليد يبكي عقب الخروج من الأولمبياد (رويترز)
كريم هنداوي لاعب منتخب مصر لكرة اليد يبكي عقب الخروج من الأولمبياد (رويترز)

فجّرت الخسائر المصرية المتوالية في «أولمبياد باريس» انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الأوساط الرياضية المحلية، خصوصا بعد خسارة منتخب كرة اليد المصري مباراته في ربع النهائي أمام إسبانيا بشكل مثير، صباح الأربعاء.

وكان «الفراعنة» متقدمين على «الماتادور الإسباني» بفارق 7 نقاط كاملة، قبل أن يقلّص الإسبان النتيجة ويصلون للتعادل 25-25 مع نهاية اللقاء، ثم يقتنصون فوزاً ثميناً بفارق نقطة واحدة في الثواني الأخيرة 29- 28 وسط حالة من الذهول استولت على ملايين المصريين الذين تابعوا اللقاء عبر الشاشات.

وحملت المباراة «طابعاً ثأرياً» من الجانب المصري بسبب هزيمته على يد الإسبان أيضاً في أولمبياد طوكيو 2020، لكن الإخفاق حالف المصريين للمرة الثانية، أمام الخصم نفسه.

لقطة من مباراة منتخب مصر لكرة اليد أمام إسبانيا (أ.ف.ب)

وقال الناقد الرياضي، محمد البرمي: «خروج منتخب اليد بهذا الشكل الدراماتيكي فجّر حالة من الإحباط والصدمة والغضب؛ لأن المصريين كانوا الأفضل ومتفوقين بفارق مريح من النقاط».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «مشكلة الفرق المصرية عموماً، واليد بشكل خاص، تتمثل في فقدان التركيز في اللحظات الأخيرة، وعدم تحمل الضغوط العصبية والنفسية العنيفة التي يتسم بها اللعب أمام فرق عالمية خارج الحدود».

ومن بين العوامل التي زادت من حدة الصدمة، وفق البرمي، أن «منتخب اليد من الفرق القليلة التي عقد المصريون عليها الآمال لحصد ميدالية بعد سلسلة من النتائج المحبطة للفرق الأخرى، لاسيما أن منتخب اليد المصري مصنف عالمياً، وله إنجازات مشهودة في البطولات الأفريقية والدولية».

وكانت مصر خسرت أمام فرنسا 1- 3 في الدور نصف النهائي لكرة القدم ضمن مسابقات الأولمبياد، إذ كانت المبادرة لمنتخب «الفراعنة» الذي سجل هدف التقدم في الدقيقة 61 عن طريق اللاعب محمود صابر، ليعود منتخب «الديوك» إلى التعادل قبل 8 دقائق من نهاية المباراة، ثم يحرز الهدف الثاني ثم الثالث في الشوطين الإضافيين.

خسارة المنتخب المصري لكرة اليد في أولمبياد باريس (أ.ب)

وعدّ الناقد الرياضي، عمرو درديري، في منشور على صفحته بموقع «فيسبوك» أن «عقلية اللاعب المصري هى المسؤول الأول عن الهزائم، حيث لم يعتد بعد على المنافسات العالمية، وكان لاعبو المنتخب كثيري الاعتراض على حكم مباراة إسبانيا».

وأضاف: «ليس من المعقول ألا نحقق إنجازاً ملموساً في كل مرة، ونكتفي بالتمثيل المشرف».

وشهدت مصر خسائر جماعية متوالية، بعضها في الأدوار التمهيدية، وعلى نحو عدَّه كثيرون «محبطاً» في عدد من الألعاب الأخرى مثل: الرماية والملاكمة والسلاح وتنس الطاولة والمصارعة والوثب العالي ورمي الرمح والسباحة التوقيعية والغطس.

وحقق لاعبون مصريون مراكز متأخرة في الأولمبياد مثل لاعبة «الشراع» خلود منسي، وأميرة أبو شقة التي حلت بالمركز الأخير في لعبة «رماية السكيت»، كما احتل اللاعب مصطفى محمود المركز قبل الأخير في «رمي الرمح».

واللافت أن لاعبين مصنفين دولياً في مراكز متقدمة لم يحققوا أي ميدالية مثل زياد السيسي ومحمد حمزة في لعبة سلاح الشيش، وعزمي محيلبة في الرماية، وعبد اللطيف منيع في المصارعة الرومانية.

وشن الناقد الرياضي المصري، ياسر أيوب، هجوماً على اتحاد الملاكمة بسبب اللاعبة منى عياد التى سافرت إلى باريس ولم تشارك فى الدورة بعد اكتشاف زيادة وزنها 700 غرام عن المسموح به، مؤكداً في منشور عبر صفحته بموقع «فيسبوك» أنه «كان من الضروري أن يتضمن هذا الإعداد ملفاً طبياً للاعبة يشمل وزنها وتحاليلها وتغذيتها الصحية».

سلطان تورسينوف من كازاخستان يواجه محمد متولي من مصر (رويترز)

واكتفى الحكم الدولي السابق، جمال الغندور، بالقول عبر صفحته على «فيسبوك»: «اتقوا الله... ربنا غير راض عن الكرة المصرية...خلص الكلام».

وأشار الناقد الرياضي، أشرف محمود، إلى أن «توالي الخسائر يعود إلى أسباب متنوعة منها تسرع بعض اللاعبين المميزين، وعدم احترام الخصم كما حدث في حالة لاعب السلاح زياد السيسي، فضلاً عن الآفة المزمنة للاعب المصري وهي فقدان التركيز في اللحظات الأخيرة».

ويلفت محمود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تدارك هذا الوضع السيئ والمخزي يتطلب إصلاحات جذرية في الرياضة المصرية تشمل تغيير رؤساء الاتحادات، وتعيين مدربين أكفاء يحركهم الشغف بدلاً من نظرائهم الذين يتعاملون مع تدريب المنتخبات الوطنية بمنطق الوظيفة»، وفق تعبيره.

فيما يطالب محمد البرمي بـ«تخطيط أفضل للمشاركات المصرية القادمة تشمل تجهيز اللاعبين وتأهيلهم وحل المشاكل والخلافات والابتعاد عن البيروقراطية أو الرغبة في الاستعراض وإلا فسوف تتكرر تلك النتائج الكارثية».