لبنان يتعهد تنفيذ الإصلاحات بدءاً من استئناف اجتماعات الحكومة

ميقاتي: إقرار الموازنة يشكل محطة أساسية لانتظام عمل الدولة

TT

لبنان يتعهد تنفيذ الإصلاحات بدءاً من استئناف اجتماعات الحكومة

جددت السلطات اللبنانية تعهدها بتنفيذ الإصلاحات، وأكد الرئيس ميشال عون، أمس، أنه، وبالتعاون مع مجلس النواب والحكومة، عازم على «متابعة العمل رغم كل العراقيل من أجل تحقيق الإصلاحات»، بموازاة إعلان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أن الحكومة ستعاود جلساتها الأسبوع المقبل لدرس وإقرار الموازنة العامة التي تشكل محطة أساسية تحتاجها البلاد لانتظام عمل الدولة. وشدد ميقاتي على «ضرورة تعاون الجميع لتكون هذه الموازنة خطوة أساسية على طريق الإصلاح المنشود»، متعهداً بالعمل على «تأمين الأطر اللازمة للإشراف على الانتخابات النيابية المقبلة وإدارتها بفعالية وشفافية».
وأكد عون أمام السلك الدبلوماسي، أمس، أن لبنان «بطبيعته ليس ممراً أو مقراً لما يمكن أن يسيء إلى سيادة الدول الصديقة وأمنها واستقرارها»، و«لا يشكل تدخلاً في شؤونها الداخلية، وخصوصاً الدول العربية الشقيقة»، آملاً أن تكون مواقف بعض الدول «مماثلة لمواقف لبنان، بحيث لا تستعمل ساحته ميداناً لتصفية خلافاتها أو صراعاتها الإقليمية، ولا تدعم فئات أو مجموعات منه على حساب فئات أخرى، بل تتعاطى مع جميع اللبنانيين من دون تمييز أو تفرقة».
ولفت عون إلى أن «جهات تجاوزت واجب التنسيق مع مؤسسات الدولة وتعاطت مباشرة مع جمعيات ومجموعات بعضها نبت كالفطر بعد انفجار المرفأ، وتعمل على استثمار الدعم المادي والإنساني لأهداف سياسية وتحت شعارات ملتبسة، خصوصاً أن لبنان على أبواب انتخابات نيابية».
وأعلن عون أنه عازم، بالتعاون مع مجلس النواب والحكومة، وبما تبقى من ولايته، «على متابعة العمل رغم كل العراقيل من أجل تحقيق الإصلاحات التي التزمتها، والتي طالما دعت دولكم إلى تطبيقها»، مشيراً إلى أن «أولى الخطوات الإصلاحية إقرار خطة التعافي المالي والاقتصادي خلال الأسابيع المقبلة، وذلك تمهيداً لمناقشتها مع صندوق النقد الدولي لبدء مسيرة النهوض من جديد، بالتزامن مع التدقيق المحاسبي الجنائي في (مصرف لبنان) والإدارات والمؤسسات والمجالس الأخرى».
وأعلن أن الانتخابات النيابية ستتم في موعدها، كما أشار إلى أنه دعا قبل أيام إلى طاولة حوار «للبحث في اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، وفي الاستراتيجية الدفاعية، وخطة التعافي الاقتصادي، لكن بعض القيادات السياسية لم تستجب، ما دفعني إلى التمسك بالدعوة إلى الحوار لاقتناع ثابت لدي بأنه الطريق إلى الخلاص».
وأشار عون إلى أنه «رغم حق لبنان الدفاع عن أرضه وسيادته بكل الوسائل، فإنه التزم تطبيق القرارات الدولية؛ لا سيما منها قرار مجلس الأمن (1701)، في وقت تواصل فيه إسرائيل تجاهل مندرجات هذا القرار». وجدد استمرار رغبة لبنان في التفاوض من أجل ترسيم حدوده البحرية الجنوبية على نحو يحفظ حقوقه في المنطقة الاقتصادية الخالصة. وأكد أن «الاستقرار في الجنوب لن يتعزز إلا من خلال استقرار المنطقة، وهو أمر لن يتحقق إلا من خلال السلام العادل والشامل والدائم الذي أرست قواعده (مبادرة السلام العربية) التي أقرتها قمة بيروت في عام 2002، ومن خلال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس».
وكان عون أكد لرئيس لجنة الشؤون الخارجية في «الجمعية الوطنية الفرنسية»، جان لوي بورلانج، أنه «يتطلع إلى أن تكون الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، فرصة حقيقية للبنانيين كي يعبروا عن خياراتهم في التغيير بهدف تطوير النظام اللبناني»، عادّاً أن «اللامركزية الإدارية والآلية الموسعة، تشكل مدخلاً أساسياً لتحديث النظام اللبناني وتطويره وحفظ وحدة لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات».
ورأى بورلانج بدوره أن «الإصلاحات التي تنوي الحكومة اللبنانية اعتمادها، تشكل خطوة مهمة على طريق تحقيق النهوض والتعافي». وجدد التأكيد على أنه أتى مع الوفد «للمساعدة، ولأن لبنان في ظروف دقيقة، وعلى فرنسا أن تكون إلى جانبه وتساعده».
من جانبه؛ أكد الرئيس نجيب ميقاتي أن «المسار الذي سلكه إصلاح (الشراء العام) يُثبت أن الإصلاحات ممكنة». وقال: «تشكل هذه الاستراتيجية نقطة انطلاق لاتخاذ الإجراءات الإصلاحية الضرورية بشكل منسق بين كافة الجهات المعنية على المستوى الوطني، ومع الشركاء الدوليين والجهات المانحة التي أدعوها إلى مساعدتنا على وضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ بشكل عاجل، وعلى توفير ما تحتاجه من موارد مادية ومساندة تقنية، لا سيما أن دخول قانون (الشراء العام) حيز التنفيذ سيكون بعد حوالي 6 أشهر من الآن، وهذه مدة قصيرة جداً».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.