المغرب يعلن مشروعاً لرقمنة الإجراءات القضائية

قال وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، خلال ندوة نظمت أمس في مدينة طنجة (شمال المغرب) «حول الأساس التشريعي لرقمنة الإجراءات القضائية»، إن الوزارة أعدت مسودة مشروع قانون ينظم «رقمنة الإجراءات القضائية في المجالين المدني والجنائي».
وأوضح وهبي أن المشروع يهدف إلى تسهيل استعمال الأنظمة الرقمية في إجراءات التقاضي المدنية لإيداع مقالات الدعاوى والطلبات والطعون وجميع الإجراءات القضائية، إلكترونياً أمام مختلف محاكم المغرب، بما فيها التبليغ الإلكتروني.
وأشار إلى أن النص يشير إلى اعتماد نظام الأداء الإلكتروني، كلما تعلق الأمر بتأدية رسم قضائي أو إجراء مالي، واعتماد الحسابات الإلكترونية المهنية بالنسبة للمحامين والمفوضين القضائيين والخبراء، للمساعدة على التواصل مع المحاكم، وكذلك اعتماد التوقيع الإلكتروني والعناوين الإلكترونية بالنسبة للإدارات العمومية وباقي الأشخاص الاعتبارية، وتحديد الأثر القانوني للإجراءات.
وحسب الوزير وهبي، فإن المشروع الجديد يهدف إلى استعمال الرقمنة في جميع مراحل الدعوى العمومية «بنفس الضمانات الممنوحة للأطراف خلال المحاكمات ذات الحضور المادي وبترتيب الأثر نفسه»، ولا سيما مباشرة إجراءات البحث والتحري أو التحقيق وإمكانية عقد جلسات افتراضية وإجراء المحاكمات عن بعد عبر تقنية المناظرة المرئية بموافقة المتهم؛ وتنظيم الاستماع عن بعد لأشخاص موجودين داخل المغرب أو خارجه لهم علاقة بالخصومة، تفعيلاً لمضمون الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية، كآليات التعاون القضائي في المادة المدنية والمادة الجنائية.
كما يضمن المشروع المعالجة المعلوماتية للمحاضر المنجزة في إطار إجراءات الدعوى المدنية والجنائية وتذييلها بالتوقيع الإلكتروني من طرف من خوّل له القانون القيام بذلك، فضلاً على المعالجة المعلوماتية لبطاقات السجل العدلي وتذييلها بتوقيع إلكتروني.
وقال وزير العدل المغربي إن المشروع «يجسد وبشكل فعال انخراط وزارة العدل في مجهودات الحكومة المغربية» الرامية لوضع الآليات التي ستحول الإدارة التقليدية القائمة على العمليات الورقية إلى «إدارة تعتمد آليات تكنولوجيا المعلوميات» في مجال تصريف العدالة بمختلف محاكم المملكة المغربية، عبر نظم معلوماتية خاصة بالقضايا المعروضة على المحاكم تعتمد رقمنة الإجراءات المتعلقة بتجهيز الملفات وتبادل وثائق ومذكرات الأطراف وتبليغ الطيات والاستدعاءات والشهادات الإدارية والقضائية والمقررات القضائية، وتنظيم المحاكمة عن بعد، لضمان تحسين جودة الخدمات المقدمة بالشكل الذي يحقق السرعة والدقة والشفافية وتعزيز الثقة بين الإدارة والمرتفق.
واعتبر وهبي أن هذا المشروع من شأنه «تذليل مختلف العوائق والصعوبات الناتجة عن الطبيعة المادية للإجراءات»، تكريساً للحق المكفول دستورياً للمتقاضي في صدور أحكام قضائية داخل آجال معقولة، المنصوص عليه في الفصل 120 من دستور المملكة، باعتباره في مقدمة انشغالات المتقاضين.
واعتبر وزير العدل أن تنظيم هذه الندوة الدولية من طرف وزارة العدل يأتي «لمواكبة ورش الإصلاح المفتوحة من طرف الحكومة المغربية» لتنزيل مشروع «التحول الرقمي للإدارة»، من خلال توطيد أواصر التعاون وتبادل التجارب والممارسات الفضلى بين الدول في هذا المجال.
من جهة أخرى، قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة (الادعاء العام)، إن إرساء مقومات عدالة رقمية، يضمن تقوية البنية التحية للأنظمة المعلوماتية للمحاكم، ويوفر برامج آمنة متعلقة بإدارة المساطر والإجراءات القضائية، ويرفع من نجاعة الأداء القضائي بالمحاكم، «ويعتبر إحدى ركائز الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة».
واعتبر الداكي أن رقمنة الإجراءات والمساطر القضائية تشكل حجر الزاوية لتحسين جودة خدمات العدالة وتعزيز النجاعة القضائية، وتقليص آجال المساطر وتبسيط إجراءاتها، وتسهيل ولوج المرتفقين إلى العدالة.
وأوضح أن الرقمنة من شأنها «أن تساهم في تعزيز قيم النزاهة والشفافية»، وتحسين مناخ المال والأعمال، خاصة أن المعايير والمؤشرات العالمية المعتمدة تؤكد على أهمية التوفر على نظام رقمي لتدبير القضايا والشكاوى والاطلاع على الأحكام القضائية في هذا المجال كمدخل لتسريع وتيرة الاستثمارات.
لكن وهبي قال: «إذا كنّا نتفق اليوم على أن عملية الرقمنة مدخل أساسي للرفع من نجاعة تصريف العدالة بالمحاكم والرفع من نجاعتها»، فإن الحاجة أصبحت أيضاً ملحة لإعادة النظر في الجانب التشريعي من خلال إيجاد إطار قانوني يسمح باعتماد الإدارة الإلكترونية في الإجراءات القضائية أمام المحاكم، وبما يضفي على الوثائق الإلكترونية الحجية القانونية.