«السلطة»: إسرائيل تشن حملة لنزع ملكية الفلسطينيين في القدس

صور عائلية على أنقاض منزل تم هدمه في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية يوم 19 يناير (رويترز)
صور عائلية على أنقاض منزل تم هدمه في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية يوم 19 يناير (رويترز)
TT

«السلطة»: إسرائيل تشن حملة لنزع ملكية الفلسطينيين في القدس

صور عائلية على أنقاض منزل تم هدمه في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية يوم 19 يناير (رويترز)
صور عائلية على أنقاض منزل تم هدمه في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية يوم 19 يناير (رويترز)

قالت السلطة الفلسطينية إن إسرائيل تعمل على نزع الملكية عن الفلسطينيين في القدس بهدف تعزيز سيطرتها على المدينة.
وجاء في رسالة بعثها المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (النرويج)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن إسرائيل تشن حملة واسعة لنزع الملكية في القدس بهدف تعزيز سيطرتها على المدينة، من خلال التوسع الاستيطاني والتهجير القسري في انتهاك خطير للقانون الدولي.
وأكد أنه «تمييز وقمع مكثف، إنها نكبة مستمرة أمام أعين المجتمع الدولي».
وأشار منصور إلى التهجير القسري الذي تعرضت له أسرة مقدسية من عائلة صالحية في حي الشيخ جراح في مدينة القدس، بعد هدم منزلها، في جريمة رصدها ووثّقها المجتمع الدولي، الأمر الذي يعكس مدى إفلات إسرائيل من العقاب وازدرائها القانون الدولي وحقوق الإنسان.
وقال إن هذه العائلة تم تهجيرها مرتين وتنحدر في الأصل من عين كارم، وهي قرية فلسطينية تعرضت للتطهير العرقي خلال النكبة.
وأضاف: «يجب تذكير القوة القائمة بالاحتلال، مرة أخرى، أنه ليس لها أي حقوق سيادية على الإطلاق في القدس الشرقية المحتلة، بما في ذلك البلدة القديمة ومقدساتها، بغض النظر عن إجراءاتها غير القانونية لتغيير التركيبة السكانية للمدينة وطابعها ووضعها، أو أي إعلانات أحادية الجانب، فيما يسمى القانون الأساس أو غير ذلك».
ودعا منصور المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن، إلى التحرك الفوري للتصدي لحملة التهجير القسري المستمرة في الشيخ جراح، وسلوان، والطور، والعيساوية، وبقية فلسطين المحتلة، لتفادي مزيد من زعزعة الاستقرار في هذا الوضع المضطرب، مشدداً على ضرورة تفعيل المساءلة بما يتماشى مع واجبات مجلس الأمن وقراراته.
وانتقد منصور المجتمع الدولي قائلاً إن إسرائيل لم تعد تختبر صبره، حيث وصل إفلاتها من العقاب إلى أعلى مستوياته، وساد نظام الفصل العنصري الاستعماري على إرادة المجتمع الدولي نتيجة لعقود طويلة من التراخي وعدم المساءلة والعديد من القرارات غير المنفذة.
ورأى أنه «يتعين على المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن، تجاوُز البيانات والإدانات واتخاذ إجراءات عملية والتي طال انتظارها، من أجل المساءلة لحماية الأرواح البشرية ووضع حد لهذا الظلم التاريخي».
وجاءت شكوى السلطة بعد أيام من سيطرة إسرائيل على أرض عائلة صالحية وطردها بالقوة منها في حي الشيخ جراح في القدس في خطوة قال الفلسطينيون إنها تمهد لطرد بقية العائلات في الحي الذي شهد كثيراً من المواجهات، وكان شرارة الحرب الأخيرة في غزة في مايو (أيار) الماضي.
ويتهم الفلسطينيون رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت بالعمل شخصياً على دفع مشاريع تهويد القدس.
وذكر تقرير للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير، أمس، أن حكومة إسرائيل خصصت، بتوجيه من بنيت، موازنات لبناء روايات زائفة في القدس، تشمل تعزيز وتكثيف وجود اليهود في المدينة مقابل تهجير الفلسطينيين.
واتهم التقرير بنيت بالإشراف شخصياً على تعميق مخططات التهويد المتواصلة في القدس وحائط البراق.
وقال: «صادقت حكومة الاحتلال على خطة بنيت التي تُعنى بتطوير البنى التحتية وزيادة حجم الزيارات إلى حائط البراق، وهي خطة خمسية بقيمة 110 ملايين شيقل. وتم تخصيص إطار الموازنة لأجل تنفيذه من قبل مكتب رئيس الوزراء ووزارات الدفاع، والمالية، والتربية والتعليم، والداخلية، والمواصلات، والسياحة، والأمن الداخلي، والثقافة والرياضة، والهجرة واستيعاب القادمين الجدد، والابتكار والعلوم والتكنولوجيا».
وتشمل الخطة استمرار زخم التطوير والأعمال الجارية في هذا المكان، والاستجابة لزيارات الطلاب والقادمين الجدد والجنود، وتطوير برامج تربوية جديدة، ودعم خدمات المواصلات وبلورة أساليب جديدة تتيح الوصول إلى حائط البراق من خلال المنصات التكنولوجية الحديثة. ووصف بنيت الخطة بأن من شأنها أن تساعد في تطوير البنى التحتية الضرورية للمكان.
وفي الوقت الذي تخصص فيه حكومة إسرائيل، بتوجيه من رئيس وزرائها، موازنات لبناء رواية زائفة تزور مواقع إسلامية كما يجري في ساحة البراق في القدس، تقدمت بلدية موشيه ليئون بالتماس للمحكمة المحلية في المدينة من أجل هدم مجمع إسلامي في بلدة بيت صفافا. كما وافقت لجنة التخطيط والبناء اللوائية في بلدية الاحتلال على إيداع خطة لبناء 1465 وحدة استيطانية بين جبل أبو غنيم (هار حوما) و«جفعات هاماتوس» وبيت صفافا تسمى «حي القناة السفلية»، بينما تقرر إجراء مناقشة أخرى بشأن خطط بناء مجمع استيطاني جديد في الثلة الفرنسية.
وتم إقرار هذه المشاريع على الرغم من أن حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، دعت إلى وقف هذا المشروع فوراً والمشاريع الأخرى الموازية التي تم إقرارها في الخامس من الشهر الجاري، لأنها قائمة على أراضٍ فلسطينية محتلة وتمس بحل الدولتين وتقطع التواصل بين القدس الشرقية المحتلة وبيت لحم.
وطالبت أحزاب اليسار والوسط وأحزاب التحالف التي تؤيد إمكانية قيام دولتين لشعبين بأن تفعل كل شيء حتى لا يتم الترويج لهذه الخطط، ولا تصل إلى مناقشة في اللجنة اللوائية. لكن اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في بلدية الاحتلال صادقت في الخامس من الشهر الجاري على خمسة مخططات جديدة عبر الخط الأخضر في القدس بأحجام ضخمة تبلغ 3557 وحدة استيطانية جديدة.



«التضخم» يعود للارتفاع بمصر ويثير المخاوف من «انفلات» الأسواق

رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر يقود حملة لمتابعة ضبط الأسعار (مجلس الوزراء المصري)
رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر يقود حملة لمتابعة ضبط الأسعار (مجلس الوزراء المصري)
TT

«التضخم» يعود للارتفاع بمصر ويثير المخاوف من «انفلات» الأسواق

رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر يقود حملة لمتابعة ضبط الأسعار (مجلس الوزراء المصري)
رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر يقود حملة لمتابعة ضبط الأسعار (مجلس الوزراء المصري)

استقبل محمد ربيع، وهو موظف في منتصف الأربعينيات من عمره، الأرقام الرسمية الصادرة عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في مصر بزيادة معدلات التضخم الشهر الماضي بمزيد من التوجس، وعبّر عن مخاوفه من تكرار أزمات سابقة كانت فيها معدلات التضخم سبباً في «انفلات» الأسواق مع وجود زيادات غير منطقية وسريعة في أسعار كثير من السلع الرئيسية.

وعاد معدل التضخم السنوي في مدن مصر للارتفاع خلال أكتوبر (تشرين الأول) بعد سلسلة من التراجعات على مدى 4 أشهر، وارتفع إلى 12.5 في المائة مقابل 11.7 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لبيانات أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، الاثنين، وذلك بعد رفع أسعار الوقود الشهر الماضي.

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أثناء تفقده أحد الأسواق (أرشيفية - مجلس الوزراء)

ويشير ربيع، الذي يقطن في منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أسعار المنتجات الغذائية بمختلف أنواعها كانت هي الأكثر تأثراً خلال الفترة الماضية منذ زيادة أسعار الوقود، وانعكس ذلك على الخبز السياحي والجبن والألبان والزيوت وبعض الأنواع من الخضراوات والفاكهة، إلى جانب الزيادة الأكثر وضوحاً في تكاليف وسائل النقل.

قال: «تبقى المشكلة كما هي دون حل، فمحلات البقالة تقوم بتسعير المنتجات وفقاً لأهوائها، وإن كانت الفوارق محدودة خلال الأشهر الماضية التي شهدت تحسناً في سعر العملة المحلية مع تراجع معدلات التضخم، لكن عند الإعلان عن وجود مؤشرات عامة تبيّن ارتفاعات الأسعار تنتشر العدوى، ويجدها التجار فرصة لزيادة أسعار سلعهم».

وحسب «جهاز الإحصاء المصري»، زاد التضخم بنسبة 1.8 في المائة في أكتوبر الماضي على أساس شهري مقارنة بالشهر السابق، وزادت مجموعة الطعام والمشروبات 1.5 في المائة على أساس سنوي، و1.2 في المائة على أساس شهري.

مبادرات لخفض الأسعار

تتخوف ميرفت سمير، وهي ربة منزل في أواخر الثلاثينيات، من ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن وغيرها من أنواع البروتين التي شهدت استقراراً خلال الفترة الماضية.

وقالت: «انخفاض أسعار الدواجن والبيض سمح لنا بزيادة الاعتماد على البروتينات في وجبة الغداء، وإن كانت هناك ارتفاعات موازية في الخضراوات، لكن مع وجود مؤشرات تصاعدية للتضخم يمكن أن ينتقل ذلك لكثير من السلع الأخرى».

وأضافت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أسكن بالقرب من سوق الناصرية الشهير بالقرب من وسط القاهرة، وهو سوق تتوفر به السلع بأسعار جيدة. لكن على بعد أمتار قليلة نجد تفاوتاً في الأسعار في بعض المحال، ما يؤكد وجود حاجة للرقابة على الأسواق».

وانخفض معدل التضخم السنوي في مصر من مستوى قياسي بلغ 38 في المائة في سبتمبر 2023، مدعوماً بحزمة دعم مالي بقيمة ثمانية مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في مارس (آذار) 2024.

مسؤولون يتفقدون أحد الأسواق (مجلس الوزراء)

ويشكو المصريون غالباً مما يصفونه بـ«جشع التجار»، ويطالبون الحكومة بالتدخل لضبط الأسواق. وفي المقابل توسعت جهات حكومية خلال السنوات الماضية في تدشين مبادرات تهدف إلى خفض الأسعار أبرزها «كلنا واحد» و«أهلاً رمضان»، وكان أحدثها مبادرة «خفض الأسعار» التي أُطلقت في أغسطس (آب) الماضي.

وحينها أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن المبادرة جرى تدشينها مع «اتحاد الغرف التجارية والغرفة الصناعية، وكبار المنتجين والسلاسل التجارية»، بشأن العمل على تقديم أكبر خفض ممكن لأسعار السلع بالأسواق.

لكن قبل أيام قال عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية أيمن قرة، في تصريحات إعلامية، إن شركات زيوت الطعام الخاصة اضطرت للخروج من المبادرة التي كانت تلتزم فيها بأسعار محددة بسبب ارتفاع أسعار الخام عالمياً.

تأثير زيادة أسعار الوقود

وفيما يتعلق بزيادة أسعار المحروقات، قال الخبير الاقتصادي علي الإدريسي إن من الطبيعي أن يكون لها تأثير على معدلات التضخم نتيجة ارتفاع تكاليف النقل واللوجيستيات والمواصلات، متوقعاً استمرار ذلك التأثير على الأسواق خلال الفترة المقبلة؛ «إذ إن استيعاب الأسواق للزيادات واستقراره ثم العودة للانخفاض مرة أخرى يأخذ وقتاً طويلاً».

وبعد أن رفعت الحكومة المصرية أسعار مجموعة واسعة من المحروقات بنسبة تقارب 13 في المائة في 17 أكتوبر الماضي، رصدت «بوابة الأسعار المحلية والعالمية» التابعة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري ارتفاعات عديدة في الأسعار شملت اللحوم والأجبان والعدس والفول والطماطم والزيت والشاي والسكر والمكرونة والأرز والسمسم والدقيق.

وقال الإدريسي لـ«الشرق الأوسط»: «معدلات التضخم كان من الممكن أن تتسارع على نحو أكبر عقب رفع أسعار الوقود، لكن استقرار سعر الصرف وتراجع الدولار أمام الجنيه لعب دوراً محورياً في أن تكون الزيادة ضئيلة؛ لكن في المقابل، تبنِّي الحكومة سياسة نقدية قائمة على خفض معدلات الفائدة يعد عاملاً مساعداً لزيادة معدلات التضخم بعدما كانت تتخذ من رفع معدلات الفائدة وسيلة للحد منه».

وارتفع صافي الاحتياطيات الأجنبية في مصر إلى مستوى قياسي جديد خلال أكتوبر 2025، ليصل إلى 50.07 مليار دولار بزيادة قدرها 537.8 مليون دولار، تزامناً مع استمرار تحسّن الجنيه أمام الدولار.

وكان آخر خفض لأسعار الفائدة في مصر الشهر الماضي بواقع 100 نقطة أساس، ليبلغ سعر الفائدة حالياً 22 في المائة للإقراض و21 في المائة للإيداع، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.


انخفاض معدلات التدخين في مصر... ثمرة توعية أم ارتفاع للأسعار؟

إحصائيات رسمية تشير إلى انخفاض معدلات التدخين في مصر (أ.ف.ب)
إحصائيات رسمية تشير إلى انخفاض معدلات التدخين في مصر (أ.ف.ب)
TT

انخفاض معدلات التدخين في مصر... ثمرة توعية أم ارتفاع للأسعار؟

إحصائيات رسمية تشير إلى انخفاض معدلات التدخين في مصر (أ.ف.ب)
إحصائيات رسمية تشير إلى انخفاض معدلات التدخين في مصر (أ.ف.ب)

أثار انخفاض معدلات التدخين في مصر تساؤلات حول أسباب هذا التراجع، وما إذا كان ثمرة حملات التوعية، أم بسبب ارتفاع أسعار التبغ.

ففي حين تحدث تقرير حكومي عن تأثيرات إيجابية للحملات القومية والتشريعات التي تقيد التدخين في الأماكن العامة، رأى خبراء أن السبب الرئيسي يعود لارتفاع أسعار السجائر.

ووفق تقرير نشره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، الاثنين، فإن جهود مكافحة استهلاك التبغ أسفرت عن انخفاض نسبة المدخنين من إجمالي السكان «من 15 عاماً فأكثر»، لتصل إلى 14.2 في المائة عام 2024، مقارنة بـ17 في المائة عام 2022، و17.7 في المائة عام 2020، فضلاً عن تحسُّن وضع مصر في مؤشر التبغ العالمي بعدما انخفض لـ63 درجة عام 2023، مقارنة بـ73 درجة عام 2019.

وتحدث التقرير عن جهود الدولة لحماية صحة المواطنين، وبناء مجتمع خالٍ من التدخين، من خلال استراتيجية متكاملة تجمع بين التوعية والردع، وتشمل إطلاق حملات وطنية للتوعية بمخاطر التدخين، ومبادرات للفحص والاكتشاف المبكر لأمراض الرئة، كما تتضمن هذه الجهود تطبيق إجراءات قانونية صارمة للحد من التدخين في الأماكن العامة والمنشآت الصحية، إلى جانب توفير خدمات المساعدة للإقلاع عن التدخين.

مقر «الشركة الشرقية للدخان» في مصر (الصفحة الرسمية للشركة)

واتفق خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» على أن البعد الاقتصادي يعد العامل الرئيسي في انخفاض معدلات التدخين في مصر، وأن صعوبات توفير ثمن السجائر تسببت في تراجع معدلات استهلاك التبغ مع الارتفاعات المستمرة في أسعارها.

وقال رئيس «شعبة الدخان» باتحاد الصناعات المصرية، إبراهيم إمبابي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار وراء تراجع معدلات التدخين في مصر، حيث انخفضت القوة الشرائية»، مقللاً من تأثير حملات التوعية، مشيراً إلى أن علبة السجائر مكتوب عليها عبارة «التدخين يؤدي للوفاة»، ومع ذلك يشتريها المدخنون.

وتطرق التقرير الحكومي إلى المبادرات الوطنية للتوعية بمخاطر التدخين، وتقديم الفحص الطبي، ومن بينها حملة «متحدون ضد التبغ» التي أطلقت عام 2022، ووصلت إلى أكثر من 30 مليون شخص في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وحملة «من غيرها أحسن»، فضلاً عن المبادرات الصحية المتنوعة لمعالجة المخاطر الصحية لمنتجات التبغ.

ونقل التقرير عن منظمة الصحة العالمية تأكيدها «التزام مصر بتنفيذ سياسات شاملة لمكافحة التبغ، بوصفها من الدول الموقَّعة على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ، حيث اختيرت من بين 15 دولة في أبريل (نيسان) عام 2017 للمشاركة في المشروع العالمي «اتفاقية مكافحة التبغ 2030»، وانضمت كذلك إلى بروتوكول القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ في يناير (كانون الثاني) 2021.

وفي رأي الخبير الاقتصادي وائل النحاس، فإن ارتفاع الأسعار هو سبب رئيسي لتراجع معدلات التدخين، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأزمة الاقتصادية، وتواصل ارتفاع أسعار السجائر سببان لانخفاض معدلات التدخين في مصر».

وشهدت أسعار السجائر في مصر زيادات متتالية خلال العامين الأخيرين، كما سبق أن أقر مجلس النواب في فبراير (شباط) 2020 تعديلات على بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر عام 2016، تضمنت «فرض ضرائب ورسوم على السجائر ومنتجات التبغ يتم تحميلها على سعر البيع للمستهلك، على أن يتم تحصيلها من المنتج أو المستورد».

ويمكن أن يفسر ذلك ما جاء في تقرير مجلس الوزراء الذي أشار إلى زيادة متوسط الإنفاق السنوي على التدخين للأسر المصرية بنسبة 104.8 في المائة، ليصل إلى 12.9 ألف جنيه عام 2024، مقابل 6.3 ألف جنيه عام 2020». (الدولار يساوي 47.25 جنيه بالبنوك المصرية)

واتفق أيضاً المقرر المساعد لـ«لجنة الصحة» في «الحوار الوطني المصري» الدكتور محمد حسن خليل مع الرأي القائل إن الوضع الاقتصادي هو سبب تراجع معدلات التدخين في مصر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «انخفاض أو زيادة معدلات التدخين في أي بلد يرتبط بمجموعة عوامل، منها، توافر المال كي يتمكن المدخن من الشراء. وأيضاً ارتفاع درجة التحضر والثقافة بالمجتمع يؤدي إلى تراجع عدد المدخنين».

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن إجمالي الخسائر الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن استخدام التبغ بلغ أكثر من 5 مليارات دولار، ويشمل التكاليف النسبية موزعة على النحو التالي: 75 في المائة وفيات مبكرة، و8 في المائة حضور غير منتج، و8 في المائة رعاية صحية، و6 في المائة فترات التدخين، و3 في المائة غياب عن العمل».

وتوقع تقرير مجلس الوزراء المصري أن يحقق الاستثمار في تنفيذ تدابير مكافحة التبغ عائداً اقتصادياً خلال 15عاماً؛ «إذ يحقق كل دولار يُستثمر في تطبيق حزمة شاملة من تدابير مكافحة التبغ 107 دولارات من الفوائد الاقتصادية».


مصر تشدد على أولوية العلاقات مع دول الخليج

المشاركون في «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» بالقاهرة يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)
المشاركون في «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» بالقاهرة يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تشدد على أولوية العلاقات مع دول الخليج

المشاركون في «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» بالقاهرة يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)
المشاركون في «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» بالقاهرة يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)

شددت مصر على أولوية العلاقات مع دول الخليج، وأهمية مواصلة العمل على تعزيزها، وذلك خلال استضافة القاهرة، الاثنين، فعاليات «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي».

وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن دول الخليج تُعد من أهم شركاء مصر على الصعيدين التجاري والاستثماري، مشدداً على أهمية منح العلاقات دفعة قوية لكي تستمر دول مجلس التعاون الخليجي الشريك الاقتصادي والتجاري الأول لمصر.

وأشار مدبولي، خلال المنتدى الذي يستمر يومين تحت عنوان «خريطة طريق نحو تعزيز التعاون الاقتصادي المصري الخليجي»، إلى أن المنتدى يعد «شاهداً على متانة العلاقات الاقتصادية المصرية الخليجية، ويعبر عن حِرْص الجانبين المصري والخليجي على تعزيز أواصر علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب».

وشدد على أن تنظيم المنتدى «يتناسب مع عمق ومتانة وخصوصية تلك العلاقات على الصعيد السياسي، لا سيما في الوقت الذي تُواجه فيه المنطقة تحديات جسيمة، فضلاً عما يشهده واقع الاقتصاد العالمي من تحديات اقتصادية وجُمركية كبيرة تُلقي بظلالها السلبية على اقتصادات المنطقة».

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أثناء كلمته بـ«منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)

بينما أشار وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في كلمته بالمنتدى إلى «اعتزاز مصر باستضافة المنتدى المهم في توقيتٍ تشهد فيه علاقات التعاون بين مصر ودول مجلس التعاون طفرة نوعية في مختلف المجالات».

وقال إن العلاقات المصرية - الخليجية «لها جذور تاريخية راسخة، تزخر بمحطات متعددة من التضامن والتكامل في مواجهة مختلف التحديات»، مشيراً إلى «الأولوية» التي يوليها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتلك العلاقات وتوجيهاته بمواصلة العمل على تعزيزها.

وشارك في المنتدى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، ووزير التجارة بالسعودية ماجد عبد الله القصبي، ووزير التجارة والصناعة بالكويت خليفة عبد الله العجيل، ورئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي الشيخ فيصل عبد الله الرواس، وكبار المسؤولين الاقتصاديين والتجاريين من دول الخليج، وعدد من الوزراء المصريين.

«مجابهة التهديدات الأمنية»

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، أن مجالات التعاون بين مصر ودول الخليج واسعة للغاية «وإلى جانب التعاون والتنسيق السياسي، هناك تعاون اقتصادي واستثماري وثقافي وتعليمي وسياحي، وهي مجالات تضاف إلى أطر التعاون في مجابهة التهديدات الأمنية ومكافحة الإرهاب والتعاون العسكري، وهو ما يشكل حصانة للحفاظ على علاقات راسخة ومستقرة مع دول الخليج».

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الاستثمارات الخليجية الكبيرة في مصر تشكل رابطاً عملياً للتكامل بينها وبين دول مجلس التعاون، إذ إنها تحقق عوامل استفادة مشتركة بين مصر والخليج، وتترتب عليها مكاسب تنموية مهمة لمصر إلى جانب عوائد مهمة للقائمين على هذه المشروعات.

ومضى قائلاً: «الروابط الاستراتيجية والسياسية التي تربط مصر بدول الخليج تعزز التعاون الاقتصادي، خصوصاً أن هناك تحديات مشتركة تواجه الأمن العربي، وتفرض مسألة توطيد التعاون في مجالات مختلفة».

مشاركة واسعة في «منتدى التجارة الاستثمار المصري الخليجي» (مجلس الوزراء المصري)

وقبل أيام، وقَّعت شركة «الديار» القطرية والحكومة المصرية اتفاقاً لإقامة مشروع عمراني وسياحي ضخم بمنطقة «علم الروم» في الساحل الشمالي على البحر المتوسط، بتكلفة تقدر بنحو 29.7 مليار دولار.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّعت شركة «إعمار مصر للتنمية» اتفاقية مع شركاء سعوديين وإماراتيين لبناء مشروع سياحي على ساحل البحر الأحمر في مصر يحمل اسم «مراسي ريد»، باستثمارات تزيد على 18.5 مليار دولار، وعلى مساحة تمتد إلى 10 ملايين متر مربع.

التعاون الاستثماري

وقال مساعد وزير الخارجية، الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب جمال بيومي إن مصر لديها رغبة في دفع معدلات النمو إلى 7 أو 8 في المائة لمجاراة الزيادة السكانية، والحفاظ على وضع اقتصادي مستقر، وهو ما يحققه تكثيف التعاون الاستثماري مع دول مجلس التعاون الخليجي، والذي يتركز على جذب المستثمرين من دول الخليج لإقامة مشروعات متنوعة.

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «تهدف مصر لجذب حصة من الاستثمارات الخليجية خارج نطاق المنطقة العربية وتوجيهها إلى الفرص المتاحة بعد أن قامت بنهضة على مستوى البنية التحتية، وتسهيل إجراءات إقامة المشروعات الاستثمارية، مع التأكيد على أهمية ألا تبقى الاستثمارات فقط على مستوى مشروعات البناء والفندقة».

وذكر أن التعاون الاقتصادي العربي يجب أن يركز على تصنيع الآلات المستخدمة في المصانع، وتصنيع ترسانة نقل عربية تصل إلى حد تصنيع سفن تعمل في نقل البترول إلى جانب الغذاء مع وجود فجوة غذائية يُقدَّر حجمها بنحو 55 مليار دولار.

وخلال كلمته بالمنتدى، نوَّه الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي إلى أن حجم التبادل التجاري بين مجلس التعاون الخليجي ومصر سجل 167 مليار دولار منذ 2016 وحتى 2024، مع استهداف زيادتها في الفترة المقبلة.

ودعا مدبولي الوزراء والمستثمرين ورجال الأعمال من دول مجلس التعاون إلى ضخ مزيد من الاستثمارات في مصر، لا سيما في القطاعات ذات الأولوية للجانبين بما يحقق المنفعة المشتركة، مُؤكداً الثقة في أهمية ومحورية دور القطاع الخاص في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين مصر ودول الخليج العربية، بوصفه المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية.

وقفزت تدفقات الاستثمارات الخليجية في مصر إلى نحو 41 مليار دولار خلال عامي 2023 و2024، لتمثل الحصة الكبرى من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفق وزير الاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب، الذي أكد خلال كلمته بالمنتدى أن حجم التجارة البينية بين مصر ودول الخليج بلغ نحو 14 مليار دولار عام 2024، مقارنة بتسعة مليارات دولار عام 2020.