مطالبات سودانية بتوسيع المبادرة الأممية

«الحرية والتغيير» يدعو إلى دستور جديد يبعد الجيش عن السياسة

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بعودة الحكم المدني 13 يناير (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بعودة الحكم المدني 13 يناير (أ.ف.ب)
TT

مطالبات سودانية بتوسيع المبادرة الأممية

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بعودة الحكم المدني 13 يناير (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بعودة الحكم المدني 13 يناير (أ.ف.ب)

دعا المجلس المركزي لتحالف «الحرية والتغيير» في السودان إلى توسيع مبادرة الأمم المتحدة لحلّ الأزمة في البلاد، عبر إشراك دول الترويكا والاتحاد الأوروبي ودول الجوار العربي والأفريقي، بهدف إحداث اختراق يفضي إلى إنهاء سيطرة الجيش على حكم السودان، بالإضافة إلى سنّ دستور جديد يستعيد مسار التحول إلى النظام الديمقراطي وإبعاد الجيش عن السياسة.
وسلّم وفد التحالف، أمس، رئيس البعثة الأممية في السودان «يونيتامس»، فولكر بيرتس، رؤيته الكاملة بخصوص العملية السياسية في البلاد خلال المرحلة الانتقالية، مشدداً فيها على ضرورة ابتعاد المؤسسة العسكرية عن العمل السياسي لكي تتفرغ لمهمتها الحقيقية في حماية حدود البلاد وشعبها ودستورها ونظام الحكم فيها.
وقال المتحدث باسم «الحرية والتغيير» وجدي صالح، في مؤتمر صحافي، أمس، إن التحالف، الذي يضم عدداً كبيراً من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، قرر «التعاطي الإيجابي مع المبادرة الأممية، وينظر بتقدير للفاعلين الدوليين الذين أعلنوا مواقف مناهضة لانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، داعياً إلى استمرار الحراك الشعبي السلمي حتى تحقيق أهدافه في التحوّل إلى الديمقراطية والحكم المدني.
وأضاف صالح: «تقدمنا بمقترحات عملية لبعثة الأمم المتحدة لتطوير المبادرة لتصبح فعالة وناجحة في الاستجابة لمطالب الشعب السوداني».
كما دعا تحالف «الحرية والتغيير» إلى توسيع المبادرة «بإنشاء آلية دولية رفيعة المستوى تمثل فيها الأطراف الدولية والإقليمية بشخصيات نافذة، وتضم كلاً من دول الترويكا والاتحاد الأوروبي وتمثيلاً للجيران من الدول العربية والأفريقية، على أن تتولى الأمم المتحدة، عبر ممثل الأمين العام بالبلاد، تقرير الآلية».
وأوضح صالح أن الهدف من إنشاء الآلية هو تقوية المبادرة وتوسيع قاعدة دعمها لتمكينها من إحداث الاختراق اللازم لتبلغ غاياتها وتزويدها بالضمانات اللازمة لتنفيذ مخرجاتها النهائية، مشدداً على ضرورة تحديد سقف زمني للعملية السياسية وفقاً لإجراءات واضحة لا تسمح بتطويلها أو إفراغها من محتواها».
وأضاف أن التحالف يرى أن أهداف العملية السياسية «يجب أن تكون واضحة في إنهاء الأوضاع الانقلابية، وإقامة ترتيبات دستورية جديدة تستعيد مسار التحول الديمقراطي، وتؤسس لسلطة مدنية كاملة تقود المرحلة الانتقالية وتجهز لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في نهاية المرحلة الانتقالية».
ونوّه صالح إلى أن قضايا الإصلاح الأمني والعسكري تعدّ من أهم مطلوبات التحول المدني الديمقراطي، وضرورة أن ينصّ الوضع الدستوري الجديد على وحدة القوات المسلحة السودانية عبر عملية شاملة تنفذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاقية جوبا للسلام، بحيث تضمن دمج جميع قوات الحركات المسلحة في جيش واحد مهني وقومي ومحترف.
وأكد المتحدث باسم تحالف «الحرية والتغيير» أنه ليس لدى التحالف أي تواصل مع العسكريين، لأن «موقفنا هو عدم التفاوض مع السلطة الانقلابية، ولن نشاركها في أي وضع دستوري مقبل». وأشار إلى أن رؤية «الحرية والتغيير» أن ترحيب الجيش بالمشاورات «لا يكتسب مصداقية، إلا بعد رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ووقف جميع أشكال القتل والعنف والاعتقال التعسفي، وعدم التعرض للمواكب السلمية، ووقف قطع خدمة الإنترنت وإغلاق الجسور»، مضيفاً: «بغير حدوث ذلك، فإن سلطة الانقلاب ستدلل على أنها تريد استخدام هذه العملية (المبادرة الأممية) ليس لحل الأزمة السياسية، بل تريد لتعزيز وشرعنة الوضع الانقلابي الحالي».
كما حدد التحالف القوى السياسية التي يجب أن تشارك في المبادرة، وهي المجلس المركزي لتحالف «الحرية والتغيير»، و«لجان المقاومة الشعبية» التي تقود الاحتجاجات الشعبية في الشارع، وجماعة «الميثاق الوطني» التي تضم الحركات المسلحة، وأي قوى سياسية أخرى شاركت في ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 التي انتهت بإسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019.
ومن جانبه، قال القيادي في التحالف وزير شؤون مجلس الوزراء السابق، خالد عمر يوسف، على صفحته الرسمية في «فيسبوك»، إن البعثة الأممية طلبت تصوراً حول الترتيبات الدستورية الجديدة المؤسسة للسلطة المدنية الكاملة التي طرحها تحالف «الحرية والتغيير». وأضاف أن هذا التصور سيعدّه التحالف عبر نقاشات واسعة مع كل قوى الثورة، مؤكداً أن «الحرية والتغيير» لن يسمح لأي عملية أن تقسّم الشارع أو تحيده عن أهدافه في تحقيق الحكم المدني الديمقراطي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».