مسؤولة أميركية: العنف ضد المحتجين السودانيين يجب أن يتوقف فوراً

مولي في وساترفيلد يجريان مباحثات موسعة في الخرطوم

TT

مسؤولة أميركية: العنف ضد المحتجين السودانيين يجب أن يتوقف فوراً

دعت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، مولي في، إلى وقف العنف ضد المحتجين السودانيين السلميين فوراً، وذلك بعد وصولها مع مبعوث الرئيس الأميركي للقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد إلى الخرطوم، أمس.
والتقت في وساترفيلد، أمس، عدداً من المسؤولين الرسميين والشعبيين من السودان، في إطار الجهود الأميركية الرامية لمعالجة الأزمة السياسية التي يعاني منها السودان حالياً، فيما ينتظر أن تلتقي في وساترفيلد كلاً من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، القائد العام للجيش، ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» قائد قوات الدعم السريع، فيما التقت مجموعات نسوية ومدنية، وتجمع المهنيين السودانيين وقوى سياسية، وبحثت معهم تداعيات الأزمة السياسية وتأثيراتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك انتهاك الحق في الحياة والحريات الصحافية، وحرية الاحتجاج السلمي.
وقالت مولي في، عقب لقاء مع أسر الشهداء، بحسب موقع السفارة الأميركية، على «تويتر»، إنها «تشرفت بلقاء أسر الرجال والنساء الشجعان الذين قدموا أرواحهم من بناء الديمقراطية»، كما التقت في وساترفيلد قوى إعلان الحرية والتغيير، وبحثت معهم التعاون الإيجابي مع «يونيتامس»، بحثاً عن مخرج للأزمة السياسية والوصول لحكم ديمقراطي في البلاد.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجهود الأميركية تستهدف استعادة بناء الثقة بين شركاء الانتقال في السودان مدنيين وعسكريين، والدخول في عملية سياسية جديدة يشارك فيها الجميع. ونقل تجمع المهنيين السودانيين، عقب لقائه الوفد الأميركي، أمس، أنهم أكدوا دعم الشعب السوداني لتحقيق أهداف ثورته في «الحرية والسلام والعدالة»، وأنهم على استعداد لتقديم دعم غير محدود للتحول الديمقراطي والمدني في السودان، بالاشتراك مع الفاعلين الدوليين.
وقال تجمع المهنيين السودانيين، في نشرة صحافية أعقبت اجتماعه مع الوفد الأميركي، إن الاجتماع تناول الجهود الأميركية وجهود أصدقاء السودان، واستعرض معهم نتائج مؤتمر أصدقاء السودان الذي انعقد، أول من أمس، في مدينة الرياض.
وبحسب بيان التجمع، فإن الوفد الأميركي أبلغهم بأن خلاصات اجتماع أصدقاء السودان تصب في مصلحة الانتقال الديمقراطي والتحول المدني، فضلاً عن كبح آلة القمع العسكرية للانقلابيين، وأن التجمع أبلغ بالحاجة للتمييز بين أصدقاء السودانيين الحقيقيين والزائفين الذين يدعمون الانقلابيين، وقال: «الشعب السوداني مدرك لذلك».
وتناول مع الوفد الأميركي الوضع المزري في البلاد، وأوضاع حقوق الإنسان والعنف المفرط الذي يواجهه المحتجون السلميون في المواكب التي نظموها والتي تزيد على 15 موكباً، فضلاً عن الاعتداءات على مقار الأمم المتحدة في دارفور ونهب وسرقة ممتلكاتها.
وطالب التجمع الوفد الأميركي بممارسة ضغوط على قيادة الجيش السوداني للوقف الفوري لاستعمال القوة المميتة، مؤكداً أنهم يحترمون المؤسسة العسكرية، التي تنحصر مهمتها في حماية الدستور وحفظ أمن وسلامة الوطن والمواطنين، و«ليس قمعهم أو قتلهم».
وندد التجمع بما سمّاه محاولات وسم الثائرات والثوار بـ«صفة الإرهاب»، وإنشاء وحدة لـ«مكافحة الإرهاب»، ودعا لهزيمة هذا التوجه «داخلياً وخارجياً”، استناداً إلى «مفهوم مكافحة الإرهاب».
ودعا التجمع لتقوية بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان «يونيتامس»، بما يمكنها من القيام بدورها كاملاً، وإنجاح مبادرتها، وإصلاحها والاعتماد على الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوداني.
ووصلت مولي في وساترفيلد إلى الخرطوم، أمس، قادمين من السعودية عقب المشاركة في مؤتمر أصدقاء السودان، للالتقاء مع المسؤولين السودانيين والأحزاب السياسية والقوى المدنية ولجان المقاومة، لبحث سبل استعادة الانتقال الديمقراطي.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.