عندما تكون قوانين كرة القدم غير مرنة يصعب استيعاب وقبول أخطاء الحكام

ثقافة المبالغة في الالتزام الحرفي باللوائح تقوض سلطاتهم سواء أخطأوا أم لا

احتجاج تونسي على قرار الحكم الزامبي جاني سيكازوي (رويترز)
احتجاج تونسي على قرار الحكم الزامبي جاني سيكازوي (رويترز)
TT

عندما تكون قوانين كرة القدم غير مرنة يصعب استيعاب وقبول أخطاء الحكام

احتجاج تونسي على قرار الحكم الزامبي جاني سيكازوي (رويترز)
احتجاج تونسي على قرار الحكم الزامبي جاني سيكازوي (رويترز)

ارتكب الحكم الزامبي جاني سيكازوي خطأ فادحاً وأطلق صافرة النهاية بعد 85 دقيقة من مباراة مالي وتونس، ضمن منافسات الجولة الأولى في كأس الأمم الأفريقية. ويُعد نسيان إيقاف الساعة أثناء فترة التوقف لتناول اللاعبين للماء (إذا كان هذا هو ما حدث) خطأ مفهوماً – خاصة أن سيكازوي قد نُقل لاحقاً إلى المستشفى وهو يعاني من ضربة شمس - وهو خطأ كان من الممكن تصحيحه بسهولة.
ومع ذلك، بدا سيكازوي، ذلك الحكم صاحب الخبرات الكبيرة الذي أدار المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية 2017 وأدار أيضاً مباراتي بلجيكا ضد بنما واليابان ضد بولندا في كأس العالم 2018، متوتراً للغاية، فأشهر البطاقة الحمراء في وجه لاعب مالي، البلال توريه، لارتكاب خطأ غير مؤذٍ، وتمسك بقراره حتى بعد أن طلب منه حكم الفيديو المساعد (الفار) مراجعة القرار، ثم أطلق صافرة النهاية مرة أخرى بعد 89 دقيقة و47 ثانية! ثم رفض المنتخب التونسي محاولة استئناف المباراة بعد مرور نصف ساعة، ويبقى أن نرى كيف ستكون تداعيات ما حدث.
وركز الكثير من النقاش على مدى الإحراج الذي يسببه ما حدث على البطولة ككل (ليس لأن الحكام الأوروبيين لا يرتكبون أخطاء أيضاً في المباريات المهمة، ولكن لأنه يؤكد الانطباع السلبي لدى الكثيرين بالفعل عن كأس الأمم الأفريقية)، لكن ما حدث يثير أيضاً العديد من القضايا الكبرى بشأن التحكيم، فالمشكلة الأساسية لم تكن خطأ سيكازوي بقدر ما كانت تتمثل في رد فعله على ما حدث. تخيلوا لو أن هذا الحكم رأى الدهشة على وجوه اللاعبين بعد إنهائه المباراة في وقت مبكر، وتحقق من الأمر من الحكم الرابع، وأعاد ضبط ساعته واعتذر واستأنف اللقاء بمزيج من الوضوح والتواضع. ربما كان كل هذا الأمر سيستغرق دقيقة واحدة، لكننا كنا جميعاً سننسى ما حدث سريعاً.
لكن بدلاً من ذلك، لم يضبط الحكم الزامبي ساعته وأصيب بحالة من الارتباك الشديد (التي ربما تعود جزئياً إلى إصابته بضربة شمس)، ومن المؤكد أن هذا الارتباك قد أسهم بقدر كبير في إشهاره البطاقة الحمراء في وجه اللاعب المالي دون وجه حق. في الحقيقة، لا يقتصر التحكيم على اتخاذ القرارات بشكل صحيح فحسب، لكنه يتعلق أيضاً بكيفية استخدام السلطة المخولة لحكم اللقاء - وهذا لا يعني بالضرورة أن يكون الحكم ديكتاتورياً، بل يعني أن يكون الحكم قادراً على إقناع اللاعبين بأنه يتحكم في زمام الأمور وأنه يبذل قصارى جهده لتحقيق العدالة.
ويأخذنا هذا للحديث عما حدث أيضاً خلال المباراة التي فاز فيها مانشستر سيتي على آرسنال، عندما وجد حكم اللقاء ستيوارت أتويل نفسه يتعرض للانتقادات على نطاق واسع بسبب اتخاذه سلسلة من القرارات الصحيحة. لقد كان الخطأ الذي ارتكبه حارس مانشستر سيتي، إيدرسون، ضد مارتن أوديغارد واضحاً من زاوية تصوير واحدة فقط، وكان من الصعب إلقاء اللوم على أتويل لعدم رؤيته لهذا الخطأ، وكان من المفهوم أيضاً أن حكم الفار لم يعتبر هذا خطأ واضحاً.
وكان غابرييل يستحق البطاقتين الصفراوين اللتين حصل عليهما، في حين أن الطريقة الوحيدة التي كان من الممكن أن يتجنب بها أتويل منح ركلة جزاء لمانشستر سيتي بعدما جذب غرانيت تشاكا برناردو سيلفا من قميصه بطريقة خفيفة كانت تكمن في أن يشهر الحكم البطاقة الصفراء في وجه سيلفا لادعاء السقوط من أجل الحصول على ركلة جزاء، لكن نظراً لأن سيلفا سقط على قدم تشاكا كان ذلك سيصبح سخيفاً للغاية! لكنّ جزءاً من المشكلة يكمن في أن أتويل كان يبدو محاصراً للغاية، وهو الأمر الذي كان من الصعب أن يحدث مثلاً مع الحكم الإيطالي الشهير بييرلويجي كولينا أو الحكم الغامبي باكاري جاساما، اللذين كانا ينظران بحدة وشراسة للاعبين. لكن في المقابل، بدا أتويل متوتراً وكاميرات التلفزيون تركز على وجهه بعد قراراته المثيرة للجدل، وهو الأمر الذي أدى إلى حدوث ضجة كبيرة بشأن ما حدث.
ويعد هذا التدقيق الكبير على أداء الحكام جزءاً رئيسياً من المشكلة، ويقوض أي محاولة للسيطرة على الموقف، فالطريقة التي يتم بها تحليل القرارات تثير الجدل والشك، لا سيما أنه نادراً ما يكون هناك أي اعتراف بأن بعض القرارات يكاد يكون من المستحيل اتخاذها بسرعة من زاوية واحدة، أو أنه في بعض الحالات ربما لا توجد إجابة نهائية «صحيحة».
وقد أدى ذلك إلى خلق مجتمع من الواشين والمتحمسين، الذين يتصيدون الأخطاء للحكام ويطالبون بمعاقبتهم. ومع كل احتكاك بسيط على كتف أي لاعب، وكل لمسة غير مقصودة على ذراع أي لاعب، لم يعد السؤال هو «هل كانت هناك محاولة لادعاء السقوط أو الغش للحصول على خطأ؟»، لكن السؤال أصبح «هل يمكننا احتساب ركلة جزاء في هذه اللعبة؟»، وبدلاً من السؤال عما إذا كان هناك خطأ، أصبحنا نسأل عما إذا كان هناك احتكاك. لقد أصبح وجود ذراع في الجسد هو الخطيئة الكبرى لأي مدافع في عالم كرة القدم اليوم!
الدوري الإنجليزي الممتاز بعيد كل البعد عن الكمال، لكن يبدو على الأقل أنه توصل إلى تعريف عملي للمسة اليد بحيث يجب أن تمتد الذراع بلامبالاة من الجسم حتى يمكن احتساب ركلة جزاء. لكن يبدو أن بطولات الدوري الأخرى وكأس الأمم الأفريقية تتعامل مع الأمر بشكل مختلف، والدليل على ذلك أن جميع ضربات الجزاء التي احتسبت ضد مالي وتونس وزيمبابوي في مبارياتها الأولى تضمنت جميع الكرات التي اصطدمت بأيدي اللاعبين من مسافة قريبة نسبياً. ربما كانت يد لاعب زيمبابوي، كيلفن ويلبرت، ممدودة قليلاً عن جسده عندما ألقى بنفسه في مسار الكرة، لكن هل اللعبة ستصبح أفضل حقاً إذا تم منع المدافعين من محاولة التصدي لكرات مثل هذه؟ وكيف يمكن تحديد نتائج المباريات بناء على مثل هذه اللحظات العشوائية؟
وبالمثل، فإن التفسير الحرفي لقانون التسلل يعني الآن أن اللاعب الذي يحاول اعتراض تمريرة يمكن أن يجعل المهاجم الذي كان متسللاً عند بداية اللعبة في موقف سليم عند لعب التمريرة التي يحاول إيقافها، في حال اصطدام الكرة بالمدافع ولو بشكل بسيط، لأنه يتم النظر إلى الحالة على أن الكرة قادمة من لاعب الفريق المنافس. لقد حدث ذلك في الهدف الذي أحرزه جو أيرونسايد لكامبريدج في مرمى نيوكاسل، وحدث أيضاً في الهدف الذي أحرزه كيليان مبابي لمنتخب فرنسا في مرمى إسبانيا في نهائي دوري الأمم الأوروبية. من الواضح أن هذا أمر سخيف، فما معنى أن يكون الهدف صحيحاً إذا لمست التمريرة قدم المدافع، لكنه لا يكون صحيحاً إذا لم يلمسها على الإطلاق؟ هذه ليست الطريقة التي كان من المفترض أن يطبق بها القانون بكل تأكيد.
لقد أثبتت حالات لمسات اليد في كأس الأمم الأفريقية أن الحكام يتعاملون مع القانون وكأنه كتاب مقدس يجب الالتزام به نصياً وحرفياً. ومنذ أن أصبح ديفيد إليراي المدير الفني لمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يضع القوانين الخاصة باللعبة، أصبحت الأمور أكثر تشدداً. وهذا ليس سيئاً لشكل اللعبة وإيقاعها وعدالتها فحسب، لكنه سيئ أيضاً للحكام لأنه يقوض سلطاتهم وينزع عنهم إنسانيتهم. وعندما يكون القانون غير مرن، فإنه يجعل من الصعب تحمل وقبول أخطاء مثل تلك التي ارتكبها سيكازوي.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».