تركيا {لا يمكنها تجاهل} القواعد الأميركية والروسية في سوريا

قافلة مساعدات إنسانية من تركيا تعبر باب الهوى على الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)
قافلة مساعدات إنسانية من تركيا تعبر باب الهوى على الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا {لا يمكنها تجاهل} القواعد الأميركية والروسية في سوريا

قافلة مساعدات إنسانية من تركيا تعبر باب الهوى على الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)
قافلة مساعدات إنسانية من تركيا تعبر باب الهوى على الحدود مع سوريا أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن بلاده لا يمكن أن تتجاهل وجود القواعد الروسية والأميركية والمنظمات الإرهابية في أجزاء واسعة من سوريا التي تحدها جنوباً.
وأضاف إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه، أمس (الثلاثاء)، في طريق عودته من زيارة لألبانيا، أن ما سماه بـ«المنظمات الإرهابية»، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تمثل العمود الفقري لتحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، تلقت وما زالت تتلقى دعماً كبيراً من الولايات المتحدة، وأن تركيا لا يمكنها التغافل عن ذلك أيضاً.
وتابع «قلنا ذلك باستمرار للرئيس جو بايدن خلال لقائي معه، كما ذكرناه لسلفيه دونالد ترمب وباراك أوباما... قلنا لهم جميعا أنتم تدعمون المنظمات الإرهابية»، مشيراً إلى أن قوات التحالف في العراق وفي سوريا قدمت آلاف الشاحنات المحملة بالأسلحة والذخيرة لهذه المنظمات الإرهابية، وأن الدعم لا يزال متواصلاً. واستطرد إردوغان «يقولون (أميركا) انسحبنا، سننسحب، نحن لا نقدم الدعم للمنظمات الإرهابية، إنهم لا يقولون الحقيقة».
وتعتبر تركيا «الوحدات» الكردية تنظيماً إرهابياً، بينما تدعمها الولايات المتحدة باعتبارها الحليف الأوثق في الحرب التي شنها التحالف الدولي على تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، ويعد هذا التباين أحد ملفات الخلافات العالقة بين أنقرة وواشنطن.
وأشار إردوغان إلى أن روسيا كذلك لا تنسحب من سوريا، ولو فعلت ذلك لم يكن ليبقى بشار الأسد، وأنّ ما يحافظ على بقائه هو الدعم الروسي، لافتاً أيضاً إلى الدعم الإيراني.
في غضون ذلك، عززت القوات التركية مواقعها في إحدى النقاط المتمركزة على أطراف قرية الرويحة شرقي جبل الزاوية بريف إدلب، تطل على معرة النعمان وطريق حلب - دمشق الدولية (إم 5) بدبابات وعربات مدرعة وناقلات جند.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بدخول 25 ضابطاً تركياً من القوات الخاصة إلى محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، للبدء بدورة تستهدف إعداد 1500 مقاتل من عناصر الفصائل السورية الموالية لتركيا. وسيخضع المقاتلون لدورة تدريبية مكثفة عالية المستوى، مماثلة للتدريب التركي في كل من معسكر المسطومة ومطار تفتناز وجبل النبي أيوب في إدلب، ونقطتي التوامة وأبين غربي حلب، وجميعها نقاط عسكرية لتركيا في مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا.
وأشار «المرصد» إلى أن ضباطاً من القوات التركية، قدموا تدريبات على الصواريخ المضادة للطيران المحمولة على الكتف، في معسكر المسطومة قرب مدينة إدلب لعدد من الفصائل السورية المسلحة الموالية لها، في وقت سابق من الشهر الحالي. كما تعد القوات التركية لإجراء تدريبات كاملة للمقاتلين السوريين على الأسلحة المضادة للطائرات، لاستخدامها عند اللزوم في مناطق خفض التصعيد.
بالتوازي، أفاد «المرصد» باندلاع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين قوات «قسد» من جهة، وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، من جهة أخرى، على جبهة قريتي كفر خاشر وعين دقنة بريف حلب الشمالي.
كما قصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها، بقذائف الهاون قرى مرعناز الشوارغة المالكية بناحية شيراوا وقريتي كفر خاشر وعين دقنة الخاضعة لسيطرة «قسد»، وردت قوات «قسد» بقصف محيط قرية ميريمين الخاضعة لسيطرة فصيل الجبهة الشامية بالمدفعية الثقيلة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.