الغموض السياسي يربك الجنيه السوداني

التضخم لا يزال أزمة كبرى

تظاهر مئات السودانيين في نهاية الأسبوع اعتراضاً على زيادة أسعار الكهرباء (أ.ف.ب)
تظاهر مئات السودانيين في نهاية الأسبوع اعتراضاً على زيادة أسعار الكهرباء (أ.ف.ب)
TT

الغموض السياسي يربك الجنيه السوداني

تظاهر مئات السودانيين في نهاية الأسبوع اعتراضاً على زيادة أسعار الكهرباء (أ.ف.ب)
تظاهر مئات السودانيين في نهاية الأسبوع اعتراضاً على زيادة أسعار الكهرباء (أ.ف.ب)

قال متعاملون إن قيمة العملة السودانية تراجعت بأكثر من 3 في المائة إلى 465 جنيهاً للدولار في السوق السوداء مساء الأحد، مع تصاعد الطلب على العملة الأميركية بسبب استمرار حالة عدم اليقين السياسي بعد انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
واستقر الجنيه السوداني إلى حد بعيد في الأشهر الماضية بعد أن انخفضت قيمته انخفاضاً حاداً في فبراير (شباط) 2021 في إطار إصلاحات اقتصادية نفذتها حكومة انتقالية وراقبها صندوق النقد الدولي.
في غضون ذلك، بدأ معدل التضخم في البلاد، وهو من أعلى معدلات التضخم في العالم، في التراجع أيضاً؛ لكنه ارتفع سنوياً بشكل بالغ. وقال جهاز الإحصاء السوداني يوم الأحد إن معدل التضخم بلغ 359.09 في المائة في 2021 ارتفاعاً من 163.26 في المائة في 2020. وأضاف الجهاز في بيان أن التضخم تباطأ إلى 318.21 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مقابل 339.58 في المائة في الشهر السابق. وزاد التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد شديدة التقلب مثل الأغذية، إلى 443.48 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، مقارنة مع 428.34 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).
وحلّ القادة العسكريون الحكومة في الانقلاب قبل إعادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في محاولة لحماية الإصلاحات، لكنه استقال في وقت سابق من هذا الشهر. وقال تاجر في العاصمة الخرطوم: «الناس يشترون الدولارات لحماية أصولهم خوفاً من تدهور الوضع في البلاد، وهناك طلب كبير».
وكان الدولار يُباع بنحو 450 جنيهاً الأسبوع الماضي. وكانت الفجوة بين السوق الموازية وأسعار الصرف الرسمية ضئيلة في الغالب في الأشهر القليلة الماضية. وبدأت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي مشاورات في محاولة لكسر الجمود بين القادة العسكريين والجماعات المدنية المؤيدة للديمقراطية، وتجنب خطر مزيد من عدم الاستقرار. وقبل الانقلاب، أبدى الاقتصاد السوداني علامات على الاستقرار بعد أزمة اقتصادية مستمرة منذ سنوات وأدت إلى اندلاع الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير في عام 2019.
وتظاهر مئات في السودان الأحد قاطعين الطرق شمال البلاد، وخصوصاً باتجاه مصر، احتجاجاً على مضاعفة تعريفة الكهرباء، رغم قرار للحكومة العسكرية بتجميد هذه الزيادة.
وأعلن وزير المال الأسبوع الماضي زيادة سعر كيلوواط الكهرباء بنسبة 100 في المائة، ما أثار الغضب خصوصاً في صفوف المزارعين الذين يعتمدون على الكهرباء لضخ المياه الضرورية للري.
وبهدف احتواء الغضب، تحرك مجلس السيادة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان الممسك بزمام السلطة، معلناً الأربعاء «تجميد قرار رفع أسعار الكهرباء فوراً». وكان والي الشمال عوض أحمد محمد قدورة احتج على زيادة «سيكون لها تأثير سلبي على الزراعة والصناعة» في المنطقة الحدودية مع مصر، الشريك التجاري المهم للسودان.
ولكن لم يكتف المحتجون بهذا «التجميد» بل طالبوا بإلغاء هذه الزيادة نهائياً. وعقد عضو مجلس السيادة الانتقالي أبو القاسم برطم اجتماعاً في القصر الجمهوري الأحد، مع اللجنة المكلفة مراجعة زيادة تعريفة الكهرباء، التي تضم وزارات المال، الطاقة والزراعة والغابات، في حضور والي الشمال. وتقرر تجميد قرار وزارة المال الخاص بزيادة تعريفة الكهرباء في القطاع الزراعي والصناعي والسكني إلى حين عرضها على مجلس السيادة.
وأوضح والي الشمال في تصريح أن زيادة تعريفة الكهرباء كانت لها تداعيات وتأثيرات كبيرة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن انعكاساتها السلبية على القطاعين الزراعي والصناعي. وأكد القرار تجميد هذه الزيادة فوراً، اعتباراً من الأحد.
ويُعتبر السودان إحدى الدول الأكثر فقراً في العالم. ويُنذر أي ارتفاع في الأسعار أو إلغاء للدعم الحكومي على المواد الأساسية بتفاقم حدة الأزمة الاقتصادية العميقة التي يغرق فيها هذا البلد الأفريقي.
في غضون ذلك، أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة المالية السودانية دكتور أحمد الشريف، تخصيص اعتمادات مالية في الموازنة الجديدة للعام 2022 لإكمال مشروعات إعمار الشرق التي ينفذها صندوق إعمار الشرق.
ونقلت وكالة السودان للأنباء (سونا) يوم الأحد عن الشريف تأكيده التزام وزارة المالية بإكمال تنفيذ المشروعات التي بلغت نسبة تنفيذها أكثر من 70 في المائة في نطاق اعتمادات الدولة من الموارد الذاتية. وتوقع الشريف أن يستجيب الصندوق الكويتي للتنمية ويبدأ في ضخ التمويل لإكمال مشروعات إعمار الشرق، وانسياب التمويل الكويتي لإكمال المشروعات الممولة من الصندوق الكويتي للتنمية بولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف.
وأشار إلى أن وفداً من وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي برئاسة مدير مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية يقوم الآن بزيارة ميدانية لولايات الشرق الثلاث (القضارف وكسلا والبحر الأحمر) للوقوف على سير التنفيذ في مشروعات المنح والقروض الممولة من الصندوق الكويتي للتنمية للتعرف على مستوى الإنجاز والمعوقات التي صاحبت التنفيذ واقتراح الحلول الممكنة، وذلك حتى يتم التمكن من عمل تقرير متكامل يرفع لإدارة الصندوق الكويتي والتباحث معها حول كيفية إكمال النقص في المشروعات التنموية المهمة في مجال الصحة والتعليم الفني والكهرباء والمياه. وأكد الشريف اهتمام وزارة المالية بإكمال النقص في المشروعات التنموية بولايات شرق السودان خلال موازنة العام الحالي، خاصة التي وصلت نسبة الإنجاز فيها أكثر من 70 في المائة، بجانب الاهتمام بالتعليم التقني والتقاني باعتباره الركيزة الأساسية للنهضة والتطور.



الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)
TT

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)

شهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في قيمتها أمام الدولار، حيث أفاد عاملون في سوق الصرافة بدمشق يوم السبت، بأن العملة الوطنية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما ذكرته «رويترز».

ويأتي هذا التحسن بعد أن بلغ سعر صرف الدولار نحو 27 ألف ليرة سورية، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي شنتها فصائل المعارضة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، لصحيفة «إيل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «في الخزائن لا يوجد سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأميركي الواحد شراء 35 ألف ليرة سورية». وأضاف: «نحن لا نملك عملات أجنبية، وبالنسبة للقروض والسندات، نحن في مرحلة جمع البيانات. نعم، من الناحية المالية، نحن في وضع سيئ للغاية».

وفي عام 2023، شهدت الليرة السورية انخفاضاً تاريخياً أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت قيمتها بنسبة بلغت 113.5 في المائة على أساس سنوي. وكانت الأشهر الستة الأخيرة من العام قد شهدت الجزء الأكبر من هذه التغيرات، لتسجل بذلك أكبر انخفاض في تاريخ العملة السورية.