باحثو «كاوست» يطورون طريقة لتقليل استهلاك الطاقة في مصانع البتروكيماويات

عملية بديلة لا تتطلب أي حرارة أو ضغط مرتفعين قد تحل محل العمليات الصناعية الحالية

د. جنجوو جانج ينفّذ تجربة الفصل باستخدام بُرجَي استخلاص
د. جنجوو جانج ينفّذ تجربة الفصل باستخدام بُرجَي استخلاص
TT

باحثو «كاوست» يطورون طريقة لتقليل استهلاك الطاقة في مصانع البتروكيماويات

د. جنجوو جانج ينفّذ تجربة الفصل باستخدام بُرجَي استخلاص
د. جنجوو جانج ينفّذ تجربة الفصل باستخدام بُرجَي استخلاص

في عام 2015 نشرت صحيفة «الاقتصادية» السعودية تقريراً أشار إلى أن كلاً من مصانع البتروكيماويات والإسمنت والحديد والصلب في المملكة العربية السعودية تستهلك، نحو 65 في المائة من إجمالي استهلاك القطاع الصناعي من الطاقة. وأكبر الصناعات الثلاث السابقة استهلاكاً للطاقة هي صناعة «البتروكيماويات»، حيث تستهلك نحو 50 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة في قطاع الصناعة. من جانب آخر، أشار تقرير لوكالة الطاقة الدولية إلى أن من المتوقع أن تشكل البتروكيماويات ما يزيد على ثلث نمو الطلب العالمي على النفط بحلول 2030 ونحو نصف نمو الطلب بحلول 2050، وسيأتي معظم نمو الطلب من الشرق الأوسط والصين، حيث يجري تشييد مصانع كبيرة للبتروكيماويات.
في هذا الإطار، طوّرت الدكتورة نيفين خشّاب، الأستاذة المشاركة في علوم الكيمياء وزملاؤها، من «مركز الأغشية والمواد المسامية المتقدمة» في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، طريقة مبتكرة عالية الكفاءة وقليلة الاستهلاك للطاقة لفصل أحد مشتقات البنزين، والمعروف باسم «الزيلين». وتقول خشّاب عن ابتكارها، إنه في الوقت الراهن موضع نقاشات دائرة بالفعل مع قطاع الصناعة لتطبيق التقنية.
و«الزيلين» هو سائل هيدروكربوني قابل للاشتعال يستخدم مذيباً ومادةً أولية في صناعة الأصباغ والمواد المتفجرة، حيث تحل فيه مجموعتا ميثيل محلَ ذرتي هيدروجين مرتبطة بحلقة البنزين.
ويتّخذ «الزيلين» ثلاثة أشكال مختلفة تُعرف باسم «الأيزومرات أو المتجازئات» تختلف عن بعضها في موضع ذرة كربون واحدة. ومركبات «الزيلين» هي جزيئات لها الصيغة الكيميائية نفسها، وغالباً الروابط نفسها بين الذرات، إلا أنها تختلف في ترتيب المجموعات الوظيفية التي تشكّل هذه المركبات، وهي تدخل كما ذكرنا في عديد من الاستخدامات واسعة النطاق، كالبوليمرات والمواد البلاستيكية والألياف، وتُستخدم أيضاً كمواد مضافة إلى الوقود وغيرها من التطبيقات، لكن كثيراً من هذه الاستخدامات يعتمد على أيزومر واحد فقط من الأيزومرات الثلاثة.
ونظراً إلى التشابه الكبير بين الأيزومرات، فإن خصائصها الفيزيائية، مثل نقطة الغليان، متقاربة للغاية؛ ولذلك يتطلّب فصلها استخدام قدر كبير من الطاقة. ويعدّ الاستخلاص من العمليات الكيميائية المهمة التي تهدف إلى عزل وفصل مادة معينة مرغوبة عن مواد أخرى سبق وتم مزجها جميعاً معاً (غالباً بطريقة طبيعية) في خليط مواد واحد.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور جنجوو جانج، باحث ما بعد الدكتوراه في فريق خشّاب والمؤلف الأول للدراسة «إن تكاليف الطاقة المطلوبة عالمياً لفصل هذه الأيزومرات باستخدام التقطير تبلغ نحو 50 غيغاواط سنويّاً، أي ما يكفي لتزويد 40 مليون منزل بالطاقة؛ ولذا أردنا التوصل إلى طريقة عالية الكفاءة وقليلة الاستهلاك للطاقة من أجل فصل هذه الأيزومرات وتنقيتها للاستخدام في قطاع البتروكيماويات».
ولفصل أيزومرات الزيلين، استخدمت خشّاب وفريقها جزيئات دائرية مجوفة على شكل حلوى الدونتس تسمى كيوكوربيترول (cucurbiturils)، والتي يمكن للتجويف في مركزها أن يستضيف داخله جزيئات أصغر.
وأثبت الفريق، أن التجويف في مركز جزيء الكيوكوربيترول يتمتع بالحجم المثالي لاستضافة الأيزومر أورثو - زيلين، وباستخدام عملية تُسمّى استخلاص سائل - سائل - وهي الطريقة التي تُعزَل بها مادة ما من مزيج يحتوي على مواد أخرى - استعان الفريق بجزيء كيوكوربيترول لفصل الأورثو - زيلين عن الأيزومرات الأخرى. ويوضح جانج «استطعنا فصل الأورثو - زيلين بدقة تزيد على 92 في المائة بعد دورة استخلاص واحدة»، مضيفاً «بخلاف الطرق المستخدمة من قبل، تُنفَّذ طريقتنا في ظل درجة حرارة وضغط الغرفة؛ مما يعني استهلاك قدر قليل جداً من الطاقة، فضلاً عن سهولة التطبيق».
وتشير خشّاب إلى أن العملية بالكامل صُمّمت على نحو يجعلها مناسبة للاستخدام في مصانع البتروكيماويات القائمة حالياً، مضيفة أن «أبراج استخلاص سائل - سائل تُستخدم في الصناعات اليوم؛ ولذا من السهل نسبيّاً دمج مادتنا في هذا النظام، كما أن جزيء كيوكوربيترول يتميز بأنه ليس مُكلّفاً، كما أنه متاح تجاريّاً أو يسهل تصنيعه، فضلاً عن كونه مستقراً إلى حدٍّ كبير بالمقارنة مع أغلب المواد المسامية».
واختتمت خشاب حديثها بالقول، إنه «سبق أن أثبتنا إمكانية فصل الزيلين من عينات النفط التجارية عند مقاييس تصل إلى 0.5 لتر، ونحن على تواصل مع شركة أرامكو السعودية لإدخال هذه العملية حيز التنفيذ في القطاع الصناعي». ومن جانبه، يقول جانج، إن الفريق يدرس أيضاً بعض الاستخدامات الأخرى لعملية الفصل المذكورة.


مقالات ذات صلة

روبوت يسبح تحت الماء بشكل مستقل مستخدماً الذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا يبرز نجاح «أكوا بوت» الإمكانات التحويلية للجمع بين الأجهزة المتطورة والبرامج الذكية (أكوا بوت)

روبوت يسبح تحت الماء بشكل مستقل مستخدماً الذكاء الاصطناعي

الروبوت «أكوا بوت»، الذي طوّره باحثون في جامعة كولومبيا، قادر على تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام تحت الماء بشكل مستقل.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تسعى المنصة لتحقيق قفزة نوعية كبيرة في سوق العملات الرقمية مع وضع مبادئ مبتكرة لاقتصاد تلك العملات (كونتس)

خاص رائدة أعمال سعودية تبتكر أول بروتوكول لعملة رقمية حصينة من الانخفاض

تهدف رائدة الأعمال السعودية رند الخراشي لإرساء معايير جديدة لعالم التمويل اللامركزي «DeFi».

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا فعالية «بلاك هات 2024» تهدف لتمكين خبراء الأمن السيبراني عالمياً عبر ورش وتحديات تقنية مبتكرة (بلاك هات)

فعالية «بلاك هات» تعود في نسختها الثالثة بالرياض بجوائز تفوق مليوني ريال

بمشاركة عدد كبير من الشركات السعودية والعالمية والشخصيات الرائدة في المشهد السيبراني.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:37

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من تطور، حقَّقت «سيسكو» أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

زينب علي (الرياض)
عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.


الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة

نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص
نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص
TT

الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة

نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص
نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص

لندن: «الشرق الأوسط»

يمكن استغلال الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال التعليم، في تطوير خطط تعليمية مخصصة للطلاب، بحسب درجاتهم وفهمهم العام لمختلف المواد.

معاونة الطلاب والمدرسين

يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل «تشات جي بي تي» ChatGPT، معاونة الطلاب على أداء المهام المعقدة، مثل التعمق في دراسة المناهج المطلوبة وذلك كمنطلق لجلسات الشحذ الذهني لمجموعات الطلاب. وإن كان هذا لا يمنع الاعتراف بأن «تشات جي بي تي» يساء استخدامه من جانب بعض الطلاب. وفيما يخص المعلمين المشغولين، يحمل الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعوداً بتبسيط المهام اليومية الرتيبة، مثل صياغة خطط الدروس، وتحديد الخطوط العريضة للمهام، وإنشاء معايير التقييم، وبناء الاختبارات، وتوفير وسائل تعليمية مبتكرة، وغير ذلك.

تطبيقات للطلاب والمدرسين

> تجارب تعلُّم المفردات الشخصية يتوافق مع مستويات الطلاب

يعتمد نظام «نوجي» Knowji على الذكاء الاصطناعي التوليدي في بناء دروس لمفردات شخصية، تتوافق مع مستوى كفاءة المتعلم ووتيرة التعلم، وعبر إنشاء اختبارات مخصصة واستخدام خوارزميات التكرار المتباعد، ويضمن النظام الاحتفاظ الفاعل وإتقان الكلمات الجديدة، ما يجعل عملية تعلم اللغة أكثر كفاءة، مع تصميم يتماشى مع الاحتياجات الفردية.

ويتميز التطبيق بالجاذبية وطابع تفاعلي. ويساعد هذا المستخدمين على بناء اتصال أعمق باللغة، على نحو يساعدهم في جعل بناء المفردات متعة، وليس مهمة شاقة.

إنشاء محتوى آلي للمدرسين

بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، يساعد نظام «جاسبر» Jasper، المدرسين في إنشاء مواد لدورة تعليمية شاملة ومخصصة.

وعبر إدخال موضوع، يمكن للتطبيق إنشاء خطط درس مفصلة وملاحظات محاضرات ومحتوى تعليمي، ما يوفر للمعلمين الكثير من الوقت والجهد. وعلاوة على ذلك، يعمل النظام بمثابة أداة تعاونية تتيح للمعلمين تحسين المحتوى الذي جرى إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتأكد من أنه يتوافق مع المعايير والأهداف التعليمية.

نظام الذكاء الاصطناعي التعليمي "نوجي"

تعلم اللغات وممارستها

يستخدم نظام «دوالنغو» Duolingo الذكاء الاصطناعي التوليدي لتخصيص تجارب تعلم اللغة لمستخدميه. وتتكيف المنصة مع وتيرة تقدم كل متعلم، وتولد تمارين ومحادثات تستهدف مجالات معينة من التحسين، ما يجعل عملية تعلم اللغة أكثر تفاعلية وتكيفاً. وتجعل اللعبة من مسألة تعلم لغة جديدة تجربة ممتعة، وتشجع على الممارسة اليومية المتسقة.

طب شخصي مخصص

تخضع صناعة الرعاية الصحية لتغييرات كبرى بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع شروع الكثير من منظمات الرعاية الصحية حالياً في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي بطرق مختلفة. على سبيل المثال، يمكن للأطباء استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتطوير خطط رعاية خاصة تتوافق مع احتياجات المرضى. كما يوفر الذكاء الاصطناعي التوليدي حلولاً رائدة على صعيدي التشخيص، وتخطيط العلاج واكتشاف الأدوية، من بين استخدامات أخرى، الأمر الذي يمكّن مقدمي الرعاية الصحية من توفير خدمات رعاية صحية أكثر كفاءة، مع تخصيص رعاية المرضى على نحو غير مسبوق.

الطب الشخصي

يعتمد «إنسليكو ميديسن» Insilico Medicine على الذكاء الاصطناعي التوليدي لإحداث ثورة في اكتشاف الأدوية وخطط العلاج الشخصية.

ومن خلال التنبؤ بتأثيرات الأدوية على الملفات الجينية الفردية المحددة، تمكّن هذه الأداة من تطوير علاجات مخصصة، الأمر الذي يقلل من معدلات التجربة والخطأ في اختيار العلاج، ويعزز فاعلية التدخلات الطبية. وبفضل قدرتها على فحص ملايين الجزيئات بسرعة، بحثاً عن تأثيرات علاجية محتملة، تساهم في تسريع وتيرة الانتقال من مرحلة البحث إلى مرحلة التجارب السريرية بشكل كبير، وتعزز الأمل في تحقيق اختراقات أسرع في الطب.

منصات تفاعلية

منصات تفاعل المرضى المدعومة بالذكاء الاصطناعي

يستخدم نظام «هيرو» Hyro تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي لتشغيل منصة المحادثة المتوافقة مع قانون نقل للتأمين الصحي ومسائل الرعاية الصحية. وتعمل على أتمتة تفاعلات المرضى، وتوفر المعلومات والدعم في الوقت المناسب، بهدف تحسين تجربة رعاية المرضى لمستخدميها، مع المساعدة في الوقت ذاته في تخفيف مشكلات التوظيف داخل المؤسسات الطبية. وبجانب التفاعل مع المرضى، يتكامل الذكاء الاصطناعي من «هيرو» مع أنظمة الرعاية الصحية لتوفير تحليلات البيانات في الوقت الفعلي، التي تعزز الكفاءة التشغيلية وجهود التنسيق لرعاية المرضى.

كشف السرطان مبكراً

يمثل نظام «سكن فيجن» SkinVision خدمة طبية منظمة، قائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل صور الجلد، بحثاً عن العلامات المبكرة لسرطان الجلد. ويتولى التطبيق إنشاء تقييمات بناءً على الأنماط المرئية، ما يساهم في الكشف المبكر عن الحالات الصحية المرتبطة بالجلد وعلاجها. ويعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي على خبرة أطباء الجلد وغيرهم من المتخصصين في صحة الجلد. وعبر تشجيع الفحوصات الجلدية المنتظمة، يزيد التطبيق بشكل كبير من فرص نجاح العلاج لمرضى سرطان الجلد.