رهان وستهام على جارود بوين يؤتي ثماره

كان من غير المحتمل أن يتعاقد وستهام مع جارود بوين لو قرر النادي منح مانويل بيليغريني فرصة الإشراف على قيادة الفريق لفترة انتقالات أخرى، خاصة أن كل المحاولات لإقناع بيليغريني بضم بوين لم تلق آذاناً صاغية، حيث كان المدير الفني التشيلي يصرّ على أن اللاعب ليس جيداً بما يكفي للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، وربما كان على لجنة التعاقدات بالنادي قبول الهزيمة والأمر الواقع لو قرر مجلس الإدارة عدم تغيير المدير الفني في نهاية عام 2019.
وقبل كل شيء، يجب التأكيد على أن وستهام لم يكن الفريق الوحيد في الدوري الإنجليزي الممتاز الذي كان يراقب عن كثب ذلك اللاعب الموهوب الذي كان يقدم مستويات استثنائية مع هال سيتي جعلته أحد أفضل المهاجمين في دوري الدرجة الأولى. وكان كريستال بالاس ونيوكاسل يتابعان بوين أيضاً، وكان وستهام، الذي عيّن ديفيد مويز على رأس القيادة الفنية للفريق خلفاً لبيليغريني، يواجه خطر عدم إتمام هذه الصفقة مع اقتراب فترة الانتقالات الشتوية من نهايتها.
وفيما يتعلق بشراء اللاعبين الجدد، لم يكن لدى مويز الكثير من الوقت لتحديد ما يحتاج إليه فريقه الجديد لتجنب الهبوط، لكن المدير الفني الاسكوتلندي كان يدرك تماماً أن فريقه في حاجة إلى مزيد من السرعة في خط الهجوم، لكنه لم يستطع اتخاذ قرار نهائي بشأن بوين. فهل يمكن لهذا اللاعب الصغير أن يحدث تأثيراً فورياً مع فريقه الجديد؟ وهل يمتلك السرعة الكافية التي تمكّنه من تجاوز المدافعين الأقوياء في الدوري الإنجليزي الممتاز؟ ومع ذلك، كان الوقت ينفد بسرعة، وكان كريستال بالاس ونيوكاسل يتحركان لحسم الصفقة؛ لذلك حث مسؤولو وستهام ديفيد مويز على اتخاذ قرار سريع. وكان الرأي السائد في وستهام هو أن التعاقد مع بوين سيؤتي ثماره، ومع اقتراب الموعد النهائي لفترة الانتقالات الشتوية، تحرك وستهام ووافق على دفع 22 مليون جنيه إسترليني لهال سيتي، وتمكن من إتمام الصفقة في الوقت المناسب.
وقال مويز، الذي ثبت أنه كان محقاً تماماً عندما وافق على ضم بوين «ما جذبنا إليه هو الأهداف التي سجلها على مر السنين». وبعد أن كان يُنظر إلى وستهام على أنه أحد الفرق المرشحة للهبوط، فإن الفريق ينافس الآن على احتلال أحد المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، ويعود الفضل جزئياً في ذلك إلى بوين، البالغ من العمر 25 عاماً، والذي يبذل مجهوداً خرافياً داخل المستطيل الأخضر ولديه رغبة هائلة في هز شباك المنافسين.
لقد أثبت بوين نفسه واحداً من أكثر المهاجمين ذكاءً وخطورة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وحتى مويز نفسه، الذي لا يميل إلى المبالغة في مدح لاعبيه، يوافق على أن مهاجم هال سيتي السابق يستحق الانضمام إلى قائمة المنتخب الإنجليزي بفضل المستويات الرائعة التي يقدمها حالياً. وقال مويز بعدما سجل بوين هدفين وقاد وستهام للفوز على نوريتش سيتي بهدفين دون رد في المرحلة الحادية والعشرين «عندما يأتي لاعبون من دوري الدرجة الأولى فإنك تأمل أن يتطوروا، وقد قام جارود بذلك بشكل جيد للغاية. عندما تنظر إلى المنافسة في المنتخب الإنجليزي - ماركوس راشفورد، رحيم ستيرلينغ، جاك غريليش، جادون سانشو - إنه قرار غاريث ساوثغيت – لكن بوين يقترب من حجز مكان له في قائمة المنتخب الإنجليزي».
كما اعترف مويز بأنه لن يكون من السهل على بوين شق طريقه نحو قائمة المنتخب الإنجليزي قبل نهائيات كأس العالم؛ نظراً لأن الفريق يمر بمرحلة من الاستقرار، بالإضافة إلى أن المدير الفني لمنتخب الأسود الثلاثة، غاريث ساوثغيت، لديه العديد من الخيارات في الخط الأمامي. ولم يذكر مويز حتى بوكايو ساكا وفيل فودين وإميل سميث رو، الذين شاركوا في أول مباراة له مع المنتخب الإنجليزي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ وهو ما قد يعني أن بوين، وبكل بصراحة، ربما يقاتل في معركة خاسرة!
ومع ذلك، لا ينبغي استبعاد جناح وستهام من الحسابات، خاصة أنه ساهم بشكل مباشر في 16 هدفاً في جميع المسابقات هذا الموسم (ثمانية أهداف وثماني تمريرات حاسمة)، أكثر من أي لاعب إنجليزي آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما أنه أحد أخطر الأسلحة الهجومية لوست هام في الجهة اليمنى. وقال بوين بعد تسجيله هدفاً في المباراة التي فاز فيها وستهام على ليدز بهدفين دون رد في كأس الاتحاد الإنجليزي «الأمر كله يتعلق بالتقدم والتطور. وأهم شيئين ينظر إليهما أي لاعب يلعب في مركز الجناح هما تسجيل وصناعة الأهداف، وخير مثال على ذلك محمد صلاح والأهداف التي يسجلها ويصنعها منذ انضمامه إلى ليفربول. إنه بالتأكيد أحد اللاعبين الذين أنظر إليهم وأتابع ما يقدمونه».
وتشير تقارير إلى أن ليفربول مهتم بالتعاقد مع بوين، حيث يرى المدير الفني للريدز يورغن كلوب أنه قد يكون بديلاً محتملاً لصلاح، ومن الممكن أن يحاول التعاقد معه هذا الصيف، لكن هذا لا يعني أن وستهام، الذي يحتل المركز الرابع في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، سوف يرحب بالعروض المقدمة للحصول على خدمات أحد أهم لاعبيه.
لقد أصبح بوين، الذي ساعد وستهام في الوصول إلى دور الستة عشر في الدوري الأوروبي، لا يقدر بثمن لوستهام، خاصة أنه قادر على اللعب في أكثر من مركز، حيث يمكنه اللعب في خط الوسط عندما يغيب مايكل أنطونيو، لكن مركزه المفضل هو اللعب كجناح أيمن. وعلاوة على ذلك، فإن إجادة بوين اللعب بقدمه اليسرى تساعده على إحداث حالة من الفوضى بين مدافعي الفرق المنافسة عندما يدخل إلى عمق الملعب ويرسل كرات عرضية متقنة داخل منطقة الجزاء، كما يمكن الاعتماد عليه للرجوع إلى الخلف للقيام بالواجبات الدفاعية ومساعدة الظهير الأيمن، بالإضافة إلى أنه دائماً ما يتمركز بشكل رائع في أماكن خطيرة للغاية تمكنه من إحراز الأهداف، على الرغم من أنه يجب عليه تحسين لمسته الأخيرة أمام المرمى.
وغالباً ما يشير مويز إلى أن بوين، الذي كان بإمكانه تسجيل خمسة أهداف ضد نوريتش سيتي، يجب أن يكون حاسماً بشكل أكبر أمام المرمى. ومع ذلك، فإن إحدى أهم مميزات بوين تتمثل في أنه لا يتوقف أبداً عن المحاولة، وأنه يعمل دائماً على تطوير نفسه. إنه يسجل جميع أنواع الأهداف - تغلب على المدافعين الأطول منه وسجل هدفاً بضربة رأس رائعة في مرمى نوريتش سيتي – ولا يتأثر سلبياً أو يفقد حماسه وتركيزه عندما يضيع الفرص السهلة.
ويجب التأكيد على أن الاستسلام ليس جزءاً من شخصية بوين. فعندما كان صغيراً، خاض تجربة فاشلة في كارديف سيتي ولعب لمدة ستة أشهر من دون أجر مع هيريفورد، الذي كان يعاني من أزمة مالية طاحنة في ذلك الوقت، لكنه رفض التخلي عن حلمه. لقد استمر بوين في إيجاد طرق للتطور والتحسن، وما زال يتحلى بروح التحدي وعدم الاستسلام حتى الآن. لقد نجح في شق طريقه نحو القمة، ومن الواضح أن صعوده لم ينته بعد!