تركيا توسع هجومها على «قسد»

قصفت مواقع النظام في معرة النعمان رداً على استهدف إحدى نقاطها في جبل الزاوية

الثلوج تغطي مرتفعات بريف عفرين تسيطر عليها القوات التركية في محافظة حلب شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
الثلوج تغطي مرتفعات بريف عفرين تسيطر عليها القوات التركية في محافظة حلب شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا توسع هجومها على «قسد»

الثلوج تغطي مرتفعات بريف عفرين تسيطر عليها القوات التركية في محافظة حلب شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
الثلوج تغطي مرتفعات بريف عفرين تسيطر عليها القوات التركية في محافظة حلب شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

واصلت تركيا تصعيد هجماتها على مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ووسعت نطاقها لتشمل مواقع في شمال الرقة والحسكة، بعد الهجوم الذي نفذته تلك القوات في مركز مدينة عفرين، الخميس، وأوقع 7 قتلى و25 مصاباً من المدنيين في ذكرى مرور 4 سنوات على سيطرة تركيا والفصائل السورية الموالية لها على المدينة الواقعة في ريف حلب الشمالي.
ووقعت اشتباكات عنيفة بين قوات «قسد» والقوات التركية والفصائل الموالية لها في ريف عين عيسى شمال محافظة الرقة، أمس (السبت)، حيث شنّ الأتراك وحلفاؤهم قصفاً عنيفاً على قرى جهبل ومشيرفة ومعلك وطريق حلب - اللاذقية الدولي (إم4) ومخيم عين عيسى، وسط أنباء عن قتلى وجرحى في صفوف «قسد». كما أفيد بسقوط ضحايا في صفوف فصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بأن القوات التركية والفصائل الموالية قصفت قرية حدريات الواقعة شرق ناحية عين عيسى بريف الرقة الشمالي، ما أدى إلى مقتل 5 مدنيين وإصابة 4 آخرين.
وأكد «المرصد» مقتل عنصرين من قوات مجلس تل تمر العسكري، المنضوي تحت قيادة «قسد»، جراء قصف طائرة مسيرة تركية لسيارة عسكرية كانا يستقلانها على طريق الحسكة - تل تمر، بالقرب من قرية توينة شمال الحسكة، أثناء توجه القوات إلى مدينة الحسكة، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات في صفوفها.
كما استهدفت مسيرة تركية محطة كهرباء في تل جمعة بريف تل تمر الشمالي، ما تسبب بوقوع 3 إصابات في صفوف «قسد» الذين كانوا يرافقون عمال الكهرباء لصيانة عطل في المحطة.
في الوقت ذاته، وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين عناصر «الجيش الوطني السوري» وقوات مجلس الباب العسكري، على محور الغور بريف مدينة الباب، شرق حلب، بالتزامن مع قصف مدفعي من قبل القوات التركية على محاور الاشتباكات.
في الأثناء، أكد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، القضاء على 18 من عناصر «قسد»، رداً على القصف الذي تعرضت له مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، الخميس. وقال أكار، خلال اجتماع عَبْر اتصال مرئي مع قادة عسكريين في الجيش التركي لدى تفقده الحدود التركية السورية، ليل الجمعة - السبت، إن «القوات التركية أطلقت عمليات للرد على الهجوم، وقصفت مواقع (قسد) بشكل مكثف، ما أسفر عن تحييد 18 إرهابياً».
وقال أكار إن المناطق المأهولة بالمدنيين في مركز مدينة عفرين تعرضت لهجوم «دنيء وغير إنساني من قِبل إرهابيي قسد»، ما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين.
على صعيد آخر، أُصيب عنصران من قوات النظام السوري بجروح متفاوتة جراء استهداف عناصر في «الجيش الوطني» الموالي لتركيا بصاروخ «تاو»، نقطة تابعة لقوات النظام في قرية المياسة بناحية شيراوا، شمال غربي حلب.
وتواصل القوات التركية، منذ الخميس الماضي، قصفها البري على مناطق متفرقة في ريفي حلب الشمالي والشمالي الغربي، ضمن مناطق انتشار قوات «قسد»، حيث استهدفت بالقذائف الصاروخية والمدفعية 15 منطقة تؤوي مهجرين من عفرين فروا بسبب عملية «غصن الزيتون». كما توجد قوات من النظام السوري في بعض تلك المناطق المستهدفة بالقصف التركي. من ناحية أخرى، قصفت القوات التركية المنتشرة في منطقة جبل الزاوية، في ريف إدلب الجنوبي، بصواريخ أرض - أرض مواقع قوات النظام في مدينة معرة النعمان. واستهدف القصف التركي نقاطاً وتحصينات عسكرية تابعة لقوات النظام رداً على استهدافها محيط النقطة العسكرية التركية في بلدة كنصفرة بجبل الزاوية، ما أدى إلى إصابة 5 من حراس النقطة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.