المالكي لغوتيريش: الاستعمار الإسرائيلي لدولة فلسطين يتسارع

أكد أن اعتداءات المستوطنين تقضي على أي فرصة للحل السياسي

TT

المالكي لغوتيريش: الاستعمار الإسرائيلي لدولة فلسطين يتسارع

في أعقاب تفاقم اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية إلى حد الاعتداء المبرح على يهود من أنصار السلام لأنهم يتضامنون مع الضحية، اجتمع وزير الخارجية والمغتربين في الحكومة الفلسطينية رياض المالكي، مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش، أمس، وأطلعه على التطورات الخطيرة من جراء هذه الاعتداءات، وطالبه بالعمل مع مجلس الأمن لوضع حد لهذه الجرائم وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني على النحو الذي نصّت عليه القرارات الدولية ذات الصلة.
وقال المالكي: «الشعب الفلسطيني يتعرض لتصاعد خطير في إرهاب المستوطنين وتسارع الاستعمار الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين من خلال العنف والتهجير القسري وبناء وتوسيع المستعمرات».
وأكد المالكي، خلال اجتماعه مع غوتيريش في نيويورك، على هامش مشاركته في الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن، خطورة هذه الاعتداءات على أمن وحياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وهي تسابق الزمن للقضاء على أي فرصة للتوصل إلى حل سياسي يُنهي الاحتلال الاستعماري ويمكّن الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في تقرير المصير والاستقلال الوطني. كما دعا الوزير المالكي إلى ضرورة بذل الأمم المتحدة جهداً مضاعفاً ضمن إطار اللجنة الرباعية للتصدي للانتهاكات الإسرائيلية المتزايدة وخلق أفق سياسي جاد مبنيٍّ على أساس المرجعيات الدولية ذات الصلة وعدم الرضوخ لرفض الاحتلال وتقويضه المتواصل لهذه الجهود.
وأكد متحدث باسم الخارجية الفلسطينية أن غويتريش والمالكي اتفقا على التنسيق والتعاون وصولاً لوقف التدهور المتواصل على الأرض، وخلق أفق سياسي لتنفيذ الإجماع الدولي المتسق مع القانون الدولي حول حل الدولتين، وعدم السماح للطرف المعطل من تدمير فرص التوصل لذلك الحل وبالتالي تدمير فرص الاستقرار والأمن في المنطقة وإطالة أمد معاناة الشعب الفلسطيني.
وكان أربعة إسرائيليين يهود من منظمة «حاخامات من أجل حقوق الإنسان»، المتضامنين مع الشعب الفلسطيني قد أُصيبوا بجراح بليغة، صباح أمس، بينها كسور مختلفة خلال هجوم نفّذه عشرات المستوطنين على المنطقة الشرقية في بورين، جنوبي نابلس، وأُصيب أربعة متضامنين يهود آخرين بجراح خفيفة. وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس، إن أكثر من عشرين مستوطناً متطرفاً من البؤرة الاستيطانية «غفعات رونين»، هاجموا عدداً من المتطوعين الأجانب والإسرائيليين خلال قيامهم بزرع أشجار الزيتون في المنطقة. وعندما شاهدوا المتضامين اليهود يصوّرون الاعتداء هاجموهم بشكل وحشي، ما أدى إلى إصابة أربعة منهم بجروح وكسور مختلفة إضافة إلى إحراق سيارة وتحطيم أخرى.
وقال المدير العام لـ«حاخامات من أجل حقوق الإنسان» آفي دابوش، إن «عنف المستوطنين تحول إلى وصمة عار على جبين المجتمع الإسرائيلي، وهذا العنف موجه ضد أي أحد يرفض تقبل مفهوم التفوق اليهودي الذي يسعى المشاغبون المسيانيون إلى غرسه». وأضاف: «ناشطو (حاخامات من أجل حقوق الإنسان) و(تحالف قطف الزيتون) يأتون منذ نحو عشرين عاماً إلى المناطق (المحتلة) بهدف تقديم المساعدة للمزارعين الفلسطينيين والتعبير عن أصوات يهودية تنشد السلام والتضامن وحقوق الإنسان، واعتداء المستوطنين علينا يعبّر أكثر من أي شيء آخر عن خوفهم من إدراك وجود يهودية أخرى وأنه يوجد صوت آخر... مؤسفٌ أن نرى مرة تلو الأخرى عجز السلطات البائس، خصوصاً واضعي السياسة وفي مقدمتهم رئيس الحكومة نفتالي بنيت، ووزير الدفاع بيني غانتس، مقابل مشاغبين خطيرين يرتكبون ظلماً خطيراً للغاية باسم الرب. وأدعو جميع الوزراء إلى التوقف عن الكلام والعمل الآن من أجل استنفاد القانون مع المشاغبين وفعل أي شيء من أجل وضع حد لهذه التنظيمات الإرهابية». وأقدم مستوطنون آخرون، أمس، على اقتلاع قرابة 300 شتلة زيتون في أراضي قرية دير شرف غربي مدينة نابلس، وذلك للمرة الثانية خلال شهر.
وفي قرية كفر الديك، غربي سلفيت، وضع مستوطنون، أمس، أسلاكاً شائكة أحاطوا بها أرضاً يملكها مواطن من القرية، وزرعوا أشجاراً تمهيداً للاستيلاء عليها. وقال مالك الأرض أحمد يونس إن «مجموعة كبيرة من مستوطني بدوئيل المقامة على أراضي المواطنين، قاموا وبحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، بتسييج 4 دونمات من أرضه، البالغة مساحتها 8 دونمات في منطقة ديريا غرب البلدة، وزراعتها بالأشجار، ووضع لافتات تحذّر المواطنين وأصحاب الأرض من دخولها، تمهيداً للاستيلاء عليها».
وفي حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، اقتحم مستوطنون وبحماية من شرطة الاحتلال، صباح أمس، أرض عائلة سالم في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة؛ وأعادوا تثبيت سياج حولها، في محاولة للاستيلاء عليها. وكان على رأس المعتدين نائب رئيس بلدية الاحتلال آرييه كينغ، وقد اعتدى بعض المستوطنين على أفراد من عائلة سالم، واندلعت مناوشات، وأُصيبت سيدة بكسور بيدها جراء اعتداء المستوطنين.
وتعيش عائلة الحاجة فاطمة سالم في حي الشيخ جراح منذ نحو 73 عاماً، وتملك منزلاً وإلى جانبه قطعة أرض، ويهددها الاحتلال بإخلاء منزلها. وهي تُعاني من اعتداءات المستوطنين منذ عام 1988، حينما أُخطروا بالتهجير والإخلاء، وتمكنوا من تجميد القرار في العام ذاته. وفي عام 2015 تجدد قرار الإخلاء مرة أخرى، وعلى أثره تعرض زوجها لجلطة دماغية، ومكث في المستشفى 6 أشهر، ثم تُوفي. وخلال الأسابيع الأخيرة، حاول المستوطنون تدمير الأشجار في الأرض، ونصبوا حولها الأسلاك الحديدية، واندلعت المناوشات بينهم وتعرض أفراد العائلة للاعتداء والضرب.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.