جرائم سطو حوثية جديدة على أراضٍ وعقارات عامة وخاصة

اتهامات للجماعة بتحويل المنهوبات لمصلحة قادتها وتمويل حربها

TT

جرائم سطو حوثية جديدة على أراضٍ وعقارات عامة وخاصة

عادت الميليشيات الحوثية مجدداً إلى شن حملات سطو واستيلاء ممنهجة بحق مساحات واسعة من أراضٍ وعقارات تعود ملكيتها للدولة ومواطنين في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة.
ويأتي ذلك وفق ما أكدته مصادر يمنية مطلعة في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، ضمن مساعي الانقلابيين لتحويل تلك المنهوبات إما لمصالح تجارية وإما استثمارية تتبع كبار قادتهم أو لبيعها وتوفير أموال طائلة لتمويل حروبهم ضد اليمنيين.
وفي هذا السياق، أفصحت المصادر عن عملية سطو كبيرة نفذتها قبل أيام مجاميع حوثية متخصصة بعمليات النهب المنظم على مساحة واسعة من الأرض الواقعة شمال صنعاء بناءً على تعليمات من قيادات حوثية بارزة يتصدرها شقيق زعيم الميليشيات المدعو عبد الخالق الحوثي، الذي يشغل حالياً منصب قيادة المنطقة العسكرية المركزية للميليشيات.
وذكرت المصادر أن المجاميع الحوثية قامت بالبسط والاستيلاء بقوة السلاح على قطعة أرض مساحتها 600 لبنة (اللبنة تساوي 44 متراً مربعاً) تقع في شارع الثلاثين بمنطقة شملان بمديرية معين بذات العاصمة، مشيرة إلى أن تلك العملية تمت بناءً على تعليمات صادرة للمسلحين من المدعو عبد الخالق الحوثي.
وأحضر المسلحون الحوثيون – وفق المصادر - جرافات قبيل عملية السطو على قطعة الأرض التي تعود ملكيتها لمواطنين من أبناء قبيلة همدان بريف صنعاء، وباشروا بتسويتها تمهيداً لمصادرتها وبيعها لمصلحة قادة الجماعة الانقلابية.
وتقول المصادر إن الأرض التي سطت عليها الجماعة تصل قيمة كل لبنة فيها إلى نحو 50 مليون ريال (الدولار يعادل 600 ريال) وكانت مخصصة منذ 30 عاماً لبناء مدرسة وقسم شرطة ومستوصف صحي على أن تدفع الحكومة حين ذاك تعويضات لملاكها، لكن ذلك لم يحصل حتى اللحظة.
وأشار ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى ما وصفوه بـ«المشهد التمثيلي المتبع من قبل مسلحي الجماعة للاستيلاء على تلك الأرضية بحجة أنها مملوكة للدولة». وقالوا إن الجماعة التي تزعم أنها تقود «مسيرة قرآنية ليست سوى مجموعة من اللصوص».
في غضون ذلك، أبدى موالون للميليشيات استغرابهم من عدم تحريك ما تسمى اللجنة العسكرية الحوثية المختصة بالعقارات أي ساكن حيال التجريف المنظم بحق ممتلكات المواطنين في صنعاء. واتهموا اللجنة بالوقوف إلى جانب عصابات ومافيا نهب الأراضي وتسهيل مهامها للسطو على أكبر قدر من أملاك الدولة والسكان.
إلى ذلك أوضحت المصادر أن الميليشيات الحوثية ارتكبت سلسلة جرائم نهب سابقة طالت أراضي وعقارات مملوكة للدولة وسكان في صنعاء وبعض المحافظات بدعم وإشراف من تلك اللجنة الحوثية. وقالت المصادر إن آخر تلك الاعتداءات تمثل بمصادرة عصابة حوثية لقطعة أرض تبلغ مساحتها 200 لبنة تقع على مقربة من الأرض التي تمت مصادرتها أخيراً بمنطقة شملان وتعود ملكيتها لجامعة صنعاء وكانت مخصصة لبناء قاعة مؤتمرات.
من جانبه، شكا أحد السكان في صنعاء ممن سطت الميليشيات مؤخراً على أرض مملوكه له (طلب عدم نشر اسمه)، من جور ونهب من وصفها بـ«شلة لصوص الأراضي التابعين لمسيرة النهب والفساد الحوثية».
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن قادة الجماعة الكبار كانوا قد شكلوا قبل سنوات وأشهر ماضية عصابات ومافيا متخصصة مهمتها نهب ومصادرة أراضي وعقارات وممتلكات الدولة والمواطنين في صنعاء وبعض المدن اليمنية ومن ثم تحويلها لصالحهم».
وتابع: «من أجل ذلك أنشأت الجماعة أيضاً ما سميت باللجنة الخاصة بالعقارات وليس هدفها الحفاظ على عقارات وممتلكات الدولة كما تدعي، بل لدعم وتسهيل مهام تلك العصابات التي فتكت وما زالت باليمنيين وصادرت الكثير من ممتلكاتهم تارة بحجة أنها عقارات للقوات المسلحة وتارة أخرى بذريعة أنها محجوزة ممن تسميه الحارس القضائي».
على الصعيد ذاته، توقع مراقبون محليون حدوث موجة غضب قبلية وشعبية عارمة قد تجتاح الميليشيات وقادتها الفاسدين في صنعاء وغيرها من المحافظات، خصوصاً بعد تحول الجماعة وأغلب قادتها إلى لصوص لنهب الأراضي وكل ما له علاقة بممتلكات اليمنيين.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تستولي فيها الميليشيات على أراضٍ وعقارات يملكها مواطنون، إذ عمدت الجماعة، طيلة سنوات ماضية إلى نهب منظم طال آلاف العقارات بعموم مناطق سيطرتها.
وكان العشرات من أبناء منطقة سعوان ومنتسبي جمعية الخمسين في أحياء مذبح والسنينة في صنعاء تجمهروا قبل أيام أمام البرلمان غير الشرعي الخاضع تحت سلطة الجماعة لتجديد مطالبتهم بوضع حد للممارسات الحوثية ولجنتها العسكرية التي سطت على عقاراتهم ومنازلهم.
وأفادت مصادر حقوقية بأن المحتجين شكوا من استمرار اعتداءات ونهب اللجنة الحوثية العسكرية التي يقودها القيادي في الميليشيات المدعو أبو حيدر جحاف.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.