صفقة نتنياهو مع النيابة تهدد بانهيار الائتلاف الحكومي

مظاهرات معادية... واليمين يستعد لحكومة تستبعد اليسار والعرب

مظاهرات ضد صفقة محتملة مع نتنياهو أمام بيت النائب العام في إسرائيل في بتاح تكفا (د.ب.أ)
مظاهرات ضد صفقة محتملة مع نتنياهو أمام بيت النائب العام في إسرائيل في بتاح تكفا (د.ب.أ)
TT

صفقة نتنياهو مع النيابة تهدد بانهيار الائتلاف الحكومي

مظاهرات ضد صفقة محتملة مع نتنياهو أمام بيت النائب العام في إسرائيل في بتاح تكفا (د.ب.أ)
مظاهرات ضد صفقة محتملة مع نتنياهو أمام بيت النائب العام في إسرائيل في بتاح تكفا (د.ب.أ)

كثيرون اتخذوا موقفاً معارضاً، وحتى معادياً، من الصفقة التي يجري العمل على إبرامها، بين رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو والنيابة العامة التي تحاكمه اليوم في ثلاثة اتهامات خطيرة بالفساد.
وتقضي الصفقة بأن تخفف النيابة بنود الاتهام، فيسقط عنه بند الرشى، وبالتالي تخفف عقوبة الحكم، فلا يدخل السجن، مقابل أن يعتزل السياسة لفترة 7 سنوات. فإذا أراد العودة يكون في الثامنة والسبعين من العمر.
يلاحظ أن معظم المعارضين للصفقة، هم من القادة السياسيين الذين خاضوا معركة شعبية وسياسية طاحنة ضد بقاء نتنياهو رئيساً للوزراء، السنة الماضية، ونزلوا في مظاهرات في الشوارع لإسقاطه، بينهم سياسيون يمينيون، مثل أفيغدور ليبرمان، فضلوا التحالف مع من اعتبروه «الشيطان» في مفاهيمهم («ميرتس» اليساري، والحركة الإسلامية)، على أن يتحالفوا مع نتنياهو. وبينهم إعلاميون «تخصصوا» في كشف موبقات نتنياهو، واعتباره «أسوأ رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل»، و«صاحب أكبر انحراف في الحركة الصهيونية»، و«الذي يدهور إسرائيل إلى نظام حكم ديكتاتوري يحطم فيه أركان الديمقراطية، من سلطة القضاء إلى حرية الصحافة»، و«الذي يتلاعب بأموال الشعب من أجل الربح الشخصي له وللمقربين»، و«الذي لم يسبق مثيل له في عالم الفساد في الحكم»، و«الكذاب المزمن»، و«المخادع الأبدي»، إلى غير ذلك من النعوت والصفات.
ويوم أمس، الأحد، عندما كُشف النقاب عن أن الوسيط بين النيابة وبين نتنياهو، هو الرئيس الأسبق لمحكمة العدل العليا، أهرون باراك، خرج المعارضون أيضاً ضد باراك، واتهموه بالفساد. وكما جاء في الموقع الإلكتروني لصحيفة «هآرتس»، فإن تصرف القاضي باراك، هو «فضيحة وخزي وعار وشنار»، و«أكبر هدية يقدمها القاضي إلى المتهم نتنياهو يثبت فيها قوله: إن من يحكم إسرائيل ليسوا الشعب المنتخب؛ بل هم موظفو الدولة العميقة الذين يدوسون على حكم الشعب، ويديرون شؤون الدولة على هواهم».
وكان وزير المالية أفيغدور ليبرمان، قد اتهم النيابة بالتمييز لصالح نتنياهو، قائلاً: «لقد فرض القضاء على النائبة السابقة لوزير الداخلية، بنينا كيرشينباوم، (وهي من حزبه)، حكماً بالسجن 10 سنوات، في قضية أخف وطأة مما يوجه لنتنياهو». وحذر من أنه «في حال تم إبرام الصفقة، وكان قرار إبعاد نتنياهو عن الحكم من خلال وصمة عار قانونية، فإن الضغوط ستوجه إلى رئيس الدولة كي يصدر عفواً عنه».
وتثير هذه المعارضة الجارفة للصفقة تساؤلات عدة في الشارع الإسرائيلي: فهل هي معارضة جادة في إبعاد نتنياهو عن السلطة؟ أم هي رغبة غريزية في رؤية نتنياهو في السجن؟
ولكن من يتعمق في هذه المعارضة، يجد أن ما يختفي وراءها هو الخوف من تفكيك الحكومة التي حلت محل حكم نتنياهو وأرسلته إلى المعارضة. فهذه الحكومة برئاسة نفتالي بينيت، تقوم على ائتلاف غير مسبوق بين ثمانية أحزاب، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومعهم حزب عربي لأول مرة، تقوده الحركة الإسلامية التابعة للتنظيم العالمي لـ«الإخوان المسلمين». هو ائتلاف غريب فعلاً؛ لكنه في الوقت ذاته تاريخي، فوجود الحركة الإسلامية فيه، فتح آفاقاً لوضع حد لسياسة التمييز العنصري ضد المواطنين العرب (فلسطينيي 48). ومع أن الحركة الإسلامية تدفع ثمناً سياسياً باهظاً بسبب مشاركتها في الائتلاف، وتضطر إلى تخفيض الاهتمام بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والسكوت على إجراءات احتلالية واستيطانية وممارسات حربية وميزانيات عسكرية ضخمة، فإن جمهوراً واسعاً من العرب يؤيدها في خطواتها، ويصدق وعودها بأن الحصيلة العامة لهذه المشاركة ستكون مجدية، أكثر من بقاء الأحزاب العربية في المعارضة.
وبقدر ما تشعر الحركة الإسلامية بالحرج من وجودها في الائتلاف، يشعر حلفاؤها في اليمين المتطرف (حزب بينيت نفسه: «يمينا»، وحزب «أمل جديد» بقيادة وزير القضاء غدعون ساعر)، بحرج أكبر في صفوف جمهور كل منهما. ويوحي كثيرون من وزراء ونواب هذين الحزبين، بأنهم ينتظرون اللحظة التي يغادر فيها نتنياهو، حتى يفككوا الائتلاف مع اليسار والحركة الإسلامية، ويقيموا حكومة بديلة، تكون يمينية صرفة.
وهذا يعني أن تعيد مشروعات الاستيطان بقوة، وبانفلات تام، وتعيد القطيعة مع السلطة الفلسطينية، وتقضي على آمال التسوية السياسية على أساس حل الدولتين. فحكومة بينيت الحالية تعتبر يسارية في نظر هؤلاء؛ لأنها تضطر إلى أخذ المطالب الأميركية في الاعتبار، فلا تقيم مستوطنات جديدة، وبدلاً من بناء عشرات ألوف الوحدات السكنية في المستوطنات، تكتفي ببناء الألوف، وتنسق مع واشنطن في الموضوع النووي، وغير ذلك.
بينيت خرج بتصريحات، أمس، يطمئن فيها الجمهور بأن حكومته ثابتة وراسخة، ولن يفككها خروج نتنياهو من الحلبة؛ لكن غاب عن باله أنه يحتاج أولاً للتهدئة من مخاوف رفاقه في الحزب، فهم الذين ينبغي أن يعرفوا أن هذه الحكومة جاءت لتضع حداً لحكم نتنياهو، وأنهم فازوا بورقة «اليانصيب» التي توفر لهم رئاسة حكومة. ومع أن حزبهم من أصغر الأحزاب، فهو أكثر المستفيدين من الوضع الناشئ في الحلبة السياسية، وأكبر الخاسرين من تفكيك الحكومة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».