الكنيست لـ«حرس قومي» يواجه الاحتجاجات العربية

الليكود طرح المشروع بعد معارضة «الإسلامية» وتردد الحكومة

سيارة أحرقت خلال أعمال العنف الأخيرة بين العرب واليهود في مدينة اللد بالقرب من تل أبيب في 23 مايو الماضي (غيتي)
سيارة أحرقت خلال أعمال العنف الأخيرة بين العرب واليهود في مدينة اللد بالقرب من تل أبيب في 23 مايو الماضي (غيتي)
TT

الكنيست لـ«حرس قومي» يواجه الاحتجاجات العربية

سيارة أحرقت خلال أعمال العنف الأخيرة بين العرب واليهود في مدينة اللد بالقرب من تل أبيب في 23 مايو الماضي (غيتي)
سيارة أحرقت خلال أعمال العنف الأخيرة بين العرب واليهود في مدينة اللد بالقرب من تل أبيب في 23 مايو الماضي (غيتي)

عقب تردد الحكومة ومعارضة الحركة الإسلامية، أعلن عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) يوآف كيش، من حزب الليكود المعارض، أنه قرر إعادة طرح مشروع إقامة «حرس قومي» لمواجهة «المشاغبات العربية التي شهدناها في النقب في الأسبوع المنصرم، وشهدنا مثلها في شهر مايو (أيار) الماضي في المدن المختلطة (يافا والرملة واللد)».
وقال كيش صراحة إن الحرس القومي الذي يريده هو قوة احتياطية يتم تجنيدها خلال الحروب حتى يمنع انفجار احتجاجات عربية تشغل بال قوات الأمن وتحرف اهتمامها عن المعركة الأساسية. وقال في تصريحات صحافية، أمس، إنه أقدم على هذه المبادرة لأنه يعرف أن الحكومة تنوي إحباطها.
المعروف أن فكرة إقامة حرس قومي وردت أول مرة على لسان المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي. لكنه تحدث في حينها عن تفاصيل محدودة، وقال إنه يقصد تحويل وحدة واحدة من قوات حرس الحدود، التابعة لشرطته، لتصبح وحدة حرس قومي، بهدف تسهيل استدعاء عناصرها لمواجهة الاحتجاجات والمظاهرات في القرى والبلدات العربية في إسرائيل (فلسطينيي 48). وكانت تلك استنتاجات الشرطة من دراسة ما جرى في المدن المختلطة (عربية ويهودية)، في أعقاب أعمال الاحتجاج التي انطلقت بعد اعتداءات المستوطنين والجنود على المسجد الأقصى والحرب الأخيرة على قطاع غزة. ففي حينه، اتخذت المظاهرات طابعاً عنيفاً وانفجرت في خضمها اعتداءات متبادلة، بين مواطنين يهود ومواطنين عرب، وقتل خلالها شاب عربي في يافا، وأصيب عشرات بجراح، وأقدمت الشرطة على اعتقال أكثر من 2000 عربي.
وقال شبتاي آنذاك إنه يتوقع أن تنفجر أعمال احتجاج عربية عنيفة مشابهة في كل لحظة، لذلك يريد تطوير وحدة شرطية وتحويلها لقوة قادرة على الانتشار بسرعة، خاصة في نقاط الاحتكاك. وأوضح أنه سيبدأ العمل على زيادة عناصر الاحتياط لوحدة حرس الحدود بـ350 عنصراً جديداً، وبعدها يشَكل 3 كتائب احتياط جديدة، يتم استدعاؤها عند انفجار موجات احتجاج عنيفة.
هذه الفكرة طرحت في لجنة الفحص الحكومية التي تأسست في الجيش الإسرائيلي، لفحص أحداث الحرب الأخيرة على غزة. وتحولت من وحدة قمع صغيرة في الشرطة إلى تشكيل لواء عسكري يعمل كحرس قومي، شبيه بالحرس القومي في الولايات المتحدة، يكون قوامه 13 ألف عنصر يتدربون على «قمع الشغب الذي يهدد أمن الدولة في حالات الطوارئ». وتبين أن عدداً من ضباط الجيش ينظرون إلى العرب في إسرائيل كطابور خامس يهدد أمن إسرائيل من الداخل في وقت الحرب. وحذّر قائد شعبة التكنولوجيا واللوجستيك في الجيش الإسرائيلي، اللواء إسحاق تُرجمان، من أنّه «في الحرب المقبلة لن تمر قوافل الجيش الإسرائيلي في وادي عارة ضمن أراضي 48. تحسباً من أعمال شغب للعرب هناك».
وبناء على ذلك، بادر النائب كيش لطرح مشروع قانون لإقامة الحرس القومي، خصيصاً لقمع احتجاجات العرب، وتم تمرير المشروع في لجنة القانون في الحكومة. واتضح أن حزبين في الائتلاف يعارضان المشروع، هما ميرتس والحركة الإسلامية، اللذان يخشيان من معارضة الجمهور العربي واليساري، كما حصل عندما أيّدا في الشهر الماضي تعديلين في قانون خدمات الأمن، يختص الأول بإمكانية رفد مصلحة السجون بجنود أنهوا خدمتهم الإلزامية، لتأمين أقسام الأسرى الفلسطينيين من دون حاجة لتأهيل إضافي (تعديل رقم 9)، والتعديل رقم 7 الذي يسمح أيضاً باستيعاب جنود أنهوا الخدمة العسكرية، ونقل قوات من حرس الحدود لصالح عمليات تأمين الوضع الداخلي في حالات الطوارئ.
وقرّر كيش، أمس، العمل على تسريع طرح قانون الحرس القومي، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تفسخ في الائتلاف الحكومي.
وحسب مشروعه، ينبغي أن يكون هذا الحرس مؤلفاً من يهود بالأساس، وأن يتضمن بنداً يوجب أن يكون عضو الحرس قد خدم في الجيش الإسرائيلي 11 شهراً على الأقل. وقال: «للأسف، نحن نشهد انفلاتاً للعنف العربي ضد الشرطة وغيرها من قوات الأمن».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.