بعد خسارته 30 % من الأراضي في العراق.. «داعش» يتخذ إجراءات تقشفية صارمة

إثر التقرير الذي نشرته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حول خسارة تنظيم داعش نحو 30 في المائة من الأراضي التي احتلها منذ يونيو (حزيران) الماضي فإن التنظيم المتطرف، وطبقا لخبير متخصص بشؤون الجماعات المسلحة، اضطر إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات التقشفية الصارمة لمواجهة ما ترتب على ذلك من أزمات بسبب أن الكثير من مساحات الأراضي التي توسع فيها سواء في العراق وسوريا تحتوي على ثروات كبيرة في المقدمة منها آبار نفطية.
وطبقا لتقرير البنتاغون فإن الأراضي التي خسرها تنظيم داعش ونسبتها 30 في المائة هي داخل العراق فقط، بينما لم يعلن ما إذا كان قد خسر أراضي له في سوريا. وعزا البنتاغون تراجع هذا التنظيم إلى الضربات الجوية التي قام بها طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى الهجمات التي قامت بها القوات العراقية مدعومة بفصائل الحشد الشعبي الشيعي، لا سيما في محافظة صلاح الدين ومن قبلها محافظة ديالي ومناطق جنوب بغداد وشمال محافظة بابل، وخصوصا منطقة جرف الصخر.
وبشأن الآثار والتداعيات التي يمكن أن تترتب على خسارة هذه المساحات من الأراضي يقول الخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة في العراق والمستشار في مركز دراسات النهرين هشام الهاشمي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعلومات المؤكدة أن تنظيم داعش خسر معظم محافظة ديالي و75 في المائة من محافظة صلاح الدين وأيضا نحو 350 كلم مربع من محافظة كركوك وهذه تشكل أكثر من 30 في المائة من الأراضي والمدن التي كان يحتلها».
غير أن الأمر لا يكمن فقط في خسارة الأراضي التي كان يحتلها، إذ إنه، وطبقا للهاشمي، «خسر تنظيم داعش نحو عشرة آلاف مقاتل حسب التقديرات الأميركية، لكن تقديراتنا تشير إلى خسارته نحو ثلاثة عشر ألف مقاتل، كما خسر نحو 25 في المائة من جهوزيته القتالية من حيث المخازن والعتاد والبنى والتحتية، والأهم أنه فقد نحو 90 في المائة من موارده النفطية، حيث كان يسيطر على نحو 200 بئر نفطية بين العراق وسوريا لم يبق منها الآن سوى عشر آبار في حين قتل نحو 10 من أبرز قادة الخط الأول له والبالغ عددهم 43 قائدا».
وحول التأثيرات بعيدة المدى لهذه الخسارة في الأراضي يقول الهاشمي، إن «هناك تأثيرات في غاية الأهمية مادية واعتبارية لذلك، ومن أبرزها أن تهديده لأمن العاصمة بغداد انتهى كليا بالإضافة إلى ابتعاده عن المراقد الدينية، لا سيما الشيعية بما فيها سامراء كما تحققت له خسارة كبيرة في محافظة صلاح الدين، حيث يوجد مجلسه العسكري فيها لأن صلاح الدين تمثل أهمية استراتيجية بوصفها تربط بين أربع محافظات هي ديالي وبغداد والموصل والأنبار». ويمضي الهاشمي قائلا: «كما فقد التنظيم 111 بئرا نفطية من أبرزها حقلا علاس والبوعجيل».
وحول ما إذا كان ذلك قد وجه ضربة قاصمة للتنظيم، يقول الهاشمي: «نعم يمكن القول إنه وجه ضربة قاصمة للتنظيم، لكنه لم يكسر ظهره تماما ولا تزال عظامه قوية، لكنه سيعاني بعد فترة من نخرة في هذه العظام رغم إنه اتخذ سلسلة من الإجراءات التقشفية الصارمة مثل تقليص أعداد المتطوعين وتقليل رواتب القادة إلى النصف والجنود إلى الثلث وتحويل بعض الولايات إلى التمويل الذاتي ومنها ولاية الأنبار التي بدأت تعتمد على ما يأتيها من موارد المنافذ الحدودية، فضلا عن تقليل نسبة المشتريات إلى نحو 20 في المائة».
وكان تنظيم داعش قد سيطر في يونيو الماضي على أقضية تكريت مركز محافظة صلاح الدين والدور وبيجي والشرقاط وبلدات العلم والمعتصم ودجلة وحمرين ويثرب وسليمان بيك والإسحاقي فيما لم يتمكن من الدخول إلى مدينة سامراء ثاني أكبر مدن المحافظة وكذلك أقضية طوزخورماتو وبلد والدجيل.
وطبقا للمصادر الأمنية العراقية فإن العمليات العسكرية التي أطلق عليها «لبيك يا رسول الله» في صلاح الدين تمكنت من تطهير أكثر 12 ألف كم من مجموع مساحة محافظة صلاح الدين البالغة 25 ألف كم مربع. وطبقا لهذه المصادر فإنه لم يتبقَ من محافظة صلاح الدين سوى 6 آلاف كلم مربع وهي المنطقة المحصورة بين شمال بيجي إلى جنوب محافظة نينوى والمتمثلة بقضاء الشرقاط وبعض القرى التابعة له وصولا لقضاء بيجي جنوبا وقضاء الحضر بمحافظة نينوى.
وفي شمال العراق وطبقا لما أعلنه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني فإن البيشمركة تمكنت من تطهير 20 ألف كلم مربع وإن غالبية تلك المناطق التي استعادتها البيشمركة من «داعش»، إلا أن غالبية المناطق التي استعادتها البيشمركة من التنظيم تقع شمال محافظة نينوى وهناك مناطق أصغر مساحة في محافظات صلاح الدين وكركوك (شمال) وديالي (شمال شرق).