باسيل يحاول متأخراً التواصل مع خصومه بدءاً بـ«أمل»

TT

باسيل يحاول متأخراً التواصل مع خصومه بدءاً بـ«أمل»

لم يعد أمام القوى السياسية، أو معظمها على الأقل، الاستمرار في الرهان على احتمال تأجيل إجراء الانتخابات النيابية عن موعدها المقرر في 15 مايو (أيار) المقبل، بعد أن أيقنت أن المجتمع الدولي يقف بالمرصاد في وجه من يعيق إنجازها مهدداً المعرقلين بفرض عقوبات، وهذا ما يفسّر مبادرة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل للانفتاح على خصومه، في محاولة غير مسبوقة، لعله يتمكن من الدخول معهم في مهادنة انتخابية إن لم ينجح في طي صفحة الخلافات مستعيناً بحليفه «حزب الله» الذي يتّبع سياسة تفادي الانجرار إلى سجال معه.
ويحاول باسيل الانفتاح على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، برغم أن الكيمياء السياسية مفقودة بينهما، بعد أن تعثرت كل المحاولات لرأب الصدع بينهما، وهذا ما برز جلياً من خلال تمرير رسالة إليه بقوله، أثناء استقباله وفداً يمثّل ذوي الضحايا الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت، إن النائب علي حسن خليل أثناء تولّيه وزارة المال قام بكل ما يتوجب عليه قبل حصول الانفجار.
ومع أن باسيل اختار المعاون السياسي لرئيس البرلمان لتمرير الرسالة إلى الأخير، فإن انفتاحه على أبرز القياديين في حركة «أمل» قوبل بعدم التعليق من قبل الرئيس بري والمسؤولين الحركيين الذين تتشكل منهم الحلقة الضيقة المحيطة به.
لكن عدم التعليق على ما صدر عن باسيل باتجاه النائب خليل لا يعني أن حركة «أمل» قررت أن تلوذ بالصمت لاستدراجه لاتخاذ مزيد من «التنازلات»، بمقدار ما أنها تتعاطى معه، من زاوية أن مراجعته لمواقفه تدحض الحملات الإعلامية والسياسية التي رعاها شخصياً باستهدافه الرئيس بري، ومن خلاله النائب خليل، وتحميلهما مسؤولية حيال الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت.
وفي هذا السياق، يقول مراقب سياسي للأجواء داخل «التيار الوطني»، إن عودة باسيل عن الخطأ الذي ارتكبه بحق النائب خليل، وإن كانت فضيلة، فإنها جاءت متأخرة، ولا يمكن التعاطي معها بإيجابية، باعتبار أنه كان يُشرف شخصياً على إدارة الغرفة التي تولّت تنظيم الحملات ضد الرئيس بري وحركة «أمل»، ويؤكد أن باسيل يفتقد إلى حد أدنى من المصداقية التي يمكن لخصومه الركون إليها، بعد أن تمادى في حملاته التي أساءت إلى «العهد القوي»، وطالت جميع القوى السياسية، حتى إنها انسحبت أخيراً على حليفه الأوحد «حزب الله».
ويلفت المراقب السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن من يتحمّل وزر إضاعة الفرص على الرئيس ميشال عون، وحال دون إيفائه بالتزاماته التي تعهد بها في خطاب القسم، لا يستطيع التعويض مع اقتراب انتهاء ولايته الرئاسية عما ألحقه من أضرار بموقع الرئاسة الأولى المسؤولة عن انهيار البلد بإطلاق يد وريثه السياسي للتدخّل في كل شاردة وواردة من دون أن يجد من يردعه، كما تحوّل موقع الرئاسة إلى طرف في النزاع بدلاً من أن يحتفظ بدوره الجامع للبنانيين.
ويسأل؛ كيف يمكن لباسيل أن يتوصل إلى ترميم وضعه السياسي بالانفتاح على خصومه مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابية، وهو من بادر إلى هدم الجسور التي حالت دون وصولهم إلى القصر الجمهوري للتواصل مع عون الذي اصطدم بمعارضة لم تقتصر على قوى «14 آذار» سابقاً، بعد أن تناغم معها زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، حالت دون تلبيتهم دعوته إلى طاولة الحوار، ما اضطره إلى صرف النظر عنها، وإن كان أبقى على دعوته مفتوحة.
كما يسأل عن أسباب محاولة باسيل الانفتاح على خصومه، برغم أنه ذهب بعيداً في حملاته الشخصية، وهل كان مضطراً لاتهام الرئيس بري بـ«البلطجي» من جهة، والتباهي بأنه كان وراء اضطرار زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري للاعتذار عن تشكيل الحكومة، إضافة إلى حروبه المفتوحة مع خصومه في الشارع المسيحي؟
ويؤكد المراقب السياسي أن باسيل كان وراء توريط «العهد القوي» في حروب إلغائية إصراراً منه على الاستئثار بالسلطة بالنيابة عن رئيس الجمهورية وبواسطة ما لديه من ودائع سياسية في القصر الجمهوري تلتزم بتوجيهاته وحالت دون تعويم مشروع الدولة من ناحية، وأقفلت الأبواب أمام محاولاته لتعويم نفسه.
ويستبعد دخول «حزب الله»، الذي يغضّ النظر عن الانجرار إلى سجال مباشر أو بالواسطة مع باسيل بغياب البديل المسيحي الذي يوفّر له الغطاء السياسي، على خط التواصل بينه وبين بري، الذي لا يزال مقطوعاً لقناعته بأن طريق باسيل إلى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة ليست سالكة حتى إشعار آخر، ويقول إن خصومه ليسوا في وارد تعويمه.
ويضيف أنه لا مفر أمام باسيل إلا التحالف في الانتخابات مع «حزب الله»، وهو يحاول الآن الدخول في هدنة مع الرئيس بري لحاجته إلى شريك آخر للتقليل من الأضرار التي يمكن أن تلحق به في الشارع المسيحي، في حال اقتصر تحالفه على حليفه الوحيد، أي «حزب الله» المدرج على لائحة الإرهاب.
لذلك يواجه باسيل، كما يقول المراقب السياسي، صعوبة في ترميم علاقاته في الداخل بعد أن شكّل رأس حربة في استهداف خصومه على امتداد الوطن من جهة، وفي تدميره لعلاقات لبنان العربية، وتحديداً مع دول الخليج، بانحيازه إلى محور الممانعة، بقيادة إيران، من خلال «حزب الله».
وعليه، يتحمّل باسيل مسؤولية عن تدمير علاقات رئيس الجمهورية بمعظم القوى السياسية، ما أوقعه في حصار كان في غنى عنه لو بادر إلى ترسيم حدود علاقته بباسيل الذي استقوى به لإلغاء الآخرين، وبالتالي فإن انفتاحه عليهم لن يبدّل من واقع الحال السياسي الذي يشكل سدّاً يقلل من طموحاته الرئاسية.
وما يهم باسيل من انفتاحه هو التقرُّب من الرئيس بري، من خلال تقديم نفسه على أنه لا يستثني أحداً من هجومه الإيجابي، رغبة منه بفتح صفحة جديدة، مع أن محاولاته من وجهة نظر خصومه متعسرة حتى الساعة، لأنه يتطلع إلى ترتيب بيته الانتخابي من دون أن يبدّل من «قناعاته» السياسية التي كانت وراء تعثُّر عهد الرئيس ميشال عون.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.