التئام الشمل يتحول إلى كابوس لأسرة منعتها طهران من السفر

تحولت آمال جادر سعدون بريهي، اللاجئ الأحوازي المعارض للنظام الإيراني، في التئام شمل عائلته في منفاه الهولندي، إلى كابوس بعد تلقيه نباء وفاة زوجته زهرا أبو مغنيم (32 عاماً) في عاصفة ثلجية، بينما كانت في طريقها إلى اجتياز الحدود الإيرانية - التركية، في أعقاب منعها من مغادرة مطار «الخميني» في طهران، رغم حصولها على تأشيرة السفر إلى هولندا بعد انتظار طويل.
وكان وقع الصدمة أكبر على جادر بوفاة شقيقه نادر سعدون بريهي 50 عاماً الذي كان يحاول حماية زهرا في رحلتها الشاقة. ويقول جادر في اتصال عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط» إن زوجته كان من المقرر أن تسافر إلى أمستردام في الخامس من يناير (كانون الثاني)، عبر مطار الخميني الدولي في طهران، لكن ضباط الأمن الذين يرتدون ملابس مدنية، طلبوا منها مرافقتهم إلى إحدى المكاتب الخاصة بهم قبل ساعة من موعد الرحلة. وبعد خضوعها لاستجواب سريع خضعت لاستجواب الذين يرتدون ملابس مدنية في المطار، أبلغوها بأنها ممنوعة من السفر بطلب منها المثول أمام محكمة «الثورة» في مدينة الأحواز.
وقال: «لقد سألوها هل أنت أحوازية؟ قالت نعم أنا من مدينة الأحواز». وكان يشير زوجها إلى أن ضباط الأمن يقصدون من السؤال إذا ما كان لديها انتماء سياسي. وأشار أيضاً إلى كلمات مشينة وتهديدات أخرى استخدمها المسؤول الأمني.
وافقت السلطات الهولندية على طلب تقدم به جادر للجوء السياسي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. بعد نحو خمس سنوات. ورفضت دائرة الهجرة الهولندية أول طلب تقدم به لمنح زوجته الإقامة إلى هولندا. واستغرق الأمر نحو عامين لكي يستوفي الشروط، ويحصل على موافقة نهائية لإحضار زوجته من موطنه إلى المنفى.
وتوضح وثيقة صادرة من دائرة الهجرة التابعة للخارجية الهولندية، أن زوجة جادر توجهت للسفارة في 2 يناير الحالي. وحصلت على التأشيرة في 4 يناير، مما سمح لها بحجز تذكرة لمغادرة البلاد بعد أقل من 24 ساعة. وتظهر وثيقة صادرة من مطار الخميني، اطلعت عليها «الشرق الأوسط» أن السلطات صادرت الجواز يوم الأربعاء في 5 من يناير الماضي، بناء على طلب محكمة «الثورة».
يقول جادر إن وثيقة حظر السفر الصادرة بحق زوجته تعود إلى 6 أغسطس (آب) العام الماضي، من قبل محكمة «الثورة» المعنية بالقضايا السياسية والأمنية.
يسرد بحزن شديد تفاصيل الساعات الأولى التي منعت زوجته من السفر. ويقول: «كانت لديها آمال كبيرة لنبدأ حياتنا من جديد، كل شيء انقلب رأساً على عقب خلال ساعات». بعد تعذر سفرها، عادت زوجته من طهران إلى مدينة الأحواز، وتوجهت إلى مقر محكمة «الثورة». يقول جادر إنها «ليس محكمة، إنها مسلخة الثورة، يسلخون جلد الإنسان وما يملك من أموال... بعد ساعات من الانتظار، قالوا لها ليس لدينا قضية ضدك، لا توجد شكوى، ليس لدينا أي ملف، عليك الذهاب إلى مقر وزارة الأمن».
لكن المخاوف من سيناريوهات تنتظر عادة من يدخلون مقرات المخابرات بتهم سياسية، مثل الزج بهم في السجون وتوجيه اتهامات لا أساس لها، وبث اعترافات قسرية تحت التعذيب، تدفع جادر وأسرته إلى الخيار الذي تلجأ إليه الكثير من الأسر التي تواجه مشكلة مماثلة، وهو السفر إلى أقرب بلد يمكن أن يحصلوا على حماية وخدمات قنصلية من السفارات المعنية. وتعد تركيا وجهة أساسية للاجئين الفارين من إيران، رغم تحديات الوقوع في فخ مهربي البشر، أو اعتقالهم وترحيلهم إلى إيران من قبل السلطات التركية.
وبينما كان ذوو جادر يحاولون نقل زوجته إلى تركيا، فهي تلقت عدة اتصالات من أرقام مجهولة تسألها عن عدم حضورها في مقر المخابرات. ووصل الأمر إلى تهديدها وتحذيرها من تعرض أهلها وابنها للأذى ما لم تتجاوب. والخميس الماضي، غادرت زوجة جادر وشقيقه نادر مدينة خوي في محافظة آذربيجان الغربية، شمال غربي إيران، برفقة مجموعة من المهاجرين، لكن قوات حرس الحدود في الجانب التركي، أجبرت المجموعة على العودة، مما أوقع المهاجرين في عاصفة ثلجية، قبل أن يتلقى جادر اتصالاً من أحد المرافقين للمجموعة يخبره بوفاة زوجته وشقيقه.
ونقل جثمان الضحيتين إلى مسقط رأسهم في مدينة الأحواز، قبل أن إقامة مراسم الدفن أمس. ويقول جادر: «هل المشكلة كانت حادة وتسبب مخاوف للسلطات حتى منعوا زوجتي من السفر؟ لماذا أصبح أبناء أخي الأربعة يتامى؟».