يساريو الحزب الديمقراطي يحصدون خيبات أمل بعد عام من عهد بايدن

بعد عام على رئاسة جو بايدن، تجدد النقاش حول مدى التأثير الذي تركه الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، على أجندة الرئيس الأميركي والحزب، وعن الخيبات التي أصابت هذا الجناح في أكثر برامجه الاجتماعية طموحاً: برنامج الرعاية الصحية، رفع الحد الأدنى للأجور، إلغاء القروض الطلابية، إصلاح شامل لنظام الهجرة، والبرامج الاجتماعية والتعليمية الجديدة الرئيسية. ولا يخفى أن هذا الجناح، الذي أنتج أفكاراً «ثورية» كان لها على الدوام تأثير على سياسات الولايات المتحدة، بمعزل عن هوية ساكن البيت الأبيض، أجبر بايدن على تبني سياسات «يسارية»، منذ خوضه المنافسة معه خلال الانتخابات التمهيدية التي خاضها في انتخابات 2020، بهدف كسب تأييد قاعدته الشبابية المتمردة، ليس فقط على المؤسسة السياسية الديمقراطية، بل وعلى سياسات الرئيس السابق دونالد ترمب الأكثر يمينية، لكن بعد عام فقط من حكم بايدن، بدا أن ممثلي هذا التيار، وعلى رأسهم السيناتور بيرني ساندرز والسيناتور إليزابيت وارن والنائبة أليكساندريا كورتيز، مكبلي الأيدي كرهائن مع تيارهم، في قبضة سيناتورين ديمقراطيين محافظين، هما جو مانشين عن ولاية ويست فيرجينيا وكيرستين سينيما عن ولاية أريزونا. ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بدا أن طموحات بايدن واليسار الأميركي في إقرار قوانين ومشاريع سياسية واجتماعية متفائلة، في مهب الريح. وأصبح من المرجح بشكل متزايد فشل الكثير من أجندة الرئيس بايدن الاقتصادية، بعدما تمكن هذان السيناتوران المتمردان من تقرير مصير قانون إعادة البناء، المسمى خطة التحفيز الاقتصادي بقيمة 1.9 تريليون دولار، إما عبر تقليصه بشكل كبير أو إنهائه تماماً. وبات لمانشين وسينيما الكلمة الأخيرة بشأن إعادة بناء تشريعات أفضل، لأن الديمقراطيين لديهم هامش صوت واحد فقط في مجلس الشيوخ المقسم بالتساوي بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وهو ما يسلط الضوء على الأزمة البنيوية لكل من أجندة بايدن التشريعية، والتحديات الهيكلية طويلة المدى التي تواجه التيار اليساري، ومدى صعوبة إقرار سياسات أكثر ليبرالية حتى في ظل سيطرة الديمقراطيين على مجلسي الشيوخ والنواب. وما يفاقم الأزمة التي يواجهها بايدن والديمقراطيون على حد سواء، سيطرة المحافظين على المحكمة الأميركية العليا، التي وجهت أخيراً لبايدن ضربات سياسية لا يستهان بها، آخرها رفض تفويضات التطعيم على كبريات الشركات، في ضربة لجهوده الصحية والاقتصادية في مواجهة فيروس «كورونا». بيد أن تلك الانتكاسة كشفت أيضاً عن افتقار إدارته لبرامج جديدة لمواجهة الوباء، في الوقت الذي بدا فيه التضخم الذي يضرب الاقتصاد الأميركي، تهديداً اقتصادياً وتحدياً سياسياً، لم يكن الليبراليون مستعدين لمواجهته، ويتعارض مع رؤيتهم للحديث عن نموذج جديد في برامج الإنفاق الحكومي في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والمناخ، وضمان الوظائف الفيدرالية، والدخل الأساسي الشامل، والمساومة النقابية على مستوى القطاع، على سبيل المثال.
يقول محللون ديمقراطيون، ومن بينهم بعض اليساريين، إن حالة عدم اليقين، قد تجبر الحزب على التخلي فعلياً عن تلك الأفكار بعيدة المدى التي ساعدت على تحقيقهم الفوز في انتخابات 2020، لمصلحة برامج أقل طموحاً، بعدما دخل الحزب فعلياً في سباق انتخابات التجديد النصفي لهذا العام، في ظل صعود لافت لخطاب الجمهوريين وتحريض ترمب. وهو ما يذكر على أي حال، بفشل الجمهوريون أيضاً في تنفيذ العديد من برامجهم ووعودهم، كما حصل بعد فشلهم في إلغاء برنامج «أوباما كير» للضمان الصحي، وتخليهم عن أهداف سياسية أخرى، مثل قطع برامج الاستحقاق الفيدرالية. ورغم نجاح الليبراليين في تثبيت مواقع كبيرة لهم في إدارة بايدن، سواء في المواقع السياسية الداخلية أو في السياسات الخارجية، وباتوا يمارسون تأثيراً كبيراً على سياسات واشنطن، فإن النتائج لم تكن على مستوى طموحاتهم، في ظل خيبة أمل تنعكس في استطلاعات الرأي، وضعت بايدن وإدارته في أدنى مستوى تاريخي، بعد عام واحد فقط من بداية عهد أي رئيس أميركي.