ضربت عاصفة ثلجية ومطرية مناطق شمال غربي سوريا ما أدى إلى تضرر عشرات المخيمات ووفاة طفل رضيع نتيجة البرد القارس، ونزوح عشرات العائلات من مخيمات أغرقتها سيول الأمطار الغزيرة، في وقت تدخلت فيه فرق الدفاع المدني السوري لإنقاذ النازحين، وفتح الطرق المؤدية إلى المخيمات وتجريف الثلوج وتصريف مياه الأمطار.
وتوفي طفل لا يتجاوز عمره سنة ونصف السنة، نتيجة تعرضه للبرد القارس في قرية قسطل مقداد شمال مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، في ظل العاصفة الثلجية التي اجتاحت مناطق في شمال غربي سوريا، وأدت إلى تراكم كميات من الثلوج على خيام النازحين في المخيمات، وانسداد الطرق المؤدية لها، ما دفع بأكثر من 200 متطوع في منظمة الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء»، ومتطوعين من الفصائل العسكرية، إلى الاستنفار لفتح الطرق وتجريف الثلوج المتراكمة، وتصريف مياه الأمطار التي شكلت مستنقعات في مخيمات النازحين، وألحقت الضرر بأكثر من 40 مخيماً شمال إدلب وحلب، ونزوح أكثر من 400 عائلة من مخيمات متفرقة بالقرب من منطقة أطمة شمال إدلب، بحسب ناشطين.
وقال مسؤول في مجلس مدينة عفرين المحلي: «تضرر أكثر من 13 مخيماً للنازحين، وهي مخيمات الأبرز وزاغروس وبلبل ويازيباغ وشمارين وقربابا والنبي هوري والمحطة وعين دارة والجلمة وعرب ويران، في مناطق عفرين ومحيطها شمال حلب، بسبب العاصفة الثلجية وتراكم الثلوج بسمك تراوح بين 20 و40 سنتيمترا على أسقف الخيام، ما أدى إلى انهيار عدد كبير من الخيام». ويضيف، أنه «أدى تراكم الثلوج إلى انهيار أكثر من 230 خيمة للنازحين في المخيمات، على رؤوس أصحابها بسبب كثافة الثلوج، وتراوحت الأضرار بين أضرار جزئية وكلية، والأمر الذي أزم الموقف وفاقم من معاناة النازحين، هو تراكم الثلوج على الطرق المؤدية لها، وواجهت فرق الدفاع المدني إضافة للمتطوعين من الفصائل صعوبة بالغة في تجريف الثلوج والوصول إلى المخيمات وإنقاذ العائلات المتضررة، ونقلها إلى أماكن أخرى أكثر أمناً».
وتحدث أبو محمد (53 عاما) وهو نازح من ريف حماة ويقيم في أطمة الحدودية شمال إدلب: «واجهت أكثر من 400 عائلة في المخيم، (أصعب ليلة عصيبة) حملت معها أمطار غزيرة تسببت بغرق أكثر من 100 خيمة ومنزل، بسبب السيول ومياه الأمطار المتدفقة من أماكن مرتفعة بمحيط المخيم، واضطر أصحابها للنزوح في ظروف مأساوية للغاية بعد منتصف الليل، إلى أقاربهم في خيام لم تطالها السيول»، وأضاف «أدت غزارة الأمطار وتدفق المياه إلى انسداد بعض المنافذ المائية المخصصة لتصريف مياه الأمطار من الجانب التركي، وأخرى فاق تدفق المياه في قدرتها على التصريف، ما تسبب بتشكل مستنقعات ضمن المخيم، وأدت إلى غرق خيام النازحين، وتضرر أشيائهم وأمتعتهم وأثاث خيامهم من أغطية وفرش».
من جهته، قال أبو لؤي وهو مدير مخيم الحديدين بمحيط سرمدا شمال إدلب، إن «أمطاراً غزيرة بدأت مع مساء الثلاثاء في ريف إدلب الشمالي، ومع تزايد هطول الأمطار أثناء ساعات الليل، بدأت السيول والمياه الغزيرة بالتدفق من الجبال القريبة من المخيم، ووصولها إلى داخل خيام النازحين، ما أدى إلى حدوث حالة ذعر وخوف في أوساط النازحين من نساء وأطفال، وبدأ البعض بنقل ما يمكن نقله من أشياء إلى خارج الخيمة، فيما لم يفلح البعض وتعرضت خيمته للغرق كلياً، وقضت أكثر من 30 عائلة ليلتها لدى أقاربهم في مناطق مجاورة».
وبحسب التقرير الأولي لـ«فريق منسقي استجابة سوريا»، حول أضرار مخيمات الشمال السوري بعد العاصفة الثلجية والمطرية، «بلغ عدد المخيمات المتضررة من جراء العاصفة الثلجية والمطرية التي ضربت شمال غربي سوريا، أكثر من 47 مخيماً والأضرار تفاوتت بين الجزئية والكلية بحسب نوعية الخيم الموجودة» فيما «بلغ عدد الخيام المتضررة بشكل كلي 69 خيمة موثقة، أما عدد الخيام المتضررة بشكل جزئي بلغ 291 خيمة موثقة».
وأوضح، أنه «لا توجد حتى الآن استجابة فعلية أو كاملة للمتضررين من العاصفة، ويتوقع أن تبدأ عمليات الاستجابة بعد فتح الطرقات وتقييم الأضرار، التي تستوجب تقديم كافة المساعدات للنازحين في المخيمات من قبل المنظمات العاملة في مناطق شمال غربي سوريا». ولفت أن «زيادة الأضرار ضمن المخيمات كانت بسبب عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية قبل فصل الشتاء وتكرار الأضرار السابقة، وعدم وجود حلول فعلية من قبل المنظمات الإنسانية».
من جهتها، قالت منظمة الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء»، إن «مئات الخيام غرقت أول من أمس الثلاثاء، في منطقة أطمة، بالقرب من الحدود التركية، إثر غزارة الأمطار التي شهدها الشمال السوري، وإن العديد من الطرق بريف حلب الشمالي، انقطعت بسبب تراكم الثلوج، بينما تعمل (فرق الدفاع المدني) على إعادة فتحها، وقد تمكنت من فتح العديد منها باستثناء طريق (راجو - ميدان أكبس) بريف عفرين شمال حلب، وطريق مدخل مخيم (الأبرز ومدخل قرية المعبطلي) بسبب كثافة الثلوج المتراكمة». وزادت «تواصل فرق الدفاع المدني السوري، عملها المكثف منذ أكثر من 8 ساعات لجرف الثلوج المتراكمة التي أغلقت الطرقات الواصلة بين مدينة عفرين ومناطق راجو وشران وبلبل في ريف حلب الشمالي، وسحبت أكثر من 30 سيارة عالقة على طريق راجو عفرين، فيما تحاصر الثلوج عدداً من القرى التي يزيد ارتفاعها على 700 متر في منطقة راجو».
ويعيش أكثر من مليون ونصف مليون نازح في مخيمات شمال غربي سوريا مع بداية العاصفة الثلجية والطقس البارد لهذا العام، أوضاعا إنسانية غير عادية وظروفا معيشية صعبة، ومع كل بداية شتاء تتكرر مأساتهم ومعاناتهم نتيجة الأمطار الغزيرة والعواصف والرياح.
وتُعد 85 في المائة من مخيمات النازحين في شمال غربي سوريا، أقدم من عمرها المتوقع وأكثر عرضة للتلف والتمزق، وأقل مقاومة للظروف والعوامل الجوية، بحسب تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021.
استنفار في شمال غربي سوريا لمواجهة العاصفة الثلجية
ضربت مخيمات النازحين في ريفي إدلب وحلب
استنفار في شمال غربي سوريا لمواجهة العاصفة الثلجية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة